مباشرة بعد هجوم حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري تَواصَل جهاز شرطة بلدية مونتريال (SPVM) على الفور مع زعماء الجاليات الإسلامية واليهودية في مونتريال.
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي ، أكّد فادي داغر، مدير شرطة مونتريال، أنه ’’منذ بداية الأحداث [في الشرق الأوسط]، كنّا نعلم أن الأمر سيكون طويل الأمد. وأنه من شأنه أن يشعل الألم العميق في كلا المجتمعين.‘‘
وتم تنظيم عدة لقاءات مع زعماء كلا الجاليتين على حدة بحضور مدير جهاز الشرطة ومساعديه.
’’أخبرَنا هؤلاء الزعماء عن شعور هائل بالخوف داخل مجتمعاتهم و قلق على أحبائهم هناك [في غزة وإسرائيل]‘‘، كما أوضح فادي داغر.
وبدأت الشرطة في التفكير في تداعيات الصراع على هذه الجاليات في كندا والتي من شأنها أن تؤدي إلى أعمال كراهية أو عنف.
طالبت كل جالية بتعزيز حضور وظهور الشرطة بالإضافة إلى المزيد من التواصل مع جهاز شرطة مونتريال.
نقلا عن فادي داغر، مدير جهاز شرطة بلدية مونتريال
وأوضح هذا الأخير أن الشرطة لن تكون حاضرة فقط أثناء المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين أو الإسرائيليين، بل إن مراكز الشرطة في الأحياء التي يوجد فيها حضور قوي لهذه الجاليات (العربية أو المسلمة أو اليهودية) تتواصل مع قادتها لمعرفة أهم الأحداث لهذه الجاليات، مثل المناسبات الدينية، لتعزيز ظهورها.
ونشر جهاز الشرطة بيانا بعد أيام قليلة من بدء الاضطرابات في الشرق الأوسط أوضح فيه أنه يأخذ ’’الوضع على محمل الجد ويقوم بإجراءات استباقية، حتى لو لم تكن هناك معلومات في هذه المرحلة تشير إلى احتمال وقوع أعمال عنف أو تهديد وشيك في مونتريال.‘‘
ودعا منشور جهاز الشرطة الجمهور لمراجعة صفحة الإنترنت التي أعدّها والتي تشرح كيفية التعرف على حادثة أو جريمة كراهية والإجراء الذي يجب اتباعه للإبلاغ عنها.
ورحّب مجلس الجالية اليهودية في مونتريال (JCC) بالإجراءات المتخذة. وأوضح المتحدث باسم المجلس، كالمان إيمانويل، لراديو كندا الدولي عبر البريد الإلكتروني أن ’’المجلس طلب من جهاز الشرطة المزيد من الدوريات وخطة محددة لتحسين أمن مجتمعنا خلال هذه الفترة الصعبة. ويسعدنا أن نرى استجابة الشرطة بشكل فعال لطلبنا ونود أن نعرب عن امتناننا لتحركها السريع.‘‘
ويضيف المتحدث باسم مجلس الجالية اليهودية في مونتريال أن ’’مجتمعنا يشعر بطبيعة الحال بالتوتر المتزايد بسبب الوضع في إسرائيل. لدى كل فرد في مجتمعنا تقريباً أصدقاء أو أفراد عائلة تأثروا بشكل مباشر بالنزاع. إن ما حدث يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل هو أكبر هجوم تواجهه الطائفة اليهودية منذ المحرقة.‘‘
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي، أكد سامر مجذوب، رئيس المنتدى الإسلامي الكندي (CMF)، أن ’’شرطة مونتريال تقوم بعمل توعوي ممتاز وهي على اتصال مع كلا المجتمعين، اليهودي والمسلم.‘‘
ويرى أن الإسلاموفوبيا تشهد تصاعدا ’’لم نشهده حتى في الأيام التالية لهجمات 11 سبتمبر/أيلول [2001].‘‘
ومن جانبه، أكد كالمان إيمانويل أنه ’’على الرغم من أننا لاحظنا بعض الحوادث المعزولة لأعمال وجرائم الكراهية ضد أفراد المجتمع اليهودي، إلا أننا نود أن نشكر جهاز الشرطة على استجابتها السريعة والفعالة لهذه الحالات.‘‘
ويشجع هذا الأخير أي شخص يشهد مثل هذه الحوادث أو يقع ضحية لها أن يتصل بخدمة الطوارئ 911 على الفور.
وأصدرت أميرة الغوابي، ممثلة كندا الخاصة لمكافحة الإسلاموفوبيا، بياناً الأسبوع الماضي قالت فيه إنّ ’’هناك خوف من عودة الإسلاموفوبيا التي لها أصداء مزعجة من الماضي … [بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول] شعر المسلمون والعرب والأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم ينتمون إلى هذه الجاليات باللوم الجماعي، والصور النمطية وكانوا عرضة للتصنيف العرقي.‘‘
وتحدث فادي داغر عن حوالي 36 جريمة وحادثة كراهية في مونتريال منذ هجوم حماس والتي أثرت على كلا المجتمعين.
وتحقق الشرطة حالياً في كتابات معادية للمسلمين مع صليب معقوف مرسوم على جدار بجوار مركز إسلامي في حي سان ليونار.
وتم اعتقال شخص بسبب تصريحات معادية للسامية خلال مسيرة لدعم إسرائيل.
ووفقا لقناة سي بي سي (القسم الإنكليزي في هيئة الإذاعة الكندية)، في الأيام العشرة الأولى التي أعقبت هجوم حماس، تمّ تسجيل أربع جرائم كراهية ضد المجتمع العربي والإسلامي و12 جريمة ضد المجتمع اليهودي.
وتم تسجيل ما لا يقل عن 11 حادثة كراهية ضد الطائفة الأولى و25 حادثة ضد الثانية.
لكن فادي داغر يشير إلى أن هذه الحوادث أقل عنفاً بكثير من تلك المسجلة في السنوات السابقة. ’’الأمر يتعلق بالشتائم أكثر من الاعتداءات.‘‘
وأشار مدير شرطة مونتريال إلى أن حوادث الكراهية هذه عادة ما تتزايد مع كل حدث دولي كبير.
مع كل حدث [حرب] مثل الذي يجري حالياً، هناك زيادة في إحصائيات جرائم وحوادث الكراهية.
نقلا عن فادي داغر، مدير جهاز شرطة بلدية مونتريال
كما أشار إلى أن ’’هذه المرة، كان عدد حوادث الكراهية أقل قليلا من ذلك الذي يتم تسجيله عادة بعد اندلاع هذا النوع من الأحداث مباشرة.‘‘
لقاء بين اليهود والمسلمين
يخطط مدير جهاز شرطة بلدية مونتريال لتنظيم اجتماع يدعو إليه قادة الجاليتين، اليهودية والمسلمة.
أكّد فادي داغر أنّه يستكشف ’’مع المجتمعيْن إمكانية اجتماع معهما وربما سيكون هناك مؤتمر صحفي مشترك.‘‘
بالنسبة له، فإن هذا اللقاء سيعطي ’’رسالة أمل لكلا المعسكرين مفادها أنه إذا اختار البعض العنف، فإن هناك من اختار السلام وأن هناك طريقة لاحترام بعضهم البعض من خلال محاولة إيجاد السلام معًا.‘‘
واستعان فادي داغر، الذي ولد ونشأ في ساحل العاج لأبوين من لبنان، بالخطاب الذي ألقاه رئيس ساحل العاج السابق فيليكس هوفويت بوانيي في الأمم المتحدة عام 1976 والذي قال فيه إن ’’السلام ليس كلمة، إنه سلوك.‘‘
ويقول سامر مجذوب، رئيس المنتدى الإسلامي الكندي، إنه لا يتردد ’’في المشاركة ونحن نشجع هذا النوع من اللقاءات، لأننا في نهاية المطاف، جميعنا أبناء هذه المدينة التي تبعد 14 ألف ميل عن مسرح الأحداث [الشرق الأوسط]. ليس لدينا مصلحة في استيراد الصراع.‘‘
وقال كالمان إيمانويل، المتحدث باسم مجلس الجالية اليهودية في مونتريال، إنه يؤيد بقوة ’’فكرة مدير الشرطة فادي داغر لتنظيم لقاء بين زعماء الطائفتين اليهودية والمسلمة في مونتريال. نحن نؤمن بالعمل بشكل وثيق مع جميع المجتمعات لتعزيز السلام والأمن لجميع سكان مونتريال. على مر السنين، أنشأنا علاقات إيجابية مع العديد من القادة من مختلف المجتمعات وشاركنا في مناقشات حول العديد من القضايا.‘‘