تحوِّل وادٍ متجمد بالقرب من مدينة شيساسيبي الصغيرة في شمال غرب مقاطعة كيبيك، وسكانُها من شعب الكري من سكان كندا الأصليين، إلى ساحة معركة في إطار تدريب عسكري الأسبوع الماضي، وفق تقرير نشره اليوم موقع راديو كندا.
وشارك نحو من 200 عنصر من اللواء الكندي الـ34، مزوَّدين بذخائر خلبية ونظارات تزلج وأحذية خاصة للثلج، في هذه المناورة التي واجهوا فيها أعداء وهميين.
وكان الهدف من التمرين تدريب الجنود على العمل في بيئة المنطقة القطبية الشمالية والاستعداد للدفاع عن السيادة الكندية في حال نشوب نزاع مسلح في الشمال الكندي الأقصى.
’’كان البرد أصعب شيء‘‘، يقول السرجنت (الرقيب) ماثيو فوريستر، ’’كما أنّ عمق الثلوج جعل من الصعب التنقل في الوادي بأحذية الثلج‘‘.
علينا أن نتدرّب على تقنياتنا. نتدرّب منذ سنة لنكون مستعدين لبيئة من هذا النوع.نقلا عن السرجنت في القوات المسلحة الكندية ماثيو فوريستر

وغالباً ما تتم الأنشطة العسكرية الكندية في الشمال الأقصى بالقرب من مجتمعات السكان الأصليين. وتشير القوات المسلحة الكندية إلى أنها تستفيد من المعارف التقليدية لهذه المجتمعات.
تأكيد السيادة الكندية في الشمال الأقصى
وكان وزير الدفاع الوطني بيل بلير قد أعلن الأسبوع الماضي أنّ الحكومة الكندية ستضاعف إنفاقها على البنى التحتية العسكرية الشمالية عشر مرات على مدى السنوات العشرين المقبلة.
وبالإضافة إلى ذلك، تخطط الحكومة لبناء ثلاثة مراكز للدعم العملياتي في كلّ من إيكالويت، عاصمة إقليم نونافوت، ويلونايف، عاصمة الأقاليم الشمالية الغربية، وإينوفيك الواقعة ضمن الدائرة القطبية الشمالية في الإقليم المذكور الذي يحمل اسماً بصيغة الجمع.

ويقول البروفيسور ستيفان روسيل من المعهد الوطني للإدارة العامة (ÉNAP) في مونتريال، وهو خبير في السياسة الخارجية والسياسة الدفاعية لكندا، إنه بعد أن غزت القوات الروسية أوكرانيا في عام 2022، بدأت كندا وحلفاؤها في المنطقة القطبية الشمالية في إعادة تقييم مدى ضعفهم العسكري في المنطقة.
’’نحن نعلم أنّ للروس تواجداً كبيراً في الجزء الخاص بهم من المنطقة القطبية الشمالية، وأنّ لديهم الكثير من البنى التحتية وأنهم نشروا الكثير من القوات في هذه المنطقة‘‘، يقول روسيل.
ووضع الغزو العسكري الروسي الواسع النطاق لأوكرانيا في 24 شباط (فبراير) 2022 حداً للتعاون في المنطقة القطبية الشمالية بين موسكو والدول المطلة على المنطقة، لاسيما مع أيسلندا والدنمارك (التي تتبع لها جزيرة غرينلاند) والسويد وفنلندا والنرويج والولايات المتحدة.
ويعتقد روسيل أنّ تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتكررة عن ضمّ افتراضي لكندا إلى بلاده، فتصبح ’’الولاية الـ51‘‘، تخلق مناخاً من عدم اليقين ولعبت دوراً في دفع كندا إلى السعي لإعادة تأكيد سيادتها على منطقتها الشمالية الواسعة.

ووفقاً لروسيل، قد ترغب إدارة ترامب في الطعن في مطالب كندا في أجزاء معينة من المنطقة القطبية الشمالية، لا سيما في الممرّ الشمالي الغربي.
ويعبر هذا الممر الملاحي الأرخبيل الكندي في المنطقة القطبية الشمالية، ممتداً من شمال جزيرة بافين إلى بحر بوفورت، وهو بحر هامشي من المحيط المتجمّد الشمالي يقع إلى الشمال من الأقاليم الشمالية الغربية الكندية وإقليم يوكون الكندي وولاية ألاسكا الأميركية.
وفي عام 2019، خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب، اتّهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كندا، خلال الاجتماع الوزاري الحادي عشر لمجلس المنطقة القطبية الشمالية في فنلندا، بالمطالبة غير المشروعة بالممرّ الشمالي الغربي كمياهٍ داخلية.
’’من المحتمل أنّ إدارة ترامب ترغب في إحياء هذه النزاعات والطعن علناً في المطالبات الكندية في هذه المنطقة‘‘، يرى روسيل.
ويضيف الأستاذ الجامعي أنه من المهم أنّ يتواجد الجيش الكندي في هذه المنطقة، ليس فقط من أجل المهام القتالية ولكن أيضاً لفرض القوانين الكندية.
(نقلاً عن مقال أطول على موقع راديو كندا (نافذة جديدة)، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)