أصبح العثور على مسكن بأسعار معقولة أمراً صعباً بشكل متزايد لملايين الكنديين ومن بينهم العديد من الطلاب الذين، بحكم اضطرارهم لتغيير مكان سكنهم، يجهدون من أجل العثور على مسكن لبدء الدراسة ما بعد الثانوية.
من جهتها خططت الحكومة الفدرالية لإنفاق أكثر من 82 مليار دولار بحلول عام 2028 لبناء نحو 160 ألف وحدة سكنية، لكن المعروض الحالي لا يكفي لتلبية الطلب المتزايد.
في العام الماضي لم يتمكن الطالب جيريمي مينيو، ابن مدينة أبتون في مقاطعة كيبيك، من العثور على مسكن في الوقت المناسب لدخول جامعة كيبيك في تروا ريفيير (UQTR).
’’كنت أقود سيارتي من منزل أحد الأصدقاء. كان يقيم على بعد حوالي 45 دقيقة من الجامعة، ولم يكن باستطاعتي البقاء عنده خلال عطلة نهاية الأسبوع‘‘، يروي مينيو.
وعندما وجد أخيراً شقة، بعد شهرين من بدء الدراسة، اغتنم مينيو الفرصة على الرغم من أنّ الشقة لم تكن تستجيب لمعاييره وكان إيجارها يتخطى بـ150 دولاراً في الشهر ميزانيته المقررة.
قبل جائحة كوفيد-19 كان العثور على مسكن بسعر معقول في مدينة تروا ريفيير إجراءً شكلياً لطلاب الجامعة. لكن منذ عام 2019 أخذ معدل الشغور للشقق المؤجَّرة يتراجع إلى أن بلغ 0,9% الخريف الماضي.
عندما يصل الطالب إلى هنا في آب (أغسطس)، نكون قد بدأنا نقول له ’’ابحث لنفسك عن شقة‘‘ منذ ثمانية أو حتى عشرة أشهر، يشرح رئيس جامعة كيبيك في تروا ريفيير، كريستيان بلانشيت، مضيفاً أنّ مساكن الطلاب البالغ عددها نحو 1.000 في الحرم الجامعي ليست كافية لتلبية الطلب.
ويسبب هذا النقص الكثير من المتاعب للجامعة، فـ36% فقط من طلابها لديهم عنوان دائم على مسافة أقصاها ساعة من الحرم الجامعي.
وبالإضافة إلى ذلك، نسبة الطلاب الدوليين في الجامعة آخذة في النمو: من 11% العام الماضي إلى 14% هذا العام.
’’هذا يشكّل ضغطاً (علينا)‘‘ يضيف رئيس الجامعة، لدرجة أنه يخشى الاضطرار إلى ثني الطلاب المقبولين عن الالتحاق بجامعته بسبب عدم توفر أماكن إقامة، كما هي الحال في جامعة كيبيك في ريموسكي (UQAR).
لكن ’’وحدة العمل لإنشاء سكن الطلاب‘‘ (UTILE) يمكن أن تجنبه هذا السيناريو الكارثي. فبفضل قرض أولي قدره 650 ألف دولار من ’’الرابطة العامة لطلاب جامعة كيبيك في تروا ريفيير‘‘ ستقوم هذه المنظمة غير الربحية بتسليم 180 وحدة سكنية بأسعار معقولة في المدينة.
وسيستقبل المشروع البالغة ميزانيته 29,3 مليون دولار أكثر من 200 طالب في بداية العام الدراسي 2024.
’’هدفنا هو بناء أكبر عدد ممكن من المساكن الطلابية غير الربحية في أسرع وقت ممكن، لتسريع الخروج من الأزمة‘‘، يوضح لوران ليفيك، المؤسس المشارك لوحدة العمل ومديرها العام.
وتفيد دراسة لهذه المنظمة أنّ 1,5 مليون طالب في كندا يقيمون في شقق سكنية وأنّ 64% منهم يخصصون أكثر من 30% من دخلهم السنوي لتغطية الإيجار.
في المجموع تلقت مشاريع المنظمة الأربعة أكثر من 55 مليون دولار من الحكومة الفدرالية، من خلال استراتيجية الإسكان الوطنية.
وتهدف هذه الاستراتيجية، التي أعلنتها حكومة جوستان ترودو الليبرالية عام 2017 وتم تعزيزها في عام 2023، إلى بناء ما يصل إلى 160 ألف مسكن بحلول عام 2028. ولغاية الآن تمّ بناء 106.501 مسكناً من أصل العدد المذكور.
الجامعة رافعة اجتماعية، هي وسيلة لمكافحة الفوارق الاجتماعية، ومن أجل القيام بذلك يجب أن يكون هناك سكن مناسب.
نقلا عن كريستيان بلانشيت، رئيس جامعة كيبيك في تروا ريفيير
وعدم وجود مساكن ميسورة التكلفة بعدد كافٍ قد يؤثّر سلباً على إمكانية الوصول إلى الدراسة الجامعية.
المزيد من المساكن أم عدد أقل من الطلاب الأجانب؟
وزير الإسكان والبنى التحتية والمجتمعات المحلية في الحكومة الفدرالية، شون فرايزر، يتحدث في مؤتمر صحفي وخلفه أعلام كندية.
وزير الإسكان والبنى التحتية والمجتمعات المحلية في الحكومة الفدرالية، شون فرايزر (أرشيف).
وزير الإسكان والبنى التحتية والمجتمعات المحلية في الحكومة الفدرالية، شون فرايزر، يؤكد أنه يعمل على إيجاد حلول.
’’من خلال العمل مع شركاء لإلغاء قواعد إشكالية يمكن إنشاء مساكن جديدة‘‘، يقول فرايزر.
لكنّه لم يستبعد أيضاً إمكانية تحديد حد أقصى لعدد الطلاب الدوليين الذين تستقبلهم كندا لتخفيف الضغط عن سوق الإسكان.
ووفقاً للبيانات الحكومية، استقبلت كندا أكثر من 800 ألف طالب أجنبي العام الماضي.
’’أعتقد أننا بحاجة للتفكير بجدية‘‘، يقول فرايزر، مضيفاً: ’’إذا استمرت (مؤسسات التعليم ما بعد الثانوي) في استقدام طلاب بأعداد قياسية، يتوجب عليها أن تكون جزءاً من الحل من خلال التأكد من أنّ لديهم مكاناً للإقامة‘‘.
ومع ذلك، يحذّر الوزير فرايزر من أنه ينبغي عدم إلقاء اللوم على المهاجرين في موضوع نقص المساكن ذات الأسعار المعقولة.
’’دعونا نعالج السبب الحقيقي للتحديات التي نواجهها ونقر بأنّ الهجرة يمكن أن تكون أداة لجذب العمال الذين نحتاج إليهم لبناء المزيد من المساكن‘‘، يقول فرايزر.
نقلاً عن موقع راديو كندا