يستعرض الصحافي في القسم العربي لإذاعة صوت رومانيا العالمي بشار القيشاوي الأحداث التي شهدتها الساحة الرومانية على خلفية الحرب الدائرة على أراضي الجارة الشمالية التي دخلت عامها الثاني في 24 شباط / فبراير الماضي.
لم تَخلُ رومانيا من الأحداث والتطورات على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا. شاركت هذه الدولة الواقعة شرق أوروبا والعضو في الاتحاد الأوروبي وفي حلف شمال الأطلسي، منذ اللحظة الأولى، في جهود الدعم الدولي لأوكرانيا.
رومانيا ستواصل دعم أوكرانيا طالما استدعت الحاجة ذلك، لأن الشعب الروماني يؤمن بنظام دولي يقوم على القواعد وليس العدوان.
نقلا عن آنجيل تيلفار، وزير الدفاع الروماني في الذكرى الأولى للغزو الروسي
تسببت الحرب في أوكرانيا بأكبر نزوح للاجئين شهدته أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وشكلت رومانيا بلد عبور لنحو أربعة ملايين أوكراني فروا من الحرب. ويقول بشار القيشاوي إن أكثر من 000 100 لاجئ أوكراني اختاروا الاستقرار في رومانيا لغاية اليوم.
في وارسو وعلى هامش اجتماع قادة دول الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) المعروفة بمجموعة ’’ بوخارست 9‘‘ في نهاية شهر شباط / فبراير المنصرم، صرّح رئيس الدولة الرومانية كلاوس يوهانيس قائلا: ’’إن الوحدة والتضامن من أجل أوكرانيا جوهريان تماماً ويمثلان السلاح السري للدول الحليفة.‘‘
يشير القيشاوي إلى أن الزعيم الروماني حظي بالثناء، من الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة الدول الأوروبية المجتمعين في وارسو، على الأسلوب الذي تعاملت به بوخارست مع اللاجئين الأوكرانيين، وعلى الدور الذي لعبته في تسهيل عبور الحبوب من أوكرانيا إلى الأسواق العالمية. وبدوره عبر السفير الأوكراني لدى بوخارست عن امتنان بلاده للدعم الذي قدمته رومانيا على كافة المستويات.
ولكن ’’ليس كل شيء ورديا في العلاقات الثنائية بين الجارتين بوخارست وكييف‘‘، على حد تعبير المتحدث.
’’أوقد الرومانيون أصابعهم العشرة شموعا لأجل خاطر الأوكرانيين‘‘
ينقل بشار القيشاوي أنه ’’خلال المناقشات في البرلمان الروماني بشأن إعلان دعم كييف، في الذكرى الأولى للعدوان الروسي، طالب رئيس حزب التحالف من أجل وحدة الرومانيين جيورجيه سيميون بحماية المواطنين الرومانيين في الدولة الأوكرانية المجاورة. علما أنه يعيش في أوكرانيا أكثر من 400 ألف مواطن أوكراني من أصل روماني. ولعله مطلب الشارع الروماني أيضا، الذي يتطلع إلى أن تكون المعاملة بالمثل للأقلية الرومانية التي تعيش في أوكرانيا كما فعلت رومانيا حكومة وشعبا في استقبال ودعم الأوكرانيين.‘‘
يوضح القيشاوي أن كييف تتشدد في تعاملها مع الأقلية الرومانية على أرضها وتحرمها من تعلم لغتها الأم وممارسة شعائرها الدينية باللغة القومية الأصلية. ’’لقد تبنت أوكرانيا قوانين لا تخدم، لكي لا أقول تضرّ، أو تحجب بعض الحقوق للأقلية الرومانية الموجودة على أراضيها. هذه الأقلية عانت عبر تاريخها من عدم التمتع الكامل بحقوقها، وقد طلبت بوخارست من كييف أن تعيد النظر في قانون الأقليات العرقية لأنه يعد مجحفا بحق الأقلية الرومانية.‘‘
على الرغم من ذلك، يوضح المتحدث أن الشعب الروماني لا يزال مرحبا باللاجئين الأوكرانيين ويستمر بتقديم المساعدة لهم.
رومانيا دولة تطغى عليها التقاليد والروح الشرقية، علاوة على ذلك فهي دولة مسيحية وتعتز بذلك وتطبق مقولة السيد المسيح من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر.
نقلا عن بشار القيشاوي، صحافي في إذاعة صوت رومانيا العالمي
يقول الصحافي الروماني من أصل فلسطيني الذي يعيش في بوخارست منذ أكثر من ثلاثين عاما: ’’إن المواطن الروماني البسيط العادي مستعد لتقاسم لقمة عيشه، بل حتى منزله مع أي أوكراني هارب من الحرب، ليس من باب النخوة ولأنه شعبه طيب بطبيعته فحسب، بل أيضا من منطلق أنه يرى روسيا عدوا مشتركا للبلدين والشعبين، بسبب فترة معاناة البلدين من الشيوعية.‘‘
إلى ذلك يشكو الشارع الروماني من ثقل الأزمة الاقتصادية التي ترخي بظلالها أكثر فأكثر بعد بدء الحرب في أوكرانيا. يشير القيشاوي إلى أن الوجبة الغذائية في المطاعم تضاعف سعرها اليوم ثلاث مرات عما كان عليه قبل بدء الحرب.
في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وأسعار السلع الغذائية على خلفية الحرب في أوكرانيا، والدعم الثابت والمتواصل المقدم لكييف من بوخارست، أصبح المواطن الروماني العادي يشعر، مع تردي الأوضاع المعيشية، بتبعات هذه الحرب التي لا ناقة ولا جمل له فيها.
نقلا عن بشار القيشاوي، صحافي في إذاعة صوت رومانيا العالمي
خلاف بين بوخارست وكييف حول تجريف قناة الدانوب
ينقل المتحدث أن خلافا نشب قبل اسابيع حين اكتشفت السلطات الرومانية أن أوكرانيا تقوم بتوسيع قناة بيستروي المتفرعة من قناة الدانوب إلى البحر الأسود لاستخدامها كطريق للشحن، في أعقاب الهجوم الروسي.
’’وتخشى رومانيا، مثل العديد من المنظمات البيئية، من تهديد قناة بيستروي الملاحية، المتفرعة من قناة الدانوب الفريدة من نوعها كمحمية طبيعية، للنظام البيئي في الدلتا‘‘ كما يؤكد المتحدث. تجدر الإشارة إلى أن منطقة دلتا الدانوب تقع معظمها في رومانيا ويقع جزء منها في أوكرانيا.
من جهتها، نفت كييف أن تكون قد انتهكت عبر توسيع القناة أي اتفاق، معلنة أنها مستعدة لاستقبال وفد روماني للتحقق من ذلك ميدانيا. وبالفعل وصل وفد روماني إلى أوكرانيا أمس وبدأ بأخذ قياس التجريف الذي قامت به أوكرانيا في قناة بيستروي، كما يقول بشار القيشاوي.
’’ساكن الكرملين يستخدم كلَّ الأساليب الممكنة لكي يوتر العلاقات ويبرر غزوه‘‘
استدعت الخارجية الرومانية الصيف الماضي السفير الروسي في بوخارست لتبلغه قرارها تعليق نشاط ’’المركز الروسي للثقافة والعلم في رومانيا‘‘، ’’ليكون آخر اسفين يُدق في نعش العلاقات الرومانية الروسية‘‘ على حد تعبير بشار القيشاوي.
وذكر بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية الرومانية أنه ’’عبر الأنشطة التي يُمارسها، ابتعد المركز، بشكل غير قابل للإصلاح، عن الأهداف الطبيعية المتمثلة بتعزيز الروابط الثقافية، وتحول، للأسف، إلى أداة للدعاية والتضليل والتبرير لجرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا الاتحادية في أوكرانيا.‘‘