قبل 108 أعوام، نفذّت الإمبراطورية العثمانية المنهارة مذابح ضد الرعايا الأرمن في أراضيها، ذهب ضحيتها نحوٌ من 1,5 مليون أرمني. أقرّت الحكومة الكندية رسميا بالإبادة الجماعية للأرمن في نيسان / أبريل 2004 .
ويرمز الرابع والعشرون من نيسان / أبريل إلى تاريخ بدء تلك ’’الإبادة الجماعية‘‘ بحق الأرمن.
وفي حين يقول الأرمن ’’إن عمليات التهجير القسري والقتل الجماعي التي نفذتها الدولة العثمانية خلال الحرب الكونية الأولى، كانت محاولة متعمدة لابادة الأرمن وبالتالي تُعد عملاً من أعمال الإبادة الجماعية‘‘، قاومت الحكومات التركية المتعاقبة الدعوات للاعتراف بوقوع ’’إبادة جماعية‘‘ معتبرة أنه على الرغم من الفظائع التي حدثت، فإنه لم تكن هناك سياسة إبادة رسمية تنفذ ضد الشعب الأرمني.
فتركيا تعترف بوقوع مجازر ووقوع ضحايا أرمن، لكنها تقول إن عدد القتلى الأرمن هو بحدود الـ300 ألف وإنّ ما حصل لا يُعد ’’إبادة جماعية‘‘ وإنّ الضحايا سقطوا في فترة حرب.
مما يقوله ترودو في تغريدته في 24 أبريل 2021: ’’أظهرت الإبادة الجماعية للأرمن للعالم الثمن غير المقبول للانقسام والإقصاء والكراهية. تعارض كندا وتدين بشدة الكراهية والتعصب وعداء الأجنبي. واليوم، نؤكد من جديد التزامنا باحترام الحقوق الأساسية لجميع البشر وكرامتهم، ونلتزم بمواصلة العمل مع شركائنا لضمان عدم تكرار هذه الفظائع […] ما زلنا نستلهم من قوة الشعب الأرمني وشجاعته ونتطلع إلى مستقبل أكثر سلاما وعدلا‘‘.
’’هذه أول إبادة جماعية في القرن العشرين‘‘، صرح من جهته عام 2021 رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس، تلاه اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن بحدوث إبادة جماعية بحق الأرمن، ليصبح أول رئيس للولايات المتحدة الأميركية يقر بذلك. واليوم كرّر بايدن اعترافه بوقوع ’’إبادة جماعية‘‘ بحق الأرمن.
’’108 أعوام على ذكرى الإبادة الجماعية ولا نزال نتذكر ونطالب‘‘
’’حدث مظلم في التاريخ يتذكره الأرمن كل لحظة‘‘ كما تقول تمار عازر، المولودة لأب سوري وأم أرمنية، وهي عضوة في الفرع الكيبيكي لـ’’اللجنة الوطنية الأرمنية الكندية‘‘ (ANCC) التي تأسست عام 1965.
على الرغم من اعتراف البرلمان الكندي بأغلبية أعضائه في نيسان 2004 بالإبادة الجماعية للأرمن في مطلع القرن الماضي معتبرا أنها ’’جريمة ضد الإنسانية‘‘، إلا أن ذلك لم يمنع الجالية الأرمنية في كندا من إحياء طقوس خاصة كل عام في يوم إحياء ذكرى مذابح الأرمن في 24 نيسان / أبريل، على رأسها الاحتشاد في ساحة البرلمان في العاصمة الفدرالية.
’’هذه السنة، تقول عازر، يستأنف هذا التقليد بعد انقطاع دام ثلاث سنوات بسبب جائحة كوفيد-19. ’’ينطلق اليوم من مونتريال وعدة مدن أخرى موكب من النشطاء المدافعين عن القضية الأرمنية، متوجها إلى العاصمة أوتاوا، ومن المتوقع أن تلتقي الوفود عددا من النواب والرسميين في مجلس العموم الاتحادي‘‘، كما تشير المتحدثة. علما أنه أقيم أمس في ’’المركز الاجتماعي الأرمني‘‘ في مونتريال حفل تذكاري لإحياء الذكرى الـ 108 للإبادة، حاضر خلاله رئيس حزب الكتلة الكيبيكية الفدرالي السابق جيل دوسيب.
نقصد مقرَّ البرلمان الكندي اليوم ونضيء الشموع للفت أنظار الكنديين إلى القضية الأرمنية ومناشدة أوتاوا ومعها المجتمع الدولي بأسره، الضغط على أنقرة للاعتراف بمسؤوليتها عن حدوث إبادة جماعية بحق الأرمن والإقرار بكافة الحقوق التاريخية لهم.
نقلا عن تمار عازر، عضوة في اللجنة الوطنية الأرمنية في كيبيك
تأمل المتحدثة في أن تكّر سبحة الدول التي تعترف بالإبادة الجماعية للأرمن بعد اعتراف أكثر من 30 دولة بذلك بينها دول عظمى. تقول من تدرّس اللغة الأرمنية وتحمل ثقافتها في جناتها: ’’إن الأرمن في يريفان وفي الشتات لن يكفوا عن رفع الصوت إلى أن تعترف تركيا باقتراف تلك المذابح وتعيد كل الحقوق المسلوبة للأرمن‘‘.
تجد عازر أنه ’’على الرغم من كل الضغوطات التي مارستها تركيا، فقد نجح الأرمن إلى حد كبير في إدراج قضية الإبادة على اجندة برلمانات الدول وفي المحافل الدولية‘‘.
تشير المتحدثة إلى أن على الجدول في أكثر من عشر مدن عبر البلاد فعاليات اليوم لمناسبة إحياء ذكرى المذابح. هذا وتقام الصلوات والأنشطة الاجتماعية والثقافية في الكنائس والمدارس الأرمنية المنتشرة في عدد من المدن، كما توضع أكاليل الزهور أمام النصب التذكارية لضحايا الإبادة الأرمنية.
هذا وجرت العادة في السنوات السابقة أن ترسل ’’اللجنة الوطنية الأرمنية الكندية‘‘ خطابا إلى السفير التركي المعتمد لدى أوتاوا مطالبة أنقرة برد الأصول الأرمنية وتعويض ضحايا الإبادة الجماعية. تؤكد اللجنة الكندية بأنها ’’لم تلق قط جوابا على ذلك الخطاب‘‘.
كيبيك تعتمد دليلا تربويا عن الإبادة الجماعية
تعتبر تمار عازر أن خطوة عظيمة تحققت في مقاطعة كيبيك تساهم برأيها في فهم أشمل لمأساة الشعب الأرمني وكل شعوب العالم التي تعرضت للإبادة الجماعية. هذه الخطوة تتمثل بدليل تربوي جديد في سابقة من نوعها على مستوى العالم.
في 26 نيسان / أبريل 2022، اعتمدت وزارة التربية والتعليم في مقاطعة كيبيك إدراج ’’دليل الإبادة الجماعية‘‘ في المنهج التربوي للصفوف الثانوية في كافة المدارس الرسمية. توضح المتحدثة أن ’’اللجنة الوطنية الأرمنية الكندية‘‘، بما فيها من مؤرخين ونشطاء أرمن، ساهمت في كتابة هذا الدليل مع منظمات شريكة أخرى.
هذا الدليل سيكون باللغتين الرسميتين في البلاد الفرنسية والإنجليزية، يعتمد في نحو 800 صرح تعليمي عبر كيبيك ويدرس لأكثر من 340 ألف طالب ثانوي، كما تقول عازر.
’’الهدف الرئيسي من الدليل هو منع حدوث إبادة جماعية في المستقبل من خلال تزويد المعلمين والطلاب بالمعرفة والمهارات اللازمة لإنشاء نظام من القيم والمواقف والمُثل التي من شأنها تعزيز الفهم الجماعي لكيفية منع حدوث إبادة جديدة‘‘، على حد تعبير المتحدثة.
’’يشرح الدليل بمهنية لافتة المراحل المختلفة للإبادة الجماعية، ويسلط الضوء على الأحداث التفصيلية لتسع عمليات إبادة جماعية اعترفت بها كندا ومنظمة الأمم المتحدة، بينها الهولوكوست ومذابح الأرمن‘‘.
تأمل تمار عازر في ’’أن تحذو دول ومقاطعات كندية أخرى حذو كيبيك معتمدة بدورها زرع الوعي بالإبادة الجماعية لدى جيل الشباب‘‘.
عندما تُذكر أرمينيا، تنساب إلى مسامعي موسيقى عذبة ويتكدّس الليلكُ في الدروب […] أنا اعتنق أرمينيا ويسري حبها في شراييني، أقول مع الكاتب الأرمني ويليام سارويان: احرقوا منازل أرمينيا ومعابدها، أرسلوا أهلها إلى الصحراء من دون خبز ولا ماء، وستجدون أن ردهم هو اللامبالاة والضحك والغناء ورفع الصلوات من جديد بانين وطنا في كل بقعة من بقاع العالم.
نقلا عن تمار عازر، عضوة في اللجنة الوطنية الأرمنية في كيبيك