بتنظيم ودعم من مركز الرشد المجتمعي للاستشارات والبحوث عقدت جلسة حوارية تحت عنوان “الاستقرار السياسي بوابة لعودة الصناعة العراقية وازدهارها” السبت الموافق 24/ 6/ 2023 وكان السيد رئيس غرفة صناعة نينوى محمد علي حازم المشهداني ضيفا في هذه الجلسة، حاوره الإعلامي الأستاذ جرير محمد، وحظر الجلسة مجموعة متنوعة من الخبراء والمتخصصين والممثلين عن الحكومة وقطاع الصناعة. وناقش الحضور دور الاستقرار السياسي في إعادة بناء وتطوير الصناعة العراقية، وتبادلوا الأفكار والخبرات لتعزيز القدرة التنافسية وتعزيز الاستثمار في القطاع الصناعي.
ونوقشت خلال الجلسة عدة نقاط مهمة. كان أولها تسليط الضوء على أهمية الاستقرار السياسي كعامل رئيسي للتنمية الاقتصادية. لما له من قدرة على تعزيز الثقة بالاستثمار في الصناعة، ويشجع على تدفق رؤوس الأموال والتكنولوجيا المتطورة والخبرات إلى البلاد وتحقيق التنمية المستدامة في أي دولة، وتم تسليط الضوء على أهمية وضع سياسات داعمة للصناعة وتشجيع الاستثمار.
خاصة بعد ما واجهته الصناعة من تحديات كبيرة خلال السنوات الماضية بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية. ولكن مع استعادة الاستقرار السياسي، تفتحت آفاق جديدة أمام الصناعة العراقية للعودة والازدهار.
وتبين خلال المناقشة أن بيئة العراق السياسية الحالية لا تزال غير متكيفة مع متطلبات النشاط الصناعي. وتحتاج الى تشريعات كثيرة أمام ما يعتريها من تحديات بسبب البيئة السياسية غير المستقرة،
إضافة الى ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية المتمثلة بالطاقة والايدي العاملة الماهرة. وما تعرضت له المعامل القائمة سابقا من تقادم وتخريب بسبب الاحتلال والاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد. منذ عام 2003صعودا، يمكن تحديد بعض العوامل التي أثرت على أهمية الصناعة لدى صُنَّاع القرار في العراق بعد عام 2003، ومنها:
التركيز على قطاع النفط: حيث يعتبر النفط من المصادر الرئيسية للدخل في العراق، وبالتالي ربما انصب التركيز الأكبر على استغلال وتنمية قطاع النفط، مما قد يكون ترك الصناعة خلفًا في أولويات الحكومة وصناع القرار.
وقد لعبت الصراعات الداخلية. وما نجم عنها من تحديات على الاستقرار السياسي والأمني الذي أدى الى تحويل الاهتمام والموارد تجاه معالجة هذه الأزمات وتفويت الفرص الاقتصادية والصناعية.
وقد يكون هناك تأثير للسياسات الاقتصادية والتجارية المرتبكة والمتبعة بعد عام 2003 على أهمية الصناعة. عبر التركيز على الاقتصاد الليبرالي والتجارة الحرة وجذب الاستثمارات الأجنبية، مما أدى إلى تحجيم دور الصناعة المحلية.
خلال الجلسة الحوارية، تم التطرق إلى وجود شركات عملاقة في العراق، كانت تعمل حتى في فترة الحصار، وقد تم تحديدها كمثال للنجاح والإبداع في قطاع الصناعة. رغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها البلاد، تمكنت تلك الشركات من الاستمرار في العمل والتنافس مع المنتجات المستوردة.
وكيف استطاعت هذه الشركات من تصنيع المواد الأولية محلياً، وتجاوز العقبات المتعلقة بالاعتماد على المواد المستوردة.
وفي سياق الحوار، تم التأكيد على ضرورة الاستفادة من تلك التجارب التي ما زالت شاخصة للعيان او في ذاكرة المواطن العراقي تناولت الجلسة الحوارية أيضًا أهمية تطوير قطاع المواد الأولية المحلية، وتشجيع الاستثمار في صناعات تحويل المواد الخام، وذلك بهدف الحد من الاعتماد على المنتجات المستوردة وتعزيز الصناعة العراقية.
وقد جاءت هذه الجلسة الحوارية، بعد الإشارة من قبل السيد محمد علي حازم المشهداني رئيس غرفة صناعة نينوى الى أن حكومة السيد السوداني ممثلة بشخصه بدأت تفكر بجدية في إرجاع الحياة لقطاع الصناعة بعد تأخر دام لمدة 20 عامًا وتعكس هذه الخطوة مدى التفهم المتزايد في برنامجه الحكومي لأهمية الصناعة في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد. عبر بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لدعم عودة الصناعة وتعزيز ازدهارها، بغية إيجاد بيئة عمل ملائمة من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل التدخلات البيروقراطية، وذلك لتشجيع المستثمرين وتعزيز الثقة في قطاع الصناعة والعمل على توفير التمويل والدعم للصناعيين والمشاريع الصناعية الجديدة من خلال تخصيص القروض والمنح وتقديم المساعدة التقنية والاستشارات وهذا التطوير يصب في تحسين إمدادات الطاقة والمياه والنقل، وذلك لتمكين الشركات الصناعية من العمل بكفاءة وزيادة إنتاجيتها
إضافة الى تعزيز التعليم والتدريب عبر تطوير المهارات الصناعية للعمالة المحلية من خلال توفير التعليم والتدريب المهني المناسب، لرفع مستوى الجودة في قطاع الصناعة، وبالتأكيد أن هذه الجهود تهدف إلى إعادة الاستقرار السياسي في العراق وتحقيق التنمية الاقتصادية.
وقد اشارت الجلسة الحوارية، الى وجود بعض الصناعات في العراق، على الرغم من أنها قد لا تكون استراتيجية. متمثلة بالصناعة الغذائية كواحدة من الصناعات الفاعلة.
والتي بمقدورها توفير الأمن الغذائي للمواطنين العراقيين، وتعزيز الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأغذية. لكن بنفس الوقت فأن الصناعات الاستراتيجية في العراق تتطلب خطط واستراتيجيات مدروسة واستثمارات طويلة الأمد. وطالب الحضور دعوة صناع القرار إلى توفير الدعم والتسهيلات اللازمة لتطوير هذه الصناعات، وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات التي تمتلك القدرة على تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات الحيوية والاستراتيجية.
وفي السياق ذاته أشار المتحاورون الى أهمية تطوير الصناعات التحويلية مثل الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية والصناعات الهندسية والمعدنية، وذلك لتحقيق التنوع في قطاع الاقتصاد العراقي وتحسين التوازن الاقتصادي والاعتماد الذاتي.
علما ان ما ينشط الان في فضاء الصناعة العراقية هو الصناعات المتوسطة والصغيرة. وان الحكومة والمنظمات العاملة بإمكانها توفر التمويل والتدريب والدعم الفني لهذه الشركات، حيث يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل. خاصة إذا ما امتلكت الحكومة الشجاعة في اصدار تشريعات باتجاه التسهيل الضريبي والجمركي باتجاه الاستيراد والتصدير. وهذا ما يعزز توفير فرص عمل وتقليل ظاهرة الفقرـ وامتصاص البطالة.
وقد اقترحت الجلسة دعوة الصناعيين للمشاركة الفعالة بالعملية السياسية والوصول الى مجلس النواب خاصة وان الدورة السابقة لم يترشح فيها الا نائب واحد عن خلفية صناعية. للتعبير عن مخاوفهم واحتياجاتهم أمام الجهات المعنية. يمكنه أن يكون صوتًا قويًا أمام القضايا المتعلقة بتطوير الصناعة وتوفير الدعم اللازم للصناعيين. وليعزز التعاون بين الصناعيين والقطاع العام والجهات الأكاديمية والبحثية. ويمكنه من تسهيل تبادل المعرفة والتكنولوجيا وتوفير فرص التعاون في مجال التدريب والابتكار وتطوير المشاريع وليكون حلقة وصل لتعديل القوانين بما يتوافق مع احتياجات وتطلعات الصناعي وإلغاء لقوانين وتشريعات غير الملائمة أو التي تحتاج إلى تعديلات لدعم الصناعة وتعزيز التشريعات العمالية التي تحتاج إلى تحديث لتكون أكثر مرونة وملائمة مع ما يطرأ في العالم لمواكبته وكذلك السياسة الضريبية التي تعاني من اختناقات. وما تحتاجه الصناعة من دخول العمالة من خبراء وفنيين بغية التطوير ونصب المعامل والتدريب، وأشار السيد رئيس غرفة صناعة نينوى الى وجود حاجة لليد العاملة السورية والتركية في الصناعة العراقية، وضرورة تسهيل اجراءات دخولهم والاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم. ومع ذلك، يجب أن تتم هذه العملية بما يتوافق مع القوانين واللوائح المحلية، وأيضًا يجب أن يكون هناك توازن بين استفادة الصناعة من اليد العاملة الأجنبية وتوفير فرص العمل للعمالة المحلية.
للعراق ميزات ومنتجات تتفوق فيها على المنتجات التركية في بعض الصناعات أو القطاعات المحددة. يعود ذلك إلى تاريخ الخبرة والتقنية العراقية في تلك الصناعات أو المزايا التنافسية الفريدة التي تمتلكها بعض الشركات العراقية.
إن تصدير الصناعات العراقية إلى سوريا يمثل فرصة هامة لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين وتعزيز القطاع الصناعي في العراق. إذا كانت الصناعات العراقية تمتلك مزايا تنافسية وجودة عالية، فإن تصديرها إلى سوريا يمكن أن يكون مفيدًا لكلا البلدين.
توفر سوريا سوقًا محتملة للمنتجات العراقية، وقد يكون هناك طلب متزايد على منتجات محددة من الصناعات العراقية في سوريا. يجب أن يتم التركيز على تعزيز التجارة بين البلدين وتسهيل عملية التصدير، بما في ذلك الإجراءات الجمركية واللوجستية والتسهيلات المالية.
يمكن أن تكون توجيهات الحكومة والمؤسسات ذات الصلة مهمة في دعم الشركات وتشجيعها على تصدير منتجاتها إلى سوريا. يمكن تنظيم الفعاليات الترويجية والمعارض التجارية والزيارات التجارية بين البلدين لتعزيز التعاون التجاري وتبادل المعرفة وتعزيز العلاقات التجارية.
ومع ذلك، يجب أن يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة والالتزام بالقوانين واللوائح المتعلقة بالتجارة الدولية وتصدير المنتجات. يجب أن يتم التأكد من جودة المنتجات المصدرة وتوافقها مع المعايير الدولية ومتطلبات السوق المستهدفة.
أن الوضع السياسي المستقر والاتفاق السياسي هما عنصران أساسيان لتحقيق التنمية الشاملة في أي بلد، بما في ذلك العراق. وخاصة التوافق السياسي، وتوزيع السلطة، وحكم القانون، واحترام حقوق الإنسان، والمشاركة السياسية الشاملة.
لتحقيق ذلك يجب أن يشارك جميع الأطراف المعنية في حوار مفتوح وبناء لتحقيق الوحدة والتوافق. يمكن أن تلعب المؤسسات الدولية والمنظمات الإقليمية دورًا مهمًا في تسهيل عملية الحوار وتوفير الدعم اللازم لتحقيق هذا الاتفاق الذي يجب ان يكون صادق ومستدام وملتزما بالمصلحة الوطنية ومكافحة الفساد وتعزيز العدالة الاجتماعية
من المهم أن يتم اتخاذ القرارات الحكومية بطريقة شفافة وعادلة وبناءً على الحاجات الاقتصادية والاجتماعية لجميع المناطق والمحافظات في العراق، بما في ذلك نينوى. يجب أن يتم تحقيق التوازن بين الاهتمامات الوطنية والإقليمية لضمان تنمية مستدامة وعادلة لجميع أنحاء البلاد.
يجب تشجيع التواصل والحوار بين الحكومة المركزية في بغداد والمسؤولين المحليين في نينوى لضمان تمثيل المنطقة ومصالحها في عملية صنع القرار. ينبغي للمسؤولين المحليين في نينوى أن يعملوا على تعزيز حضورهم والتفاوض بشأن القضايا المهمة التي تؤثر على صناعتهم وتنميتها.بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في نينوى أن يلعبوا دورًا فعالًا في تعزيز مصالح الصناعة والدفاع عنها. يجب أن يعملوا على تعزيز الوعي والتعاون المشترك والضغط الاجتماعي لضمان أن تتم معالجة احتياجات صناعة نينوى وتوفير الدعم المطلوب لها.