بخطط وقرارات عسكرية واقتصادية، تسعى ألمانيا وكندا إلى التحصن وتفادي تداعيات الحرب في أوكرانيا على الداخل المحلي.
ففيما قرّر البلدان زيادة إنفاقهما العسكري خشية أي تحرك روسي محتمل، وضعت أوتاوا خططا لزيادة صادراتها من النفط، كما تخطط برلين لتخزين كميات كافية من الغاز قبل الشتاء المقبل.
بخطط وقرارات عسكرية واقتصادية، تسعى ألمانيا وكندا إلى التحصن وتفادي تداعيات الحرب في أوكرانيا على الداخل المحلي.
ففيما قرّر البلدان زيادة إنفاقهما العسكري خشية أي تحرك روسي محتمل، وضعت أوتاوا خططا لزيادة صادراتها من النفط، كما تخطط برلين لتخزين كميات كافية من الغاز قبل الشتاء المقبل.
كندا تتحصن اقتصاديّا وعسكريّا
قررت الحكومة الكندية زيادة إنفاقها العسكري 6.4 مليارات دولار أميركي، ولمدة 5 سنوات، على خلفية الحرب الأوكرانية.
وتقول وزيرة المالية الكندية، كريستيا فريلاند، إنه “سننفق على الدفاع أكثر مما توقعنا قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا”، وفقا لوكالة “فرانس برس”.
وتابعت أن “نسبة الإنفاق الدفاعي هذه لن تسمح لأوتاوا بالوصول إلى الهدف الذي يريده حلف الناتو، وهو إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على التسلح لكل بلد عضو”.
وطبقا لصحيفة “تورنتو ستار” الكندية، فإن “أنظمة الدفاع الجوية لدى كندا قديمة، وليست قادرة على مواجهة الصواريخ الروسية الجديدة”، مشيرة إلى أن” ذلك سيتجاوز 20 مليار دولار”.
يقول خبراء إن نظام محطات الرادار الأرضية، والمصممة لاكتشاف الطائرات القاذفة الروسية التي تقترب من الأراضي الكندية، يجب أن يتم تجديده بالكامل.
وفي هذا المنحى، يقول رئيس مركز الأبحاث في مجال الدفاع بجامعة مانيتوبا الكندية، جيمس فيرغيوسون، إن “هذه الرادارات ليست قديمة فحسب، بل غير قادرة على تجاوز التهديدات الجديدة خلال الأعوام العشرة الماضية”.
ويضيف: “نحتاج حقّا إلى التفكير في الدفاع في أميركا الشمالية بطريقة مغايرة، كما أن العملية الروسية أدت إلى إبراز ذلك، وأن ذلك التهديد كان الأكثر حدة في المدى القصير”.
إنتاج النفط وأسعار الغذاء
واقتصاديّا، تُخطِّط كندا لزيادة صادرات النفط والغاز بنحو 300 ألف برميل يوميّا بحلول نهاية العام الجاري في أعقاب الأزمة الأوكرانية.
ويقول وزير الموارد الطبيعية، جوناثان ويلكينسون، إن بلاده تدرس استبدال الغاز الطبيعي المسال من كندا بالغاز الروسي، بعد الطلبات الأوروبية، حسب وكالة “رويترز”.
وتصدّر كندا -رابع أكبر منتج للنفط الخام عالميّا- في الوقت الحالي نحو 4 ملايين برميل يوميّا من النفط إلى الولايات المتحدة، ويُعاد تصدير جزء صغير منها إلى الخارج.
أما وزير البيئة ستيفن جيلبو، فيقول إن المشروع النفطي المسمّى “باي دو نور” سيتيح استخراج 300 مليون برميل خلال 30 عاما من حقل قبالة سواحل مقاطعة نيوفاوندلاند الكندية المطلة على المحيط الأطلسي.
وسجل معدل التضخم في كندا أعلى مستوى منذ عدة عقود عند 5.7 في المائة الشهر الماضي، كما ارتفع سعر البنزين وسلع البقالة والسكن، وفقا لهيئة الإحصاء الكندية.
أما وكالة “بلومبيرغ”، فتقول إن الصراع الجيوسياسي بسبب الأزمة الأوكرانية أدى إلى حالة عدم اليقين بإمدادات النفط العالمية، وهو ما زاد الضغط على الأسعار.
يقول كبير محللي الطاقة في منظمة السلام الكندية، كيث ستيوارت، إن “الحل هو تسريع التحول عن الوقود الأحفوري من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة والكفاءة”.
قرارات ألمانيا
أما ألمانيا، فعلى الصعيد العسكري، وافقت لجنة الدفاع في البرلمان على صفقة طائرات مسيّرة مسلحة، وهي سابقة في تاريخ البلاد.
ووفقا لوكالة “فرانس برس” فسيتم شراء 140 طائرة مسيّرة إسرائيلية الصنع من طراز “هيرون تي بي”، وتبلغ القيمة الإجمالية للصفقة 152.6 ملايين يورو، وينتظر أن تسلم المعدات في غضون عامين.
وستستخدم الطائرات المسيّرة “للمساهمة في حماية العسكريين العاملين في الخارج”، حسب الوثيقة التي أعدتها وزارة الدفاع الألمانية.
وبعد سنوات من نقص الاستثمار في الجيش، شهدت ألمانيا منعطفا تاريخيّا في نهاية فبراير الماضي، بسبب الحرب بأوكرانيا التي مثلت نقطة تحول عسكري في البلاد.
وعلى إثر ذلك، قرر المستشار الألماني أولاف شولتس، تخصيص 100 مليار يورو لتحديث الجيش، وإنفاق ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي كل عام في مجال الأمن والدفاع.
كما تدرس برلين اقتناء نظام إسرائيلي للدفاع الجوي من طراز “القبة الحديدية“.
ويقول المحلل السياسي عبدالمسيح الشامي، إن زيادة مستوى التسليح والإنفاق العسكري لألمانيا مطلب أميركي بالأساس، كما أن الإنفاق الألماني سيكون ضمن إطار حلف الناتو.
ويضيف لـ”سكاي نيوز عربية” أن زيادة الإنفاق العسكري ستضيف أعباء إضافية على الحكومة الألمانية، بعد وباء “كورونا” وتراجع النمو الاقتصادي، لافتا إلى أن “هناك تخوفا في الشارع الألماني من عدم وجود بدائل للطاقة الروسية حتى الآن”.
واقتصاديّا، أعلنت الحكومة الألمانية اعتزامها التحرك إذا لم تنجح شركات تشغيل مستودعات الغاز الطبيعي في تخزين كميات كافية منه قبل حلول موسم ذروة الاستهلاك في الشتاء المقبل.
وتستهدف برلين خفض حصة الغاز الروسي من إجمالي وارداتها من الوقود إلى 10% بحلول منتصف 2024، مقابل نحو 40% من الواردات حاليّا.
ووفقا للقواعد الجديدة التي أقرها مجلس الولايات بالبرلمان الألماني، وستدخل حيز التطبيق مايو المقبل، سيكون على شركات تشغيل المستودعات ضمان ملئها بنسبة 90% من طاقتها بحلول أول نوفمبر من كل عام.
وحسب روبرت هابيك وزير الاقتصاد الألماني، فالقانون الجديد جزء من تحركات الحكومة لتأمين إمدادات الطاقة في أعقاب الحرب الحالية.
ووفقا للقانون الجديد، يجب ملء مستودعات الغاز الطبيعي في ألمانيا بنسبة 80% من طاقتها الاستيعابية بحلول أول أكتوبر، والسماح بالسحب منها لتنخفض الكمية إلى 40% بحلول أول فبراير من كل عام، وفقا لوكالة “بلومبيرغ”.
وعلى مستخدمي المستودعات استخدام كامل الطاقة الاستيعابية التي يحجزونها، وإلا سيتم إلغاء الحجز وسحب هذه الطاقة منهم، وفقا لهذا القانون.
ويقدر خبراء أن الخسائر الاقتصادية لألمانيا قد تصل لنحو 3% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي.