جرت أمس مراسم إحياء الذكرى السنوية السادسة للهجوم المسلح على مسجد كيبيك الكبير التابع للمركز الثقافي الإسلامي في العاصمة الكيبيكية، وذلك في قاعة الصلاة التي كانت مسرحاً للجريمة الدامية قبل ست سنوات وبمشاركة رئيس الحكومة الفدرالية، جوستان ترودو، ونائبة رئيس حكومة كيبيك، جونفياف غيلبو، ونواب من أحزاب مختلفة في مجلس العموم في أوتاوا وفي الجمعية الوطنية الكيبيكية.
وهذه أول مرة تُقام فيها مراسم إحياء الذكرى في هذه القاعة التي فتح فيها الشاب أليكساندر بيسونيت النار على المصلين في 29 كانون الثاني (يناير) 2017 موقعاً ستة قتلى وتسعة عشر جريحاً، خمسة منهم إصاباتهم خطرة ومن بينهم رجل أصيب بشلل رباعي.
وهذه العودة إلى قاعة الصلاة تكريماً لذكرى الضحايا ’’معبّرة‘‘ للغاية، وفقاً للجنة المنظمة، فهذا المكان ’’مليء بالعواطف والمعاني‘‘.
’’مرت ست سنوات، لكنّ العلامات التي خلّفها هذا الهجوم لا تُمحى وستظل محفورة إلى الأبد في قلوبنا وذكرياتنا‘‘، قال رئيس المركز الثقافي الإسلامي في كيبيك، محمد العبيدي.
وتحدث العديد من الناجين خلال المراسم، من بينهم أيمن دربالي وسعيد أقجور اللذان يجاهدان من أجل التعافي من هذه المحنة.
على الرغم من الرصاصات السبع التي تلقيتها، لم أفكر مطلقاً في مغادرة مدينة كيبيك.
نقلا عن أيمن دربالي، مصاب بشلل رباعي جراء الهجوم المسلح على مسجد كيبيك الكبير
’’كنت شاهد عيان على هذا المشهد المروع‘‘، روى سعيد أقجور بألم، ’’لكن في هذه الخسارة الفادحة هناك شيء إيجابي، (وهو) وجودي هنا الليلة لأقول ’لا للعنف‘ بفضل إخوتي الذين سقطوا‘‘.
وأجرى العبيدي أمام الحضور تقييماً لنتائج السنوات الست الأخيرة في مجال مكافحة الإسلاموفوبيا.
’’على المستوى الفدرالي، هناك الكثير الذي أُنجز أو هو في طور الإنجاز، مثل ملف الأسلحة النارية وإعلان يوم 29 كانون الثاني (يناير) يوماً وطنياً ضدّ الإسلاموفوبيا. وقد تُوّجت هذه الإجراءات الإيجابية بتعيين كندية مسلمة، أميرة الغوابي، الحاضرة هنا، مسؤولةً عن ملفات مثل مكافحة العنصرية والإسلاموفوبيا‘‘، أضاف العبيدي.
كما أشاد العبيدي بمبادرات بلدية كيبيك، سواءً مع العمدة السابق ريجيس لابوم أو العمدة الحالي برونو مارشان.
لكن ’’على صعيد المقاطعة، لم نزل ننتظر إجراءات ملموسة‘‘، قال رئيس المركز الثقافي الإسلامي في كيبيك.
فالعبيدي يعتبر أنّ قانون علمانية الدولة في كيبيك (المعروف على نطاق واسع بالرقم 21 الذي حمله مشروع القانون قبل أن يصبح قانوناً) ’’جاء يزعزع كلّ ما نقوم به كعمل في سبيل العيش المشترك‘‘.
رئيس الحكومة الفدرالية جوستان ترودو تناول الكلام في قاعة الصلاة بعد محمد العبيدي.
’’من المهم أن نجعل أصواتنا جميعاً مسموعة في كافة أنحاء كندا وبرسالة بسيطة وواضحة جداً: ’لا مكان للعنف والكراهية في بلدنا‘. منذ ست سنوات أصبح 29 كانون الثاني (يناير) يوماً صعباً للغاية، ولا يزال الألم شديداً للغاية‘‘، قال رئيس الحكومة الليبرالية.
ودعا ترودو كلّ كندي إلى بذل جهوده في محاربة الإسلاموفوبيا. وذكّر أنه عيّن قبل أيام، وفي سابقة من نوعها، ممثلة خاصة لمكافحة الإسلاموفوبيا هي أميرة الغوابي التي ’’ستكون صديقة لجميع الكنديين‘‘، على حدّ قوله.
رئيس حكومة كيبيك فرانسوا لوغو تغيّب عن المراسم بسبب ’’التزامات عائلية‘‘ حسب ملحقه الإعلامي. وسلّط لوغو الضوء على الذكرى في تغريدة على موقع ’’تويتر‘‘ وجّه فيها التحية لأرواح الضحايا، الذين عدّد أسماءهم، ولأفراد أسرهم، مختتماً بعبارة ’’لن ننساكم أبداً‘‘.
نائبة رئيس حكومة كيبيك ألقت كلمة في المناسبة. ’’حكومتنا معكم، وليس فقط كل 29 كانون الثاني (يناير) من السنة. بالطبع علينا هذا الواجب لإحياء الذكرى تجاه إخوتنا الستة وعائلاتهم وأطفالهم، لكن علينا القيام بذلك 365 يوماً في السنة‘‘، أكّدت غيلبو.
جيرار ديلتيل، وهو نائب عن حزب المحافظين الكندي الذي يشكل المعارضة الرسمية في مجلس العموم، كان حاضراً أيضاً، وشدد على أهمية العيش المشترك.
’’لقد مرت ست سنوات والحزن يغمرنا بسبب هذه المأساة‘‘، قال ديلتيل الذي يمثّل إحدى دوائر منطقة كيبيك العاصمة في مجلس العموم في مقابلة قبل توالي الخطباء على الكلام، مضيفاً ’’نحن لسنا على الإطلاق في مأمن من كارثة بهذا الرعب، ولهذا السبب من المهم أن نتذكر أن نكون يقظين وأن نكون، بشكل خاص، منفتحين (على الآخرين)‘‘.
(نقلاً عن موقع راديو كندا، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)