تعيش الميكروبات المكتشفة على تناول وتنفس مركبات غير عضوية بسيطة، مثل الميثان والكبريتيدات والكبريتات وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون، وكلها موجودة على سطح المريخ.
مرة أخرى، تم العثور على حياة في بيئة قاسية للغاية وغير مضيافة لمعظم الكائنات الحية التي تعيش على هذا الكوكب، إذ أفادت دراسة نشرت في دورية “ذي آي إس إم إي جورنال” (The ISME Journal) باكتشاف ميكروبات مزدهرة في المياه المالحة التي تتسرب عبر 600 متر إلى أعماق التربة الصقيعية في “نبع لوست هامر” (Lost Hammer Spring) الخالي من الأكسجين في القطب الشمالي الكندي.
بيئة متطرفة
ووفقا لتقرير نشر على موقع “ساينس ألرت” (Science Alert)، تمكن علماء من “جامعة ماكجيل” (McGill University) الكندية من العثور على ميكروبات تعيش في الأماكن المتطرفة من نبع لوست هامر حيث تتسرب المياه التي تحتوي على أقل من جزء في المليون من الأكسجين المذاب، ونحو 24% من الملوحة في درجات حرارة تقترب من 5 درجات مئوية تحت الصفر إلى السطح من أعماق التربة الصقيعية.
ونظرا لأنها تعطي لمحة عن الحياة الميكروبية المحتملة خارج الأرض -إن وجدت- سواء على أقمار المشتري (أوروبا وإنسيلادس) أو على المريخ، أرادت عالمة الأحياء المجهرية إليس ماجنوسون من جامعة ماكجيل وزملاؤها معرفة إذا ما كان نبع لوست هامر قد يكون أحد هذه البحيرات.
وأوضحت ماجنوسون في البيان الصحفي للدراسة المنشور في 21 يونيو/حزيران الجاري “لقد استغرق الأمر عامين من العمل مع الرواسب قبل أن نتمكن من اكتشاف المجتمعات الميكروبية النشطة بنجاح”. وأضافت أن “ملوحة البيئة تتعارض مع كل من استخراج الميكروبات وتسلسلها، لذلك عندما تمكنا من العثور على أدلة على وجود مجتمعات ميكروبية نشطة، كانت نتائج التجربة مرضية للغاية بالنسبة لنا”.
ولوصف المجتمع الميكروبي، قام الفريق بترتيب تسلسل قصاصات من المواد الجينية الموجودة في عيناتهم، وفرزها إلى عشرات الميكروبات التي تنتمي إلى مختلف الشعب الميكروبية المعروفة.
وكانت معظم الميكروبات التي اكتشفوها جديدة تماما، وقد تكيفت بشكل محدد لا يسمح لها بالعيش فحسب، بل بالازدهار أيضا في مكان مثل نبع لوست هامر المتطرف.
نظام تمثيل غذائي نادر
قال عالم الأحياء الدقيقة لايل وايت من جامعة ماكجيل “كانت الميكروبات التي وجدناها ووصفناها مثيرة للدهشة، نظرا لكونها لا تعتمد على المواد العضوية أو الأكسجين للعيش، وذلك على خلاف الكائنات الدقيقة الأخرى”.
وبدلا من ذلك، فإنها تعيش على تناول وتنفس مركبات غير عضوية بسيطة، مثل الميثان والكبريتيدات والكبريتات وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون، وكلها موجودة على سطح المريخ.
وأضاف أنها “يمكنها أيضا إصلاح ثاني أكسيد الكربون وغازات النيتروجين من الغلاف الجوي، وكل ذلك يجعلها تتكيف بدرجة كبيرة تمكنها من البقاء والازدهار في البيئات القاسية للغاية على الأرض”.
ويعرف هذا النوع من التمثيل الغذائي باسم “كيموليثوتروفيك” (chemolithotrophic) الذي يعني جمادي التغذي الكيميائي، ولم يتم العثور على هذا النوع إلا في الكائنات الميكروبية، على الأقل هنا على الأرض، وعادة في البيئات القاسية جدا. لذلك إذا كانت هناك حياة على المريخ مع إستراتيجية بقاء مماثلة، فمن المحتمل -وفقا لما نعرفه عن كل من الأرض والمريخ- أن تكون صغيرة جدا بالفعل.
حاليا، يخطط الفريق لزراعة ودراسة بعض الأعضاء الأكثر نشاطا في المجتمع الميكروبي بهدف معرفة المزيد عن كيفية تكيفهم للازدهار في مثل هذه البيئات غير المضيافة.
وقال الباحثون إن هذه المعلومات يمكن أن تساعدنا في فهم احتمال ظهور مثل هذه الكائنات في أماكن مثل المريخ بشكل أفضل.