ممثل خامنئي زار أسرة الشابة المغدورة لساعتين في محاولة نزع فتيل التوتر
قالت وسائل إعلام إيرانية اليوم الثلاثاء إن مساعداً للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي قدم العزاء لأسرة الشابة مهسا أميني (22 سنة) التي أثارت وفاتها بعد احتجازها في مركز للشرطة احتجاجات استمرت أياماً، ووعد بأن السلطات لن تتجاهل حقوقهم.
ويبدو أن هدف الزيارة نزع فتيل التوتر الذي نشب إثر وفاة الفتاة بعدما دخلت في غيبوبة في أعقاب إلقاء شرطة الأخلاق القبض عليها في طهران الأسبوع الماضي بسبب “زيها غير المناسب”، الأمر الذي أثار غضباً في أنحاء البلاد واحتجاجات في عديد من المناطق منها العاصمة.
وقالت وكالة “تسنيم” شبه الرسمية للأنباء إن ممثل الزعيم الأعلى آية الله غلي خامنئي في إقليم كردستان عبدالرضا بورذهبي، قام بزيارة استغرقت ساعتين لأسرة مهسا أميني يوم الإثنين 19 سبتمبر (أيلول) الحالي. ونسبت الوكالة إلى بورذهبي تصريحات نشرتها أيضاً وكالة الأنباء الرسمية. وقال بورذهبي لأسرة الفتاة “ستتخذ جميع المؤسسات (المعنية) إجراء للحفاظ على الحقوق التي جرى انتهاكها”. وأضاف أنه متأكد من أن خامنئي “أيضاً متأثر ومتألم” لوفاتها.
وصرح بورذهبي قائلاً لأسرة المرأة “آمل بأن يكون من شأن هذا التعاطف وسلامة نية أسرتكم علاج الصدمة التي أصابت المجتمع”.
وأردف “كما وعدت أسرة الآنسة (مهسا) أميني بأنني سأتابع أيضاً قضية وفاتها حتى النتيجة النهائية”.
وطالبت الولايات المتحدة الإثنين بمحاسبة المسؤولين، قائلة إن “وفاة مهسا أميني بعد إصابتها بجروح أثناء احتجازها لدى الشرطة لوضعها حجاباً وصف بأنه غير لائق، يعد إهانة مروعة وشنيعة لحقوق الإنسان”. كما نددت فرنسا باعتقال الشابة أميني “والعنف الذي سبب وفاتها”.
في المقابل قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إنه صدر أمر بفتح تحقيق في ما وصفه بـ”وفاة مهسا أميني المأساوية”، متهماً واشنطن “بذرف دموع التماسيح”.
الأمم المتحدة قلقة
وكانت الأمم المتحدة أعربت عن “قلقها” حيال “رد قوات الأمن العنيف” ضد المحتجين على وفاة الشابة مهسا أميني في إيران، إثر توقيفها من جانب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وجاء في بيان لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء 20 سبتمبر (أيلول) الحالي، أن “المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالإنابة ندى الناشف أعربت عن قلقها حيال وفاة مهسا أميني في الحجز، بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق الإيرانية تطبيقاً لقواعد الحجاب الصارمة، وحيال رد قوات الأمن العنيف على المتظاهرين” احتجاجاً على الوفاة.
قتلى خلال التظاهرات
وكانت منظمة حقوقية كردية أعلنت أن خمسة أشخاص لقوا حتفهم في إيران، أمس الإثنين، خلال احتجاجات في إقليم كردي على وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة فيما استمرت الاضطرابات بسبب الحادثة التي أثارت غضباً في أنحاء البلاد لليوم الثالث على التوالي.
وقالت منظمة “هنجاو” المدافعة عن حقوق الإنسان على “تويتر” إن رجلين قتلا عندما أطلقت قوات الأمن النار على المحتجين في مدينة سقز الكردية مسقط رأس أميني.
وأضافت أن رجلين آخرين قتلا في بلدة ديواندره في “إطلاق نار مباشر” من قوات الأمن وقتل خامس في دهكلان بالمنطقة الكردية أيضاً. وقالت المنظمة إن 75 شخصاً أصيبوا في بلدة ديواندره، ولم يصدر تأكيد رسمي لسقوط القتلى.
طلاب جامعات طهران نظموا احتجاجات واسعة وأطلقوا شعارات ضد النظام (وسائل التواصل الاجتماعي)
انقطاع الإنترنت
وقال التلفزيون الرسمي إنه تم اعتقال عدد من المحتجين، لكنه نفى “بعض المزاعم على مواقع التواصل الاجتماعي بسقوط قتلى”، وعرض لقطات لشابين مصابين ينفيان صحة التقارير عن مقتلهما، لكن اسميهما كانا مختلفين عن الاسمين اللذين نشرتهما “هنجاو”.
وقال مرصد “نتبلوكس” لمراقبة انقطاعات الإنترنت في حسابه على “تويتر”، “انقطاع شبه كامل للاتصال بالإنترنت في سنندج” عاصمة الإقليم الكردي، الإثنين، وربط ذلك بالاحتجاجات.
محاسبة “شرطة الأخلاق”
وفي وقت سابق قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، الإثنين، إن الولايات المتحدة تطالب بالمحاسبة في واقعة وفاة أميني بعد أن ألقي القبض عليها في طهران الأسبوع الماضي لوضعها حجاباً “غير لائق”.
وأضاف المسؤول “وفاة مهسا أميني بعد إصابتها بجروح في أثناء احتجازها لدى الشرطة لوضعها حجاباً غير لائق إهانة مروعة وشنيعة لحقوق الإنسان، خالص العزاء لأسرة ومحبي مهسا”.
وتابع “يجب أن يكون للمرأة في إيران الحق بارتداء ما تريد من دون عنف أو مضايقة، يجب على إيران أن تكف عن استخدامها للعنف ضد المرأة بسبب ممارستها حرياتها الأساسية، يجب أن تكون هناك محاسبة على وفاة مهسا”.
من جانبها اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية اعتقال السلطات الإيرانية أميني ثم وفاتها على يد الشرطة أمراً مروعاً للغاية، مشيرة إلى أنه يجب إجراء تحقيق شفاف وعاجل لكشف ملابسات وفاتها.
تظاهرات جديدة
وشهدت إيران، الإثنين، تظاهرات جديدة خصوصاً في طهران ومشهد تنديداً بوفاة شابة إثر توقيفها من جانب “شرطة الأخلاق” فيما نفت الأخيرة مجدداً أية مسؤولية لها في هذه الحادثة.
وذكرت وكالتا “فارس” و”تسنيم” الإيرانيتان للأنباء أن تظاهرة أقيمت مساء الأحد في سنندج عاصمة محافظة كردستان في شمال غربي إيران، حيث تتحدر الشابة، فيما سارت تظاهرات أخرى، الإثنين، في جامعات عدة من العاصمة إيران.
وأعلنت وكالة “فارس” أنه مساء الإثنين في شارع الحجاب وسط طهران ردد “مئات الأشخاص شعارات مناهضة للسلطات، وخلعت نساء الحجاب”.
خلع الحجاب
وأظهر شريط فيديو قصير نشرته الوكالة حشداً يضم عشرات الأشخاص بينهم نساء خلعن الحجاب وهتفن “الموت للجمهورية الإسلامية”.
وقالت وكالة “فارس” إن “الشرطة اعتقلت أشخاص عدة وفرقت الحشود بالهراوات والغاز المسيل للدموع”.
وذكرت وكالة “تسنيم” للأنباء أن تجمعاً مماثلاً جرى في مشهد أول مدينة مقدسة في البلاد (شمال شرقي).
وفي 13 سبتمبر، أوقفت الشابة مهسا أميني (22 سنة)، المتحدرة من محافظة كردستان، في العاصمة طهران بحجة ارتداء “ملابس غير ملائمة”، على يد عناصر من شرطة الأخلاق المكلفة التحقق من تطبيق القواعد الإسلامية، ومنها إلزامية وضع الحجاب.
وتفرض “شرطة الأخلاق” على النساء في إيران قيوداً مشددة على الملبس، بينها منعهن من ارتداء معاطف قصيرة فوق الركبة أو سراويل ضيقة وسراويل جينز بها ثقوب، إضافة إلى الملابس ذات الألوان الفاقعة.
ودخلت الشابة في غيبوبة إثر توقيفها، وتوفيت الجمعة الماضي في المستشفى، بحسب قناة التلفزيون العامة وعائلتها.
وفاة مشبوهة
اعتبر ناشطون أن وفاة مهسا أميني “مشبوهة”، غير أن شرطة طهران أكدت الأسبوع الماضي عدم حصول أي “احتكاك جسدي” بين الشرطيين والضحية.
وأثارت وفاة الشابة موجة غضب في إيران، كما طلب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي فتح تحقيق في الحادثة.
وبعد تظاهرة أولى السبت في مدينة ساغير، مسقط رأس مهسا أميني، احتشد نحو 500 شخص في تظاهرة بسنندج، وفق وكالة “فارس”.
وأوضحت الوكالة أن “المتظاهرين أطلقوا شعارات ضد المسؤولين وحطموا زجاج بعض السيارات وأحرقوا حاويات قمامة”، مشيرة إلى أن الشرطة استخدمت “الغاز المسيل للدموع لتفريق” المتظاهرين وأوقفت عدداً منهم.
تحت التعذيب
وذكرت وكالة “فارس” أن “عديد من المتظاهرين على اقتناع بأن مهسا قضت تحت التعذيب”.
وفي العاصمة الإيرانية، أطلق طلاب حركات احتجاجية في جامعات عدة، بينها جامعتا طهران وشهيد بهشتي، مطالبين السلطات بـ”إيضاحات” بشأن وفاة الشابة، وفق وكالة “تسنيم”.
ونفى قائد شرطة طهران الجنرال حسين رحيمي مجدداً “الاتهامات الظالمة في حق الشرطة”، وقال “لم يحصل أي إهمال من جانبنا، لقد أجرينا تحقيقات وكل الأدلة تثبت عدم حصول أي إهمال أو أي سلوك غير ملائم من جانب شرطيينا”، وأضاف “ما حصل حادثة مؤسفة ونأمل ألا نشهد يوماً مثل هذه الحوادث مجدداً”.
وجدد رحيمي قوله إن الشابة خرقت قواعد اللباس، مشيراً إلى أن الشرطيين طلبوا من أقارب مهسا تزويدها بـ”ملابس محتشمة”.
ويوم وفاتها، نشر التلفزيون الحكومي مقطع فيديو قصيراً من كاميرا مراقبة يظهر امرأة عرفت على أنها مهسا أميني تنهار في مركز الشرطة بعد أن تحدثت معها شرطية.
وعلق والد الفتاة أمجد أميني على ذلك قائلاً لوكالة فارس الإثنين إن “الفيديو مجتزأ”، مشيراً إلى أن ابنته “نقلت بصورة متأخرة إلى المستشفى”.
وقال وزير الداخلية أحمد وحيدي السبت إن “مهسا كان لديها على ما يبدو مشكلات صحية سابقة”، و”أجريت لها جراحة في الدماغ حين كانت في الخامسة من العمر”.
لكن والد الضحية نفى هذه المعلومات، مؤكداً أن ابنته كانت “بصحة ممتازة”. وأوقفت الشابة خلال زيارتها طهران مع عائلتها
قتيلان و10 جرحى
وذكر موقع “كوردبويا” الذي ينشر تفاصيل الاحتجاجات في كردستان أن اثنين من المحتجين قتلا برصاص الأمن، فيما جرح 10 أشخاص في مدينة سنندج.
شهدت مدن أخرى منها أشنويه وبوكان وبيرانشهر ومهاباد احتجاجات ضد السلطات، كما هتف المحتجون بشعارات ضد النظام ومرشد الجمهورية علي خامنئي.
ومن الشعارات التي أطلقها المحتجون “الموت للديكتاتور” و”على رجال الدين الرحيل” و”الموت لخامنئي” و”المرأة والحياة والحرية”.
لكن التظاهرات الأكثر كثافة وشدة خرجت من إقليم كردستان الإيراني الذي أخمدت فيه السلطات من قبل اضطرابات بين الأقلية الكردية.
وأظهر مقطع فيديو بثته مجموعة “هينجاو” الحقوقية الكردية عبر “تويتر” الإثنين، محتجين يرشقون قوات الأمن بالحجارة في مدينة ديواندره في كردستان.
وذكر حساب إيراني على “تويتر” يركز على الاحتجاجات في البلاد ويحظى بمتابعة واسعة، أن أصحاب المتاجر نظموا كذلك إضراباً في مدن كردية اليوم.
وقد تؤدي وفاة أميني إلى تصعيد التوتر بين المؤسسة الأمنية والشعب الكردي الذي يتراوح عدده بين ثمانية و10 ملايين نسمة، وكان الحرس الثوري الإيراني استطاع إخماد اضطرابات داخل المناطق الكردية في البلاد على مدى عقود.
وواجهت شرطة الأخلاق خلال الأشهر الأخيرة انتقادات بسبب استخدامها العنف في تدخلاتها.
وأعرب عديد من صانعي الأفلام والفنانين والرياضيين والشخصيات السياسية والدينية، عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاة الشابة.
ودعا الرئيس الإيراني السابق وزعيم التيار الإصلاحي محمد خاتمي السلطات إلى “تقديم مرتكبي هذا العمل إلى العدالة”.