الناشط السياسي والمدوّن المصري البارز علاء عبد الفتاح الذي دخل الأحد يومه المائة في إضرابه عن الطعام، هو أشهر المعتقلين السياسيين في مصر، وقد سُجن في ظل حكم أربع حكومات على مدار العقدين الماضيين.
كان عبد الفتاح، المبرمج المعلوماتي البالغ من العمر 40 عاما، من النشطاء الذين أطلق عليهم “أيقونة ثورة 25 يناير”، إذ برز دوره في انتفاضة المصريين عام 2011 حين أسقطوا نظام الرئيس الراحل حسني مبارك.
سُجن عبد الفتاح، الذي حصل مؤخرا على الجنسية البريطانية، لأول مرة عام 2006 تحت حكم مبارك، ثم اعتُقل مرة أخرى عام 2011 خلال فترة تولي المجلس العسكري بقيادة وزير الدفاع المصري آنذاك المشير حسين طنطاوي ادارة البلاد.
وفي عام 2013، أوقف عبد الفتاح مرتين: الأولى في آذار/مارس تحت حكم الرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي، والثانية في تشرين الثاني/نوفمبر بعد أربعة أشهر من إطاحة الجيش نظام مرسي، بقيادة وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، قبل أن يصبح رئيسا للبلاد.
التظاهر بدون تصريح
منذ ذلك الحين تقريبا يقبع عبد الفتاح السجون المصرية، فقد قضى عقوبة حبس فترتها خمس سنوات بتهمة “التظاهر بدون تصريح”، وأُفرج عنه في آذار/مارس 2019 قبل أن يتم اعتقاله مجددا في أيلول/سبتمبر من العام نفسه وحتى اليوم.
وقال الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث، الذي أُفرج عنه مطلع العام الجاري بعد توقيفه لأكثر من 900 يوم، إن “علاء كان معروف بنضاله ضد محاكمة المدنيين عسكريا”. وأضاف شعث أنه “بعد عام 2013 أصبح ترسيخ السلطة العسكرية في مصر تحديا غير مقبول”.
ويقضي عبد الفتاح حاليا عقوبة سجن مدتها خمس سنوات بتهمة “نشر أخبار كاذبة”، وهو اتهام كثيرا ما يوجّه ضد المعارضين في مصر على مدار الأعوام الأخيرة.
في حزيران/يونيو 2019، أجرت وكالة فرانس برس مقابلة مع عبد الفتاح في الفترة الوجيزة التي نال فيها حريته وقال “هم (السلطات) غالباً لا يتعاملون معنا على أننا بشر، ولكن على أننا كائنات سياسية تسبب لهم صداعا”. وأضاف “يريدونني أن أكون مقهورا لدرجة أن أتلاشى تقريبا، وحقيقة لا أعرف كيف سينتهي هذا الأمر”.
أسرة حقوقية
وتقدر المنظمات الحقوقية عدد السجناء السياسيين في مصر بنحو 60 ألف سجين، إلا أن السيسي دائما ما ينفي ذلك. ويرى شعث أن “النظام يريد كسر علاء لكسر ارادة كل المصريين”.
ولد علاء عبد الفتاح عام 1981، في أسرة حقوقية فهو نجل المحامي المصري البارز في مجال حقوق الإنسان أحمد سيف الدين، ووالدته أستاذة الرياضيات بجامعة القاهرة والناشطة السياسية ليلى سويف.
لدى عبد الفتاح شقيقتان هما منى وسناء واللتان تعدا من أبرز النشطاء الحقوقيين في مصر وأكبر الداعمين له من خلال حشد الجهود لإطلاع المجتمع الدولي على قضيته ومتابعتها.
ولم يكن عبد الفتاح الوحيد في الأسرة الذي عانى الحبس في السجون المصرية، فقد عوقبت شقيقته سناء بالسجن مرتين تحت حكم السيسي في 2014 وتم الإفراج عنها بعد أن شملها قرارا رئاسيا بالعفو مع 100 شخص آخرين، وفي عام 2020 لمدة عام ونصف بتهمة “نشر أخبار كاذبة”.
لم يَحرم السجن عبد الفتاح من حريته فقط، بل أضاع عليه مناسبات عديدة تمنى حضورها، ففي عام 2011، وبينما كان عبد الفتاح محتجزا بتهمة “التحريض على العنف”، وُلد نجله وأسماه خالد على اسم خالد سعيد الشاب المصري الذي، قُتل عام 2010 نتيجة قمع الشرطة وكان سببا رئيسيا في تحريك تظاهرات 25 كانون الثاني/يناير. وفي عام 2014، تُوفي والد عبد الفتاح بعد أن أمضى أعوامه الأخيرة بين أروقة المحاكم في محاولة لإطلاق سراح علاء وسناء.
“الحرية لعلاء”، هو اسم مدونة الكترونية أطلقت عام 2006 للمطالبة بالإفراج عن عبد الفتاح، واليوم وبعد مرور 16 عاما ينتشر على منصات التواصل الاجتماعي وسما يحمل الاسم نفسه ولذات المطلب.
لجنة دعم
في الأثناء، دعت لجنة دعم علاء عبد الفتاح، السجين السياسي البارز في مصر الولايات المتحدة إلى التدخّل للإفراج عنه. ويقول أقرباؤه إنه يكتفي منذ مائة يوم بـ”مائة سعرة حرارية في اليوم أي بملعقة من العسل وببعض من الحليب في الشاي”.
وأعلنت شقيقته سناء أنها ستحمل قضيته إلى واشنطن الإثنين في حين يجري الرئيس الأميركي الأسبوع المقبل جولة شرق أوسطية ستقوده إلى السعودية حيث يلتقي عددا من المسؤولين العرب، بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وشقيقته الثانية منى التي تحذّر على الدوام من المصير الذي يتهدّد أكثر من 60 ألف معتقل سياسي في مصر، تجمع منذ أشهر رسائل دعم من نواب في لندن وبرلين وبروكسل.
ومنذ اعتقاله في أيلول/سبتمبر 2019، لم يتمكن بحسب أسرته من النوم على مرتبة أو تسلم كتب إلاّ الشهر الماضي عندما نُقل إلى سجن وادي النطرون الذي بني حديثًا في شمال غرب القاهرة.
وجاء في بيان اللجنة الداعمة له أنّ عبد الفتاح سيواصل الإضراب عن الطعام “ما لم يتلقَّ زيارة قنصلية من السلطات البريطانية”، علما بأنه حصل أثناء احتجازه على الجنسية البريطانية. وفي نهاية حزيران/يونيو أكدت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس “العمل بجد” لإطلاق المعارض البريطاني-المصري.
وفي منتصف حزيران/يونيو، جاء في بيان لنائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية آمنة القلالي أن “السلطات المصرية تعلم أن علاء رمز للمقاومة والحرية (…) اعتقاله الجائر يبعث برسالة واضحة للنشطاء الآخرين ويلقي بظلاله على الاستعدادات لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الذي تستضيفه مصر هذا العام”.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش انتقدت عقد مؤتمر الأمم المتحدة المقبل حول تغير المناخ في مصر، ووصفته بأنه “مكافأة” لسلطة السيسي “القمعية”.
المصادر الإضافية • أ ف ب