مَثُلت اليوم نائبة رئيس الحكومة الفدرالية، وزيرة المالية كريستيا فريلاند، بدورها أمام لجنة رولو، فقالت إنّ تهديد الأمن الاقتصادي لكندا يشكل تهديداً لجميع الكنديين.
ولجنة التحقيق برئاسة القاضي بول رولو مُفوَّضة بتحديد ما إذا كان هناك ما يبرّر لجوء حكومة جوستان ترودو الليبرالية في أوتاوا إلى قانون تدابير الطوارئ في 14 شباط (فبراير) 2022 بهدف إنهاء احتجاجات سائقي شاحنات وسواهم من المتظاهرين المعارضين للإجراءات الصحية المتصلة بجائحة كوفيد-19.
وركّزت فريلاند أمام اللجنة على كيف أنه بإمكان الحواجز والتجمعات الاحتجاجية على الطرقات أن تضر بالاقتصاد الكندي، لا سيما من خلال إلحاق ’’ضرر لا يمكن إصلاحه‘‘ بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، الشريك التجاري الأول لكندا.
واستهلت فريلاند شهادتها بالتذكير بسياق الأشهر التي سبقت احتجاجات شباط (فبراير) 2022.
فآنذاك كانت كندا تخشى بالفعل حرباً تجارية مع الولايات المتحدة التي كانت تقوم بإعداد ’’قانون إعادة البناء بشكل أفضل‘‘ (Build Back Better Act)، وهو مشروع قانون نصّ على تقديم حوافز مالية لشركات صناعة السيارات لكي تقوم بإنتاج سياراتها داخل الولايات المتحدة.
وأشارت فريلاند إلى أنّ تظاهرات سائقي الشاحنات المحتجين على الإجراءات الصحية المتصلة بجائحة كوفيد-19، لاسيما تلك التي أدّت إلى إغلاق جسر أمباسادور، أعطت الأميركيين حجة إضافية لتشجيع الحمائية في صناعة السيارات.
’’وكلما طال أمد ذلك، زاد خطر فقدانِ الولايات المتحدة ثقتها بنا وخطر تضررِ علاقاتنا التجارية بشكل يتعذر إصلاحه، وزادَ أيضاً خطر تخلي المستثمرين الأجانب عن كندا‘‘، أوضحت فريلاند.
ويربط جسر أمباسادور بين مدينة وندسور في مقاطعة أونتاريو ومدينة ديترويت في ولاية ميشيغان الأميركية، وهو الرابط العابر للحدود الأكثر ازدحاماً في أميركا الشمالية.
لأوّل مرة كان الأميركيون يرون ضوءاً أصفر يومض في كندا ويقول إنّ سلسلة التوريد الكندية قد تتسبب بمشكلة للولايات المتحدة. أدركتُ في تلك اللحظة أنّ الخطر لم يكن الضرر الفوري، لكن الضرر الذي لا يمكن إصلاحه في علاقاتنا التجارية مع الولايات المتحدة.
نقلا عن كريستيا فريلاند، نائبة رئيس الحكومة الكندية ووزيرةُ المالية
وتأكّدت مخاوف فريلاند بعد ذلك خلال اجتماع مع مديري المصارف الكندية الكبرى مساء الأحد 13 شباط (فبراير)، أي عشية استدعاء رئيس الحكومة، جوستان ترودو، قانون تدابير الطوارئ لإنهاء الاحتجاجات.
كان الاجتماع ’’غير عادي بالمرّة‘‘، حسبما قالت فريلاند عدة مرات، مؤكدة على خطورة الوضع.
ووفقاً لمحضر الاجتماع، أكّد القادة المصرفيون أنّ سمعة كندا ’’في خطر‘‘.
وقال أحدهم في الاجتماع إنه أمضى ’’الكثير من الوقت في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي‘‘ ونقل عن مستثمر أميركي قوله له: ’’لن أستثمر سنتاً واحداً لديكم، في جمهورية الموز الكندية، بعد الآن‘‘.
’’قد يؤدي انخفاضٌ في الاستثمارات إلى فقدان وظائف للكنديين وإلى خفض مستوى المعيشة العام لديهم. (…) وأنا كان عليّ أن أقود القارب، ولديّ مسؤولية كبيرة وعميقة تجاه الكنديين‘‘، أضافت فريلاند أمام اللجنة وقد تأثرت وتحركت الدموع في عينيها.
وسألت لجنة رولو نائبةَ رئيس الحكومة الفدرالية عن الصلة بين تهديدٍ للأمن القومي وتهديدٍ للاقتصاد، فأعطى ردُّها ما يمكن اعتباره أوضح فكرة حتى الآن عن المنطق الذي استندت إليه الحكومة لاستدعاء قانون الطوارئ.
أمنُنا كدولة مبنيّ على أمننا الاقتصادي، وإذا كان أمننا الاقتصادي مهدداً، فإنّ أمننا بأكمله مهددٌ.
نقلا عن كريستيا فريلاند، نائبة رئيس الحكومة الكندية ووزيرةُ المالية
وشرحت فريلاند أنه تعيّن على الحكومة إيجاد وسيلة لوضع حدّ سريع لتلك الاحتجاجات التي كانت تلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد الكندي.
’’نظرنا إلى الأدوات المتاحة في تلك المرحلة وتوصلنا إلى استنتاج مفاده أنّ كلّ ما كان بإمكاننا استخدامه قد تمّ بالفعل استخدامه‘‘، قالت فريلاند.
ويمثل رئيس الحكومة الفدرالية جوستان ترودو غداً أمام لجنة القاضي رولو.
(نقلاً عن موقع راديو كندا، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)