كييف تتعهد بالقضاء على التهديد وبوتين يشيد بفاعلية أسلحة بلاده ويتحدث عن المسار السيادي
أعلن حليف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من كبار مسؤولي الأمن الروس، الثلاثاء 20 سبتمبر (أيلول)، أنه يفضل إجراء استفتاءات في منطقتين بشرق أوكرانيا لجعلهما رسمياً جزءاً من روسيا، في خطوة من شأنها تصعيد المواجهة بين موسكو والغرب بشكل خطير.
ويمثل بيان ديمتري ميدفيديف، الذي شغل سابقاً منصب الرئيس في روسيا ويشغل الآن منصب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، تشديداً للهجة الخطاب الروسي في شأن أوكرانيا، كما يمثل أقوى إشارة حتى الآن على أن الكرملين يفكر في المضي قدماً بخطة تعتبرها أوكرانيا والغرب غير قانونية.
وأدلى ميدفيديف بتصريحاته في وقت يفكر بوتين بخطواته التالية في الصراع المستمر منذ قرابة سبعة أشهر، متسبباً في أكبر مواجهة مع الغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وبعد الهزيمة الروسية في ساحة المعركة بشمال شرقي أوكرانيا.
ويأتي ذلك بعد يوم واحد من مناقشة رئيسي جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين المعلنتين بشكل أحادي الجانب والمدعومتين من روسيا، توحيد الجهود لإجراء استفتاءات في شأن الانضمام إلى روسيا.
كما طلب أيضاً مسؤولون في منطقة خيرسون الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا الثلاثاء إجراء استفتاء في شأن الانضمام إلى روسيا.
وأشار ميدفيديف إلى أن دمج الجمهوريتين -المعروفتين معاً باسم دونباس- في روسيا سيكون خطوة لا رجعة فيها بمجرد إتمامها. ومن ثم فإن أي هجوم على المنطقتين بعد ذلك سيعد اعتداء على روسيا نفسها ويحق لها بموجب قانونها الرد دفاعاً عن النفس.
وقال ميدفيديف في منشور على “تيليغرام”، “التعدي على الأراضي الروسية جريمة تسمح باستخدام جميع قوات الدفاع عن النفس”. وأضاف أن “هذا هو سبب الخوف من هذه الاستفتاءات في كييف والغرب”.
وكتب أنه لن يتمكن أي زعيم روسي في المستقبل من إلغاء نتيجة الاستفتاءات دستورياً.
وحرصت واشنطن والغرب حتى الآن على عدم تزويد أوكرانيا بأسلحة يمكن استخدامها لقصف الأراضي الروسية، وبدا تفسير ميدفيديف لما سيعنيه الضم الفعلي قانوناً من وجهة نظر موسكو تحذيراً مستقبلياً للغرب.
وقال في منشوره “ستغير الاستفتاءات تماماً اتجاه تطور روسيا لعقود وليس فقط لبلدنا. سيكون التحول الجيوسياسي للعالم لا رجعة فيه بمجرد دمج الأراضي الجديدة في روسيا”.
ولم يتضح بعد كيفية إجراء الاستفتاءات، نظراً إلى أن القوات الروسية والقوات المدعومة من روسيا تسيطر فقط على 60 في المئة من منطقة دونيتسك بينما تحاول القوات الأوكرانية استعادة لوغانسك.
وقال مسؤولون موالون لروسيا في وقت سابق إنه يمكن إجراء الاستفتاءات إلكترونياً وإن كل شيء جاهز فنياً للمضي قدماً في هذا الشأن.
تركيز على لوغانسك
جاءت تعليقات ميدفيديف في الوقت الذي قالت فيه أوكرانيا إن قواتها استعادت السيطرة على قرية بيلوهوريفكا في لوغانسك، وتستعد لاستعادة كل المنطقة التي احتلتها القوات الروسية بالكامل حتى الآن.
وأظهرت لقطات مصورة -لم يتم التحقق منها نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي- القوات الأوكرانية في القرية التي تبعد 10 كيلومترات فقط غرب مدينة ليسيتشانسك التي سقطت في أيدي القوات الروسية بعد أسابيع من المعارك الطاحنة في يوليو (تموز) الماضي.
وكتب حاكم لوغانسك سيرهي جايداي عبر “تيليغرام” “سيكون هناك قتال من أجل كل سنتيمتر. العدو يجهز دفاعه لذلك لن ندخل ببساطة”.
ووصفت روسيا السيطرة الكاملة على لوغانسك ودونيتسك المجاورة بأنها أهداف أساسية لما تطلق عليه “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، قائلة إن الناطقين بالروسية هناك يتعرضون للاضطهاد وحتى القصف من جانب القوات الحكومية الأوكرانية، وهو ما تنفيه كييف.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء في تصريحات للتلفزيون الحكومي، رداً على سؤال عن تحركات منسقة يقوم بها الانفصاليون المدعومون من روسيا في أوكرانيا للتصويت على الانضمام إلى روسيا، إن الأمر متروك لسكان المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون إذا أرادوا إجراء استفتاءات في شأن الانضمام إلى روسيا.
وبدأت القوات الأوكرانية بالتوغل في لوغانسك بعد طرد القوات الروسية من منطقة خاركيف شمال شرقي البلاد في هجوم مضاد خاطف هذا الشهر.
الرد الأوكراني
ورداً على استفتاءات الأراضي الانفصالية الموالية لموسكو في دونيتسك ولوغانسك بشرق أوكرانيا، تعهدت كييف الثلاثاء بـ”القضاء” على “التهديد” الروسي، وجاء في تعليق على “تيليغرام” لمدير مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك أن “أوكرانيا ستسوي القضية الروسية. لا يمكن القضاء على التهديد إلا بالقوة”، مندداً بـ”ابتزاز” من جانب موسكو مدفوع بـ”الخوف من الهزيمة”.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب بثه التلفزيون في ساعة متأخرة من مساء الإثنين “من الواضح أن المحتلين في حالة ذعر”، مضيفاً أنه يركز الآن على “السرعة التي تتحرك بها قواتنا، وسرعة استعادة الحياة الطبيعية” في المناطق المحررة.
كما لمح الزعيم الأوكراني إلى أنه سيستغل خطاباً بالفيديو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأربعاء 21 سبتمبر، لدعوة الدول إلى تسريع تسليم الأسلحة والمساعدات لبلاده.
وفي تطور مهم آخر في الهجوم المضاد بمنطقة خاركيف الشمالية الشرقية قالت القوات الأوكرانية إن قواتها عبرت نهر أوسكيل في مطلع الأسبوع. ويتدفق النهر جنوباً ليلتقي مع نهر سيفرسكي دونيتس الذي يمر عبر منطقة دونباس وهي الهدف الرئيس للهجوم الروسي.
ولوغانسك قاعدة لوكلاء روسيا الانفصاليين منذ عام 2014، وسقطت في أيدي الروس بالكامل منذ يوليو بعد معارك دموية.
وقال مسؤول انفصالي تدعمه روسيا في دونيتسك، وهي الإقليم الثاني في دونباس، إن 13 شخصاً قتلوا في قصف مدفعي الإثنين في مدينة دونيتسك.
سيادية روسيا
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، إن الأسلحة الروسية تظهر فاعلية كبيرة في أوكرانيا، وإن بلاده بحاجة إلى تعزيز قدرة صناعة الأسلحة لديها، وستمضي قدماً في “مسارها السيادي” على الساحة الدولية، قبيل انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبعد القيود التي فرضت على مدى سنتين جراء وباء كورونا وإلقاء الخطابات عبر الفيديو سيعود الاجتماع السنوي بصيغته الحضورية الثلاثاء، إذ تطلب الأمم المتحدة مجدداً من القادة الحضور شخصياً إذا رغبوا بإلقاء خطابات، مع استثناء وحيد للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقال الرئيس الروسي في تصريحات متلفزة الثلاثاء “بالنسبة إلى روسيا لن ننحرف عن مسارنا السيادي”، مشيراً إلى أن روسيا بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي ستعمل باتجاه الوحدة وستساعد في حل المشكلات التي يواجهها العالم و”ستسهم في تسوية النزاعات الإقليمية الخطرة”.
ومن المقرر أن يلقي وزير الخارجية سيرغي لافروف خطاباً أمام الجمعية العامة هذه السنة.
وحذر بوتين في اجتماع متلفز مع سفراء أجانب تم تعيينهم أخيراً في موسكو من أن دور الولايات المتحدة في الخارج يعرقل التنمية على مستوى العالم.
وأفاد في إشارة مبطنة إلى الغرب والولايات المتحدة “للأسف يواجه تطوير عالم متعدد الأقطاب مقاومة من أولئك الذين يحاولون الاحتفاظ بدورهم المهيمن والسيطرة على كل شيء في أميركا اللاتينية وأوروبا وآسيا وأفريقيا”.
وأضاف أن “هذه الهيمنة سارت بشكل جيد لمدة طويلة لكن لا يمكن أن يبقى الوضع كذلك إلى الأبد، إنه أمر مستحيل”.