اختار حزب الخضر الكيبيكي (Parti vert du Québec – PVQ) مليك قالمي مرشّحًا له في دائرة مون رويال-أوترومون (Mont-Royal-Outremont) في الانتخابات العامة التي ستجري يوم 3 أكتوبر تشرين الأول المقبل في مقاطعة كيبيك.
وهو من مواليد رومانيا لأب جزائري وأم رومانية. يحضّر لشهادة الماجستير في العلوم السياسية بجامعة مونتريال. هاجر إلى كندا في سن الخامسة مع عائلته التي فرّت من العنف السياسي الذي هز الجزائر خلال التسعينيات.
كان الوضع معقدًا أيضًا في رومانيا في تلك الفترة بعد سقوط نظام تشاوشيسكو حيث كان هو وأخواه ووالداه يتنقلون ذهابًا وإيابًا بين البلدين.
وُلد مليك قالمي في العام الذي سقط فيه الاتحاد السوفيتي. وقد كان لكلّ هذه الأحداث أثر بدون شكّ في رسم طريقه نحو دراسة العلوم السياسية عند التحاقه بالجامعة.
قبل هجرة عائلته إلى مقاطعة كيبيك، كان والده مهندسًا ووالدته مدرسة لغة فرنسية. وفي حديث مع راديو كندا الدولي، يتذكر مرشّح حزب الخضر الكيبيكي كيف اضطرّ والداه إلى العمل في مجالات أدنى من مؤهّلاتهما.
و يقول المرشح الشاب : ’’عندما وصلا إلى كندا واجها مشكلة الاعتراف بالشهادات وقاما بتغيير مهنتهما للتكفل بالأسرة المكوّنة من ثلاثة أبناء.‘‘
ويضيف أن الكثير من المهاجرين يطرحون عليه موضوع معادلة الشهادات والاعتراف بالكفاءات الأجنبية.
ويصرّ حزبه في برنامجه الانتخابي على أنه يؤيد ’’الاعتراف الأسرع والأكثر عدلاً بالشهادات التي تم الحصول عليها في الخارج من أجل السماح بدمج اقتصادي واجتماعي أفضل للمهاجرين الجدد. ويمكن تسهيل ذلك من خلال تنفيذ تحويل الشهادات والتدريب الممول من الدولة.‘‘
موعد مع السياسة
’’منذ أن كنت صغيرًا، كان لديّ دائمًا شغف بالسياسة بالمعنى الواسع. كانت والدتي مسيّسة للغاية ومطلعة جدًا على السياسة. وقد ورثت ذلك من عائلتها. والدتي هي التي نقلت هذا الشغف.‘‘، كما يقول البالغ من العمر 30 عاماً والذي يضيف أنه كان يحب القراءة دائماً وكان فضولياً.
لذلك كان يسترشد بهذا الشغف ’’الذي يجب اتباعه‘‘ ، كما قال.
في عام 2021 ، بدأ يبرز في الفضاء العمومي من خلال نشْر مقالات حول مواضيع سياسية في صحيفتيّ لو جورنال دو مونتريال ولو دوفوار. ثمّ دُعي للتعليق على الأخبار الدولية على قنوات كيبيكور.
وفي يناير كانون الثاني الماضي، أُتيحت له الفرصة للحصول على تدريب داخلي مع حزب الخضر الكيبيكي. وبعد شهر ونصف، عرض عليه زعيم الخضر أليكس تيريل، الذي كان مُعجباً بعمله، أن يصبح المنظم السياسي للحزب.
وبحكم وظيفته، يدير الحملة الانتخابية الحالية للحزب وهو مرشّح في الوقت نفسه.
ويقوم باختيار المرشحين و الإشراف على الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تجنيد المتطوعين.
ورغم أنّ كلّ ذلك يولّد عملا كثيراً إلى أنّه يجد الأمر إيجابيّاً. ’’في نهاية الأمر، أعتقد أنه يمكنك أن تثبت نفسك عندما تكون هناك تحديات في الحياة. ‘‘ ويضيف: ’’لا يخيفني أن يكون لدي الكثير من العمل.‘‘
ويتذكّر أنّه قرّر الترشح في الانتخابات المقبلة عندما كان يدرس ملفّات المرشّحين الآخرين حيث قال لنفسه إنه أمام ’’فرصة عظيمة لدخول عالم السياسة والحصول على هذه الخبرة. ‘‘
ووقع اختياره على دائرة مون رويال-أوترومون بشكل طبيعي، لأنه يعيش هناك. ’’إنها دائرة مليئة بالخضرة. نودّ أن تكون مونتريال كلها على هذا النحو.‘‘
قلعة ليبرالية
في عام 2018 ، فاز الحزب الليبرالي في كيبيك بدائرة مون رويال-أوترومون بنسبة 51,3٪ من الأصوات بفارق 11.206 أصوات.
وجاء حزب التضامن الكيبيكي في المرتبة الثانية بنسبة 15,44٪ من الأصوات، يليه حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك – الكاك (13,51%)، والحزب الكيبيكي (11,76٪) و حزب الخضر الكيبيكي (4,31%).
وتم إنشاء هذه الدائرة في عام 2018 بإدماج دائرتي مون رويال و أوترومون. وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، صوّت مواطنو هاتين الدائرتين لليبراليين.
لكن هذا لا يخيف مليك قالمي. ’’في السياسة، يمكن أن تتغير الأمور بسرعة كبيرة. أُذكّرك أنه على المستوى الفدرالي، تحولت هذه الدائرة التي كان تاريخياً ليبرالية إلى اليسار مع الحزب الديمقراطي الجديد بانتخاب توماس مالكير [في عام 2008] والذي احتفظ بها لمدة 10 سنوات [حتى استقالته]. المواطنون نفسهم يشاركون في انتخابات المقاطعة أو الانتخابية الفدرالية.‘‘
ووفقاً له، فإن هذا يدل على أنه ’’عندما تكون لديك قناعات وعندما يكون لديك أفكار صحيحة ، يمكنك تغيير مسار التيار.‘‘
البيئة
يقول مليك قالمي إنه كان دائماً ميّالاّ للمواضيع المتعلّقة بالبيئة ، لأنها ’’مرتبطة بجميع القضايا الاجتماعية الأخرى. إذا لم تكن لدينا بيئة مستدامة ، فإن كل شيء آخر سينهار.‘‘
ويقول إنّه أنه كتب مقالاً عن البيئة بمناسبة الانتخابات الفدرالية لعام 2021 (نافذة جديدة).
وأكد في نصّه أن تضمين البيئة في برامج الأحزاب لأغراض انتخابية يشكّل خطراً على البيئة. ’’تؤدي الأغراض الانتخابية إلى دمج المطالب البيئية في البرامج المختلفة للأحزاب السياسية ، لكن هذا الاستيلاء على الموضوعات البيئية من قبل السياسيين لا يؤدي بالضرورة إلى نتائج ملموسة على كوكب الأرض. ‘‘
وسأله راديو كندا الدولي عن اختياره لحزب الخضر عوض حزب آخر لأن المطالب البيئية والاجتماعية للخضر موجودة أيضاً في برامج أحزاب أخرى، مثل حزب التضامن الكيبيكي.
بالإضافة إلى ذلك، فهذا الأخير كان لديه 10 نواب عند حل الجمعية الوطنية في كيبيك، ما يعطيه فرصة أفضل في أن يُنتخب.
كان رد مليك قالمي جاهزاً. ’’التضامن الكيبيكي يناضل من أجل استقلال مقاطعة كيبيك وحزب الخضر في كيبيك هو فدرالي. نحن نعتبر أن الآليات متوفّرة لتحسين الأمور على المستوى البيئي والمستويات الأخرى (الصحة ، وما إلى ذلك) [دون الحاجة إلى مغادرة الاتحاد]. ‘‘
ويدرك مليك قالمي أوجه التشابه بين حزبه وحزب التضامن الكيبيكي، ولكن هناك أيضاً اختلافات. ’’وهذا لا يقتصر على هذين الحزبين السياسيين. يمكننا التحدث عن نفس ظاهرة التشابه والاختلاف بين الكاك والحزب الليبرالي في كيبيك.‘‘وبالنسبة له، فإنّ الأحزاب السياسية، مثل الشركات الخاصة ، تقوم بـ ’’الغسل الأخضر‘‘. ويقول : ’’حاليا هذه واحدة من المشاكل المطروحة على الساحة السياسية.‘‘
تعلن بعض الأحزاب عن إجراءات تبدو خضراء ولكنها ليست كذلك في الواقع.
” نتحدث كثيرا ن السيارات الكهربائية، ولكن في الواقع، هي ملوِّثة عند التصنيع بثلاث مرات مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين بسبب بطاريات الليثيوم أيون.’’
نقلا عن مليك قالمي ، مرشح حزب الخضر في كيبيك في دائرة مون رويال-أوترومون
وبالنسبة له ، لا تكمن المشكلة الحقيقية في نوع الطاقة المستخدمة ، ولكن قبل كل شيء في نمط الاستهلاك. حيث أنّه في كيبيك، ’’نغير سيارتنا في المتوسّط كل ثلاث أو ثلاث سنوات ونصف.‘‘
إن طريقة الاستهلاك هذه تلوث أكثر في حالة السيارة الكهربائية.
ويقول إن الدراسات تشير إلى أن السيارة الكهربائية تصبح صديقة للبيئة في حالة الاحتفاظ بها لمدة 10 سنوات على الأقل.
والحل بالنسبة لحزب الخضر هو المواصلات العامة. ’’إنه حلّ ملموس وأقل تلويثاً. ويسمح لعدد أكبر من الأشخاص بالوصول إلى النقل بما فيهم أولئك الذين ليس لديهم دخل لشراء السيارات.‘‘
وبما أن النقل العام حاجة ضرورية لسير المجتمع مثل الصحة فإنه سيكون مجانيًا ، بحسب مليك قالمي.
وفي حديثه عن جولة قام بها في الدائرة، قال “إنه أمر إيجابي للغاية ، لأنه في كيبيك ، حتى الأشخاص الذين ليسوا على اليسار لديهم ميول تجاه القضايا البيئية. هناك طلب كبير على العمل البيئي.‘‘
وصادف أيضا آخرين لا يأخذون أفكار المدافعين عن البيئة على محمل الجدّ.
وقال إنّ الشباب الذين التقى بهم يهتمون بالبيئة والرسوم المدرسية. أما بالنسبة لمن يكبرونهم سنّاً، فهم قلقون بشأن التضخم والحصول على الرعاية الصحية.
وللتعامل مع البيروقراطية التي تكلّف خزينة الدولة الكثير وفقا له، سينشئ حزب الخضر الكيبيكي وزارة الكفاءة إذا وصل إلى السلطة.
وستقوم هذه الوزارة على أساس ’’تقنيات واستراتيجيات عالم ريادة الأعمال‘‘ ، بحسب ما أُعلنه الحزب الأحد الماضي.
’’سيتم تطبيق استراتيجيات الأعمال هذه على القطاع العام، ولكن بدون ديناميكيات السوق. ثم يمكننا تحسين الأمور مع إبقائها مجانية‘‘، كما يقول.
في حزب الخضر في كيبيك ، نريد تحسين كفاءة النظام العام من خلال إنشاء وزارة جديدة هدفها معرفة أين يمكننا إجراء تحسينات، حيث يمكننا تقليل البيروقراطية ومعرفة كيفية جعل الأمور أكثر كفاءة. هناك الكثير من الإدارة في المستشفيات وفي نظام الرعاية الصحية ، وفي حزب الخضر، نعتقد أنه ينبغي بدلاً من ذلك إنفاق هذه الأموال على الخطوط الأمامية والممرضات والأطباء وزيادة قدرة نظام الصحة العامة . في حزب الخضر ، نقول لا للخصخصة. يمكننا الحفاظ على نظام الصحة العامة وهذا هو أحد الالتزامات الرئيسية للحزب في هذه الانتخابات ،
نقلا عن أليكس تيريل ، زعيم حزب الخضر في كيبيك (بيان صحفي)
وبالنسبة لمليك قالمي مهما كانت نتيجة الانتخابات مساء يوم 3 أكتوبر تشرين الأوّل، فإنه يكون قد كسب ’’الكثير من الخبرة ترشيحه وعمله كمنظّم سياسي. إنها تجربة لا يمكن أن تضيع.