بَدَا الحي المغاربي في مونتريال مهجوراً دقائق قليلة قبل نهاية المباراة التي جمعت السبت الماضي منتخب المغرب لكرة القدم بنظيره البرتغالي في الدوحة لحساب ربع نهائي كأس العالم ’’قطر 2022‘‘.
وكان تواجدُ رجال الشرطة، وبعضهم يمتطي جياداً، يشير إلى الهدوء الذي يسبق العاصفة.
واكتظّت مقاهي شارع جان تالون بعشّاق الكرة المستديرة الذين كانوا ينتظرون نهاية هذه المقابلة التي كان المغرب يتقدم فيها بهدف لصفر منذ الدقيقة 42.
وفي حوالي الساعة 12:00 ظهراً، وما إن أطلق الحكم صافرة نهاية المباراة، امتلأ الشارع الرئيسي للحيّ المغاربي بالمشجّعين من شباب وكبار يرفعون الأعلام المغربية. ولوّح آخرون بالأعلام التونسية أو الجزائرية وحتى الفلسطينية.
وأطلق بعضهم ألعاباً نارية.
لقد حقق المنتخب المغربي لتوّه ما لم يتمكن أي فريق أفريقي أو عربي آخر من تحقيقه في تاريخ المونديال بأكمله: التأهل إلى الدور النصف النهائي.
وكانت منتخبات أفريقية أخرى قد تأهلت في الماضي ، لكنها لم تتجاوز دور الثمانية: الكاميرون في 1990 ، والسنغال في 2002 ، وغانا في 2010.
وتحدّث راديو كندا الدولي مع مُحسن حَبيدة، أحد المشجّعين المشاركين في الاحتفال بفوز المنتخب المغربي. وقال الشاب إنه ’’لا يجد الكلمات للتعبير عن فرحته.‘‘
هذه لحظة تاريخية. تنقصني الكلمات للتعبير عن فرحتي.
نقلا عن محسن حَبيدة
وبالنسبة لهذا الشاب المولود في مدينة الدار البيضاء في المغرب إنّ ’’الطريقة التي لعب بها الفريق المغربي أظهرت أنه لم يواجه صعوبة. وتطلب الأمر الانضباط والشجاعة للفوز.‘‘
واعترف أنه في بداية كأس العالم لم يكن يتوقع مثل هذا المسار للفريق المغربي.
ويضيف الشاب الذي هاجر مع والديه إلى كندا قبل 13 عاماً: ’’بعد المباراة ضد بلجيكا [التي فاز بها المغرب بنتيجة 2 إلى 0] قلت لنفسي إن كل شيء ممكن مع قليل من الإرادة.‘‘
وبالنسبة له، منذ تلك اللحظة ’’لم يعد تواجد المغرب في المقابلة النهائية أمراً مستحيلاً.‘‘
في أماكن عدّة من مونتريال
وتجمّع أنصار المنتخب المغربي في أماكن مختلفة بمونتريال لمتابعة المباراة.
هشام وزوجته قَمَر مغربيان. اختارا الذهاب إلى مقهى ’’هاشتاغ لاونج‘‘ (Café Hashtag Lounge) الواقع في وسط المدينة لمشاهدة المباراة.
أتابع مباريات كرة القدم عندما يلعب المنتخب المغربي.
نقلا عن قمر
وأكّد الزوجان أنهما يفضلان مشاهدة المباراة في مكان عام بدلاً من المنزل. ’’نفضّل ذلك من أجل الجو. نريد أن نشارك فرحتنا مع الآخرين‘‘، كما أضاف هشام قبل أن تذكره زوجته بأنها ’’لا تريد إزعاج الجيران أيضاً.‘‘
وبسبب فارق التوقيت مع قطر، بدأت مباراة المغرب والبرتغال الساعة 10:00 صباحا في مونتريال.
والزوجان صديقان لصاحب المقهى ياسين حبيبي. وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي ، يتذكر هذا الأخير بفخر أنه ينظم عروضاً لمشاهدة مباريات المنتخب المغربي ’’منذ فترة طويلة.‘‘
وللتمكّن من مشاهدة المباراة في هذا المقهى، يجب الحجز مسبقاً. ويستعمل ياسين حبيبي مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لمقهاه وللأحداث المرتبطة بكأس العالم التي ينظّمها.
ويوضح أنه بالكاد استطاع أن ينام الليلة الماضية وهو يستعدّ لاستقبال زبائنه لمتابعة مقابلة ربع نهائي كأس العالم.
وقبل انطلاق المباراة، أبدى ياسين حبيبي الذي يعيش في كندا منذ عشر سنوات، ثقته في المنتخب المغربي. وقبل أن ينهي حديثه مع راديو كندا الدولي ويعود لعملائه، قال : ’’منذ بداية كأس العالم وأنا أثق في فريقنا الوطني’’.
حي شمال مونتريال
وفي حيّ شمال مونتريال، تجمّع ما يقرب من 500 من مشجّعي الفريق المغربي في قاعة الألعاب الرياضية للمركز الترفيهي.
نظّمت الحدث مجموعة ’’أطلس ميديا’’ (Atlas Média) التي تُصدر صحيفة ’’أطلس مونتريال‘‘ (Atlas Montréal) بالإضافة إلى موقع إلكتروني يغطي أخبار الجالية المغاربية، بالتعاون مع مركز النور المجتمعي ودائرة شمال مونتريال.
وأوضح رشيد نجاحي، المدير العام لمجموعة أطلس ميديا، أنّ ’’هناك العديد من الأماكن التي تبث المباراة عبر كيبيك وكندا ، ولكن هناك دائمًا مشكلة في مواقف السيارات. وقد اخترنا حي شمال مونتريال لأن لدينا موقف سيارات كبيراً خلف مركز الترفيه.‘‘
وللإشارة، تعيش جالية مغربية كبيرة في هذه المنطقة.
وأضاف أن ’’ما يقرب من 250 ألف مغربي يعيشون في كندا. 70 إلى 75٪ منهم في كيبيك.‘‘
وعند وصول راديو كندا الدولي إلى قاعة الألعاب الرياضية، كان اللاعب المغربي يوسف النصيري قد سجل للتوّ الهدف الذي أهّل المغرب للدور نصف النهائي.
وعمّت الفرحة والأهازيج القاعة.
سناء ويسرا ومونية ثلاث صديقات من أنصار المنتخب المغربي كنّ يحتفلن بهذا الهدف.
وكان على راديو كندا الدولي الانتظار حتى نهاية الشوط الأول للحديث معهنّ.
وقالت يسرا إنها ’’من مُحبّي كرة القدم والمغرب وأفريقيا والعالم العربي. بالنسبة لي، هذه المباراة ليست مجرد لعبة ، إنها رسالة أمل. كلّ من لديه العزيمة ويعمل بجدّ، يمكنه تحقيق أحلامه.‘‘
وأضافت صديقتها مونية أنها لا تشاهد كرة القدم ’’إلّا من أجل المغرب. أنا أنتظر كأس العالم.‘‘
ومن جانبها، قالت سناء إنها لا تشاهد مباريات كرة القدم أبداً. ’’تسبّب لي الضغط، لكن بفضل أسود الأطلس [فريق المغرب لكرة القدم] بدأت في متابعة هذه الرياضة.‘‘
البرتغال
وقبل بدء المباراة، سمحت جولة في الحي البرتغالي في مونتريال لراديو كندا الدولي بالاطلاع على الحالة الذهنية لمشجعي منتخب البرتغال.
في مقهى ’’كافيه سنترال بورتوغيه‘‘ (Café Central Portugais)، كانت كلّ الأماكن مشغولة حيث كان الحضور يستعدّون لمتابعة المقابلة على الشاشات الكبيرة.
ولم يُزعج الحاضرين قرارُ المدرب البرتغالي بعدم إدخال النجم العالمي كريستيانو رونالدو في بداية المباراة. وقال أحد المشجعين لراديو كندا الدولي :’’سيسمح ذلك بالحفاظ على رونالدو لبقيّة المقابلة.‘‘
استراتيجية لم تؤتِ ثمارها وانتهت بخسارة البرتغال وإقصائه وتأهّل المغرب.