يستعد ’’كورس التراث الشرقي‘‘ في كندا لإحياء حفل غنائي بعنوان ’’مشوار‘‘ يوم 21 أيار / مايو المقبل.
نقلة نوعية لهذا الفريق الذي يريد الحفاظ على التراث الموسيقي الشرقي في كندا بتقديم عرضه هذه المرة على مسرح جان- دوسيب وهو أحد مسارح’’ساحة الفنون‘‘ العريقة بلاس دي آر (نافذة جديدة) في المدينة الكوسموبوليتية مونتريال.
’’مشوار‘‘ هو الحفل الثاني حضوريا على المسرح بعد الجائحة، وقد قدمت هذه الفرقة عرضها الأول بعد الجائحة في شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي وحمل عنوانا ملفتا ’’عُدنا‘‘.
وكانت هذه العودة صاخبة ومتألقة لدرجة أن الفرقة تلّقت العديد من طلبات الانتساب للانضمام إليها، كما يقول مؤسس الكورال وقائدها الفنان سبيرو دميان.
في هذه الحفلة التي امتلأت فيها كل مقاعد الصالة استمتع الحضور بأصوات أعضاء الجوقة وبشكل خاص بوصلات الغناء الإفرادي الغير مسبوق في أعمال الفرقة. كذلك فإن المايسترو لم يدر ظهره للحضور كل الوقت، بل تسنى لهذا الأخير أن يرى وجها بشوشاً مشرقاً لقائد الجوقة المتقن لاصول الغناء والصولفيج سبيرو دميان الذي غنى لأم كلثوم.
يقول سبيرو دميان: ’’حفل عدنا كان أشبه بعرس أحد أبنائي، والوالد يغمره فرح وفير في مناسبة كهذه ويكون على سجيته في التعبير. كان عرساً بعد سنتين من غياب قصري عن المسرح بسبب جائحة كوفيد-19. غنيت نعم وكانت هي المرة الأولى التي أغني فيها على المسرح في مونتريال، ولا يعني ذلك بالضرورة أنني سأكرر الغناء الإفرادي، وقد تكون المساحة لأمر آخر قد يحدث الدهشة أيضا في نفوس الحضور‘‘.
ويحاول هذا الفنان المرهف أن يجد تبريرا آخر لاحتلاله مساحة أخرى على المسرح تلك الليلة، وتخلّيه عن مهام القيادة، فيقول بأن والدته ’’كانت بين الحضور وهي تحب كثيرا أغنية ’’دارت الأيام’’ لأم كلثوم لذا غنيتها لها‘‘.
الظُرف وخفة الظل هي أيضا من سمات سبيرو دميان الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي بروايات على لسان أبو حنا الدمشقي.
غذاء الروح
عن القاسم المشترك بين أعضاء جوقته البالغ عددهم 50 شخصاً من مصر وتونس ولبنان وسوريا ومن أعمار مختلفة تمثل أجيالاً ثلاثة، يقول سبيرو دميان: ’’إنه حب اللغة العربية وموسيقاها‘‘.
تقول رندة أبو عسلي المنضوية في الجوقة ’’كبروا بناتي وصار لدي الوقت لأتعلم الهواية التي أحبها، لذا بدأت دروس تعلم العزف على آلة العود على يد الاستاذ دميان. وعندما شاهدت حفلهم الأخير ’’عدنا‘‘ قررت الانضمام إلى الجوقة‘‘.
رولا البوظة تمثل الجيل الثاني ورأيتها تخرج مع ابنتها الرضيعة قبل انتهاء البروفة تلك الليلة في صالة كنيسة السيدة العذراء للطائفة المسيحية الأرثوذكسية في مونتريال.
لدي ابنة بكر وتوأم بنت وصبي، وفي كل مرة أصطحب معي أحد التوائم إلى التمرينات، على الرغم من صعوبة الالتزام بالنسبة لي ولكنني لا أستطيع أن أتخلى عن هذا الغذاء لروحي وقلبي، وهو الموسيقى.
نقلا عن رولا البوظة كندية سورية عضوة في كورال التراث الشرقي في كندا
ناهد دحدل كان منذ تأسيس الكورال وبرأيه أن الموسيقى ’’هي كل شيء في الحياة، من لا يعيشها ولا يسمعها ولا يتفاعل معها بكل جوارحه، فهو يعيش فراغا مطبقا‘‘.
في صالة الكنيسة حيث جرت البروفة تلك الليلة، كان هناك ما لا يقل عن ثلاثة أطفال رضع. تهّز الأم عربة رضيعها الذي يتمايل طربا ونشوة، أو تحمله بذراعيها وترقص معه على أنغام الموسيقى بكل البهجة والحبور.Début du widget Youtube. Passer le widget ?https://www.youtube.com/embed/8V0jH8imzjkFin du widget Youtube. Retourner au début du widget ?
إبعاد وحشة الغربة
أنيس مانعي الصوليست في الجوقة درس الموسيقى في الكونسرفتوار الوطني في بلده الأم تونس ووجدها فرصة سانحة للانضمام في مونتريال إلى جوقة التراث الأصيلة. عشق أنيس الغناء منذ نعومة أظفاره، وهو ’’يغني في كل مكان، في البيت وفي الشارع وفي السيارة، لما يجلبه الغناء من فرح وغبطة لقلبه وروحه‘‘.
إننا عائلة واحدة يجمعنا حب الموسيقى، لا دين ولا جنسية ولا انتماء آخر في هذه العائلة إلا الانتماء إلى الموسيقى فحسب. يُذلّل كورال التراث الشرقي كل شعور بالغربة والانطوائية ونشعر بالود والمحبة فيما بيننا‘‘.
ساندرا الياس وزوجها سامر قتدسي يأتيان مع مولودهما البكر الرضيع في كل تمرين، وكان ذلك تمنيهما على المايسترو للانضمام إلى الجوقة، خصوصا أن هذه العائلة وصلت حديثا الى كندا وليس عندها من يهتم بحضانة الطفل.
نشعر بأننا في كنف عائلة واحدة، نتشارك في الفرح وفي الحزن وتخرج في أنشطة ترفيهية واجتماعية معاً. كورال التراث الشرقي هو عائلتنا الثانية في مونتريال.
نقلا عن ساندرا الياس من كورس التراث الشرقي في كندا
وتقول المتحدثة إن حلم الغناء في كورس يراودها منذ سنين ولكنها لم تنخرط يوما في جوقة في بلدها الأم سوريا، وهي تشكر سبيرو دميان، الذي هو بمثابة أب روحي لكل الشباب في الفرقة بحنّوه وتشجيعه لهم، على مساعدتها في تحقيق حلمها.
صعوبة الالتزام في كندا
يوضح سبيرو دميان أن الالتزام قد يكون من أصعب الأمور في كندا، هناك عناء المسافات البعيدة وهناك مشقة الأعمال وكثرة الانشغالات التي تأخذ من المرء كل وقته و تستنفذ طاقاته ونشاطه.
’’لكل عضو في الفرقة عمله الخاص الذي يعتاش منه وهو في الجوقة متطوع طبعاً لا يتقاضى أجراً. وإذ نحن نكّثف التمرينات في الشهرين الأخيرين قبل موعد العرض فهذا يتطلب مجهودا كبيرا من الجميع لكي يستطيع المواظبة وتخصيص الوقت لهذه التحضيرات الشاقة‘‘.
بالنسبة لسبيرو دميان، فإن الأمر يستحق كل هذا الجهد لأن الثمار وفيرة وهو يجد صدى لكل التعب والوقت الطويل الذي يكرسه هو وكل أعضاء الجوقة.
بات أهل مونتريال ينتظرون بشغف حفلات كورال التراث الشرقي في كندا لأن لهم ملء الثقة بأن هذه الفرقة ترفع من ذوقهم وإحساسهم الفني وتحترم آذانهم وتوقهم إلى استساغة أنغام أصيلة خالدة. تحمل إليهم الجوقة بأدائها المتقن حنينا وشوقا إلى الزمان الماضي من خلال ريبرتوار غنائي سلس ومتقون لعمالقة الأغنية العربية.
’’صنع بسحرك‘‘ ومقامات شرقية ثمانٍ
في ’’مشوار‘‘ سيحمل سبيرو دميان الحضور إلى نزهات في كل مقام من مقامات الموسيقى العربية الرئيسية الثمانية التي تُختصر بكلمتين ’’صنع بسحرك‘‘. ولكل مقام أغنية في الـ ’’مشوار‘‘، ليستطيع الجمهور التمييز بين سائر المقامات الموسيقية الشرقية، كما تعهد المايسترو الذي يملك في مونتريال محالا لبيع الآلات الموسيقية.
الصاد لمقام الصبا، والنون لمقام النهاوند، والعين لمقام العجم، والباء لمقام البياتي، والسين لمقام السيكاه، والحاء لمقام الحجاز، والراء لمقام الراست، والكاف لمقام الكرد.
الهاوي عنده إحساس أكبر بالموسيقى
لا يشتكي سبيرو دميان من الساعات الطويلة التي يمضيها في التمرينات والإعادة والتكرار لكي يصل كل أعضاء الجوقة إلى المستوى المطلوب، خصوصاً أن غالبية المنتسبين ليسوا بالضرورة محترفين أو ممن لديهم خبرة سابقة في الغناء.
يمتلك سبيرو دميان أهم صفات المايسترو وهي الرصانة والحزم، وفي الوقت ذاته يتعامل مع أعضاء الجوقة كإخوة وأبناء له بكل الأناة والسلاسة وطول البال.
قد نجد مشقّة في تعليم الهاوي النوتة الموسيقية في حين أن المحترف لا يحتاج إلى الكثير من الوقت لأداء النغمة المطلوبة. ولكن الهاوي يملك إحساسا قويا، لأنه يغني بشغف.
نقلا عن مؤسس كورال التراث الشرقي في كندا المايسترو الفنان سبيرو ديميان