في زيارة فضيلة الأب الروحي گنزفرا وليد رئيس المجلس الروحي في كندا والوفد المرافق له من أعضاء المجلس الروحي الأعلى للصابئة المندائيين. كلاً من الاشكندا اوس العيداني والاشكندا معن الترميذا عطوان والسيدة سرى كريم في كندا لمنظمة المجموعة التكاملية الكندية أمس الثلاثاء 9/5/2023 تم تقديم درع هدية للأستاذ غسان فؤاد ساكا رئيس منظمة المجموعة التكاملية الكندية في مدينة ونزور الكندية. وقد تم التباحث حول ظروف الطائفة في المهجر وما يمكن تذليلها من صعوبات تواجه الطائفة في جو ساده التفاهم والاخوة التي تربط بين ابناء البلد الأم. وتم تقديم درع المجلس الروحي الأعلى للطائفة للأستاذ غسان فؤاد ساكا.
وتعد ديانة الصابئة المندائية من أقدم الديانات التي تؤمن بالتوحيد والتي تعد منطقة الهلال الخصيب موطنها الاصلي والذي يعتبر العراق واحدا من تجمعاتها البشرية الأولى. وقد ورد في تراثها الفكري والعقائدي اشارات كثيرة تؤكد هذا الانتماء والمنبع الموغلان في أعمق جذورها وكما مبين ادناه. ((لقــد حــان أجـلـي وألتمـس الـذهـاب ، ويخيفـني الّرحيـل ، ولا أعــلم كـيف سيـكون طريقـي ؛فليس هناك أحـد تقـيا” كـان أم مسـيئا” غـادر ثم عـاد كـي أسألـه عـن الطـريق ، وكـيـف يـكـون))
سام بن نوح / كتاب تعاليم ومواعظ النبي يحيى عليه السلام.
عاش الصابئة المندائيون منذ أقدم الأزمنة ، وهم حسب التدوين المقدس في كتبهم من أقدم المعتقدات التي تداخل نشوئها التاريخي في عدة أمكنة ولكنها محصورة بين العراق وبلاد الشام وبلاد فارس حصراُ ولديهم ما يدعوه ويثبت انهم عاصروا النبي إبراهيم في أور ، وكان منهم من صعد مع نوح (ع) في سفينة النجاة ، وكان لهم مع النبي الشهيد يحيى (ع) صلة روحية ودينية وتبشيرية ودروس حياتية والتي يستنبطون منها توحد ذاتهم في كتلتهم الأبدية التي حافظوا على تماسكها منذ أقدم الأزمنة ويدركون مع تعاليمه ذلك الأفق الواسع الذي حملته تلك التعاليم وهي تدعو الى الوحدانية والصفاء ، فالنبي الكريم الذي يتفاخر مندائيو اليوم بالانتساب إليه بعد نسبهم لآدم وإبراهيم (ع) يمتلكون الظن بأنه كان من العدل والطيبة واحترام الرؤية الأخرى انه حين عمد السيد المسيح فهو لم يعمده وفق تعاليمه المندائية الأولى بالرغم من أن السيد المسيح (ع) طلب منه صباغته وفق ما يؤمن فيه النبي يحيى من طقس معمداني تعود الى ديانته كما ذكره النص في الإصحاح السابع قول السيد المسيح (ع): ((يا يحيى اصبغني بصباغـتك وانطق الاسم الذي تذكره عـلـيّ ، وسأذكر صنيعك هذا في وثيقة , وإن لم أتتلمذ)))
كتاب تعاليم يهيا كما ينطق في المندائية والعبرية هو صورة من صور صناعة حكمة الروح وتهذيبها، وكان الكهنة المندائيون الكبار ولم يزلوا يرون فيه مرجعاً مهماً بعد كتاب ((الكنزا ربا)) لأن المندائية كغيرها من الديانات الشرقية ترى في الرسول لهذه الديانة المبشر والمرجع والكلمة الواصلة بين العبد وخالقه. لكن في النهاية جاء الأمر الإلهي بتعميد المعلم لتلميذه كما ورد في كتاب تعاليم ومواعظ ((يحيا)) فيقول ((يا يحيى أصبغ المسيح، أصبغه في يردنا وأصعد ضفة النهر حيث روح القدس تمثلت في حمامة رسمت صليباً))
هكذا يرى المندائيون في القديس والنبي (يحيا) معمدانا ورسولا لوجودهم، وهم يذكرون دوما في المحاجات التاريخية لوجودهم أنهم من نسل آدم (ع) وأنهم عاصروا الأنبياء نوح وإبراهيم (ع) ومن جاء بعدهم؟
ولم يغفل عن ذكرهم القرآن الكريم في مواضع عدة بإشارات واضحة تعترف بوجودهم التاريخي والروحي وتضعهم بمصاف ديانات التوحيد الكبرى. لقد ورد ذكر الصابئة وبصورة مستقلة في القرآن الكريم وفي الآيات الآتية. الآية 62 من السورة الثانية (سورة البقرة).