فقدت صابرين خليل زوجها بعد إصابته بكوفيد-19 في العام الماضي. تركها وحدها تواجه عبء تربية سبعة أطفال، لكن تمويل الحكومة العراقية لأسرتها ولمئات آلاف من الأسر الأخرى الفقيرة توقف، بسبب الجمود السياسي.
مع وصول السياسيين إلى طريق مسدود بشأن تشكيل حكومة جديدة منذ إجراء الانتخابات في أكتوبر، واصلت الفصائل الشيعية المتناحرة في بغداد، الجمعة، احتجاجاتها المستمرة منذ أسابيع، والتي تمنع انعقاد البرلمان. وتثير هذه المواجهة المخاوف من تجدد الاضطرابات في دولة تتمتع فيها الجماعات المسلحة بنفوذ كبير، وتتسبب بالفعل في متاعب للعراقيين الأكثر ضعفا.
وقالت صابرين، وهي توضح تأثير وفاة الزوج عليها، إنها امرأة وجدت نفسها فجأة تتحمل مسؤولية سبعة أطفال واصفة ذلك بأنه شيء يقصم الظهر.
وقالت صابرين التي كانت تجلس على الأرض في بيتها المبني بالطوب، المكون من غرفة واحدة في قرية “السعادة” في ضواحي بغداد، إنها لا يمكنها دفع نفقات علاجها من مرض مزمن تعاني منه. وأضافت أن أطفالها يتناولون بعض الوجبات ولا يتناولون الأخرى بسبب ارتفاع الأسعار.
مرت تسعة أشهر منذ تقديم طلب الحصول على معاش شهري من الحكومة، لكن صابرين لم تحصل على أي شيء من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية. وقالت إنها في كل مرة تذهب فيها للاستفسار عن نتيجة الطلب يأتيها الرد بأنهم في انتظار إقرار ميزانية.
وقال مسؤول في الوزارة إن صابرين تستحق الدعم، لكنه أكد عدم وجود ميزانية لصرف المعاش لها. ومضى قائلا بعد أن طلب ألا يُنشر اسمه “أيدينا مغلولة لعدم وجود ميزانية”.
وأضاف أن أسرة صابرين خليل واحدة من 370 ألف أسرة تستحق معاشا حكوميا، لكن أيا منها لا تحصل عليه بسبب الجمود السياسي.
محاولة للحوار
الأزمة القائمة في العراق منذ إجراء الانتخابات قبل عشرة أشهر هي أطول فترة تعيشها البلاد بدون حكومة تؤدي كامل المهام منذ ما يقرب من عقدين مرا على الإطاحة بصدام في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في عام 2003.
وتريد الفصائل الشيعية المتناحرة تشكيل الحكومة، لكنها تختلف على خطوات تحقيق ذلك.
فأتباع رجل الدين الشيعي القوي مقتدى الصدر، الذين قاتلوا القوات الأميركية قبل أن يبرزوا بصفتهم المعارضة الرئيسية للفصائل المسلحة المدعومة من إيران وأحزابها السياسية، يطالبون بإجراء انتخابات جديدة.
وكان الصدر أكبر الفائزين في انتخابات العام الماضي، لكنه لا يستطيع تشكيل حكومة مع الأحزاب الكردية، والأحزاب العربية السنية تستبعد منافسيه الشيعة المدعومين من إيران.
ويقول هؤلاء المنافسون، الذين يُعرفون في مجموعهم باسم الإطار التنسيقي، إن الانتخابات لن تُجرى إلا بعد تشكيل حكومة تقود فترة انتقالية وتصدر خلال فترة عملها تشريعات من بينها قانون جديد للانتخابات.
وقال مصدر في حكومة تسيير الأعمال “هناك توافق على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، المشكلة في الآلية”. وأضاف أن المحادثات مستمرة.
ويوم الأربعاء اجتمع رئيس حكومة تسيير الأعمال مصطفى الكاظمي مع القادة السياسيين ودعا أتباع الصدر إلى المشاركة في حوار وطني. ودعا أيضا جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي تصعيد سياسي.
ولم يحضر الصدر الاجتماع، ولم يظهر أتباعه حماسا يذكر للمبادرة.
وقال رجل دين متحدثا إلى آلاف من أتباع مقتدى الصدر الذين تجمعوا للاحتجاج خارج البرلمان يوم الجمعة، مشيرا إلى المنافسين “إن الحوارات السياسية التي تعقدونها لأجل مصالحكم السياسية والحزبية ليست لمصلحة البلد والشعب. كل الهم هو بقاؤكم وسلطانكم وليس هما آخر فإن هذه الحوارات لا قيمة لها عندنا ولا نقيم لها وزنا أبدا”.
وحمل البعض صورا للصدر ووالده الراحل الذي كان رجل دين بارزا أيضا كما رفعوا أعلام العراق.
ومن جانبهم نظم عشرات من أتباع الإطار التنسيقي احتجاجا خارج المنطقة الخضراء التي تشهد إجراءات تأمين مشددة.
وقال حمدي مالك الباحث المشارك في معهد واشنطن والخبير في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة إنه ليست هناك على ما يبدو مؤشرات تذكر على نتائج سريعة، بالرغم من بعض الجهود المبذولة لحل الخلافات. وأضاف “الانقسام كبير لدرجة أنني لا أرى أي حل. إمكانية اندلاع الاشتباكات تزيد بالفعل”.
وأصدر البرلمان قانونا عاجلا في يونيو حزيران خصص مليارات الدولارات لشراء القمح والأرز والغاز ودفع الأجور. لكن توقف ما عدا ذلك من أعمال الحكومة.
وقالت هناء إدوار وهي ناشطة حقوقية عراقية بارزة إن جميع الفصائل السياسية مسؤولة عن هذا المأزق وإن العراقيين العاديين يدفعون الثمن.
وأضافت أن الغضب يزيد عند الناس، وأن الظروف الاقتصادية تسوء، وأن البطالة في تزايد. ومضت قائلة إن القادة يعقدون الحوارات من أجل توزيع الغنائم على السياسين.
وفي نفس الوقت، ما زالت صابرين خليل تنتظر في قرية “السعادة” أن تهب الحكومة لنجدتها. وقالت إن العملية السياسية متوقفة.
وأضافت “يقولون (السياسيون) إن من الخطأ ألا ندلى بأصواتنا.. لكن الانتخابات لم تغير أي شيء”.