أصرّ رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو على أنّ وجهات النظر المتنوعة في حزبه، الحزب الليبرالي الكندي، هي مصدر قوة، في وقت تتواصل فيه التساؤلات بشأن التباين في المواقف بين نواب الحزب حول موقف الحكومة إزاء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.
’’لدينا عدد كبير من النواب المسلمين، وعدد كبير من النواب اليهود‘‘، قال ترودو رداً على سؤال خلال مؤتمر صحفي عقده أمس في وينيبيغ، عاصمة مقاطعة مانيتوبا في غرب وسط كندا.
أنواع المحادثات التي تجري داخل حزبنا ليست دوماً سهلة، لكنها تعكس تنوع المحادثات التي تحدث على امتداد بلادنا.
نقلا عن جوستان ترودو، رئيس الحكومة الكندية
وكان ترودو يجيب على سؤال حول تقرير لشبكة ’’سي بي سي‘‘ (خدمة هيئة الإذاعة الكندية باللغة الإنكليزية) عرضَ تفاصيل مكالمة هاتفية مسرَّبة بين النائب الليبرالي روب أوليفانت، الذي يشغل منصب السكرتير البرلماني لوزيرة الخارجية ميلاني جولي، وناخبةٍ في دائرته الانتخابية الواقعة في تورونتو، كبرى مدن كندا.
وفي هذه المكالمة المسرَّبة انتقد أوليفانت قرار حكومة ترودو تعليقَ تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الـ’’أونروا‘‘ UNRWA) بعد أن ادّعت إسرائيل بأنّ موظفين في الوكالة شاركوا بصفات مختلفة في هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الفائت، واصفاً القرار بأنه ’’خاطئ‘‘.
كما انتقد أوليفانت أسلوب الحكومة في الإعلان عن موقفها من الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب ’’إبادة جماعية‘‘ بحق سكان قطاع غزة الفلسطيني. وقال إنّ ’’(رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو لا يقتل سكان غزة فحسب، بل يؤذي إسرائيل أيضاً‘‘ بمواصلته الحرب الحالية.
وفي مبنى البرلمان في أوتاوا، قالت الناطقة باسم الحزب الديمقراطي الجديد (يساري التوجه) للشؤون الخارجية، النائبة هيذر ماكفرسون، إنّ على أوليفانت أن يتحلّى بالشجاعة الكافية ليقول علناً ما قاله في المكالمة الخاصة المسرَّبة.
يُشار إلى أنّ أوليفانت قال لـ’’سي بي سي‘‘ إنه خلال هذه المحادثة الهاتفية مع الناخبة لم يُدلِ بأيّ كلام لا يرغب في الدفاع عنه علناً.
وردّاً على سؤال عمّا إذا كان يجب على أوليفانت الاستقالة، قالت ماكفرسون أمس إنّ نائب تورونتو ’’هو الوحيد الذي يقول الأشياء الصحيحة، ولو على انفراد‘‘.
’’لا أفهم كيف يمكن لهذه الحكومة أن يكون لديها أشخاص داخل تجمعها النيابي يدعون إلى الالتزام بالقانون الدولي، والالتزام بقواعد القانون الإنساني، وهي لا تصغي (إليهم)‘‘، أضافت ماكفرسون.
’’بالنسبة لي، إنه أمر ليبرالي جداً أن يقول أحدهم شيئاً علناً ويقول شيئاً مختلفاً على انفراد‘‘، قالت ماكفرسون، موجهةً سهامها إلى الحزب الليبرالي.
يُذكر أنّ ماكفرسون قدّمت هذا الأسبوع اقتراحاً إلى مجلس العموم تطلب فيه منه الاعتراف بالأراضي الفلسطينية كدولة ذات سيادة.
أمّا ترودو، فلم يُشر إلى أوليفانت على وجه التحديد خلال مؤتمره الصحفي أمس.
وقال رئيس الحكومة الليبرالية إنّ زعماء العالم يناقشون باهتمام أفضل سبل الردّ إذا ما شنّت إسرائيل هجوماً واسع النطاق على مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، مضيفاً أنه ’’قلق للغاية‘‘ من هذا الوضع.
وتغصّ رفح الواقعة عند الحدود مع مصر بحوالي 1,5 مليون نازح.
وتناول ترودو موضوع رفح أمس في حديث مع بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وأحد أعضاء مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي الحالي.
وجاء في قراءة لمكالمة ترودو مع غانتس أنّ رئيس الحكومة الكندية أعرب له عن قلقه بشأن ’’التداعيات الإنسانية الخطيرة‘‘ على المدنيين في منطقة رفح في حال حصول الهجوم الإسرائيلي.
وفي بيان مشترك صدر مساء الأربعاء، قال ترودو ونظيراه الأسترالي أنتوني ألبانيزي والنيوزيلندي كريستوفر لوكسون إنهم ’’يشعرون بقلق بالغ‘‘ إزاء المؤشرات التي تفيد بأنّ إسرائيل تخطط لشن هجوم على رفح، مضيفين أنه سيكون ’’كارثياً‘‘ في حال حصوله.
’’نحثّ الحكومة الإسرائيلية على عدم السير في هذا الطريق. ببساطة، لا يوجد مكان آخر يذهب إليه المدنيون. هناك إجماع دولي متزايد. يجب على إسرائيل أن تصغي إلى أصدقائها ويجب أن تصغي إلى المجتمع الدولي‘‘، أضاف رؤساء حكومات الدول الثلاث.
’’حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية وهي مطلب بموجب القانون الإنساني الدولي. ولا يمكن جعل المدنيين الفلسطينيين يدفعون ثمن هزيمة حماس‘‘، قال الزعماء الثلاثة.
وتمثل هذه الرسالة أقوى لغة تستخدمها كندا حتى الآن فيما يتعلق بسلوك إسرائيل في قطاع غزة بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على حربها مع حماس.
وعلى الرغم من كون هذا البيان يتضمّن أقوى لهجة استخدمتها كندا حتى الآن فيما يتعلق بسلوك إسرائيل في قطاع غزة، قالت ماكفرسون إنها تعتقد أنه تمّ ’’تخفيفها للغاية‘‘ وإنّ كندا، بعدم بذلها المزيد من الجهود، ’’من المحتمل أن تكون متواطئة في إبادة جماعية‘‘ في قطاع غزة.
نقلاً عن وكالة الصحافة الكندية،