بعد افتتاح ساحة المغترب اللبناني في فيكتوريا، عاصمة مقاطعة بريتيش كولومبيا، في سبتمبر/أيلول، أحيت كندا شهر التراث اللبناني في نوفمبر/تشرين الثاني.
احتفلت الجالية اللبنانية في كندا للمرة الأولى في تاريخ تواجدها في البلاد بشهر التراث اللبناني الذي يصادف نوفمبر/تشرين الثاني.
ودخل القانون الذي يكرّس شهر التراث اللبناني في كندا حيّز التنفيذ في 20 يونيو/حزيران بعد عملية تشريعية استمرت حوالي عام منذ طرح مشروع القانون ’’أس 246‘‘ (S-246) من قبل عضوة مجلس الشيوخ عن مقاطعة نوفا سكوشا، السيناتورة جين كوردي.
ويوم الأربعاء من الأسبوع الماضي 22 تشرين الثاني/نوفمبر، وبمناسبة الذكرى الثمانين لاستقلال لبنان، تم تنظيم حفل رفع العلم اللبناني على تلة البرلمان في أوتاوا، للمرة الأولى.
ورافق الحدث فرقة رقص لبنانية. وشارك في التجمع عدد من الشخصيات اللبنانية والكندية بمن فيهم ثلاثة وزراء فدراليين من بينهم وزيرة التنوع والإدماج والأشخاص ذوي الإعاقة، كمال كهيرا.
ولم يكن من الممكن أن يُقام الحفل دون حضور ممثلة دائرة هاليفاكس-ويست في مجلس العموم، النائبة الليبرالية لينا متلج دياب.
وحملت السيدة متلج دياب مشروع تأسيس شهر التراث اللبناني في كندا منذ بداياته.
وخلال القراءة الثانية لمشروع القانون في مجلس الشيوخ، سلطت السيناتورة جين كوردي، راعية هذا القانون، الضوء على ’’قيادة لينا متلج دياب التي كانت حاسمة للغاية في هذا الشأن.‘‘
وانتُخبت لينا متلج دياب نائبة في مجلس العموم في عام 2021. وهي مولودة في هاليفاكس لأبوين لبنانيين مهاجرين.
وأمضت السنوات الأولى من طفولتها في لبنان قبل أن تعود إلى كندا عام 1976 بسبب الحرب.
وبين عامي 2013 و2021، كانت نائبة في الجمعية التشريعية في نوفا سكوشا وتولت عدة حقائب وزارية في المقاطعة بما في ذلك وزارتا العدل والهجرة.
Début du widget Widget. Passer le widget ?
Today marked the first-ever national Lebanese Heritage Month flag-raising ceremony on Parliament Hill! Throughout November, we’re celebrating the culture, heritage, and contributions of Lebanese communities who have called Canada home for over 140 years. pic.twitter.com/DlrVxCv1lt— Kamal Khera (@KamalKheraLib) November 22, 2023
Fin du widget Widget. Retourner au début du widget ?
وفي السنوات الأخيرة، قبل إعلان شهر نوفمبر/تشرين الثاني شهراً للتراث اللبناني في كندا، سبق وأن أعلنت مقاطعتان أخريان القرار نفسه وهما أونتاريو في عام 2017 ونوفا سكوشا في عام 2018.
ومؤخراً، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن المجلس البلدي لمدينة مون رويال الواقعة في قلب جزيرة مونتريال شهر نوفمبر/تشرين الثاني شهراً للتراث اللبناني.
ومن جانبه، دعا رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو، في مطلع الشهر الجاري، عبر بيان صحفي، الكنديين ’’إلى التعرف على ما يجلبه الكنديون من أصل لبناني إلى ثقافتنا واقتصادنا ومجتمعاتنا. سواء من خلال مشاركة المطبخ اللبناني، أو من خلال الاحتفالات التي تتميز بالموسيقى والرقص التقليدي، أو من خلال تأثيرهم في مجالات العلوم والطب، يساهم الكنديون من أصل لبناني في جعل كندا البلد الذي نحبه.‘‘
من فانكوفر إلى فيكتوريا
لم تنتظر الجالية اللبنانية شهر نوفمبر/تشرين الثاني للاحتفال بوجودها في كندا.
فيوم الأحد 24 أيلول/سبتمبر، في فيكتوريا، عاصمة بريتيش كولومبيا ، تم افتتاح ساحة المغترب اللبناني.
في ذلك اليوم، كان على المشاركين الاستيقاظ مبكراً ليتمكّنوا من ركوب الحافلة التي تقلّهم من وسط مدينة فانكوفر إلى محطة العبارات الواقعة جنوباً في بلدة تساواسن، وهي الطريقة الوحيدة للوصول إلى فيكتوريا.
وكان من المقرر افتتاح ساحة المغترب اللبناني عند الساعة 12.30 ظهراً، بحسب البرنامج الذي وزّعه نيكولا قهوجي، القنصل الفخري للبنان في فانكوفر، المشرف على المشروع.
ففي هذا اليوم الخريفي تحت سماء متغيرة، كانت حافلتان استأجرهما فرع بريتيش كولومبيا في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم(World Lebanese Cultural Union – WLCU) تنتظران المشاركين الذين كانوا يصلون واحدا تلو الآخر، بمفردهم أو مع عائلاتهم أو في مجموعات.
ومع امتلاء الحافلتين، بدأ الركاب يتجاذبون أطراف الحديث حيث امتزجت اللغة العربية بالإنكليزية.
وكان بعض كبار السن، الذين كان واضحاً أنهم خرجوا للتو من قداس صباحي، يتناقشون في مواضيع دينية باللغة العربية.
وانطلقت الحافلتان في 8:25 صباحاً. وكانت مظاهر الاستعداد لعيد الهالوين بادية على المدينة وضواحيها التي كانت لا تزال نائمة صباح ذلك الأحد حيث كانت درجات الحرارة المتوقعة بين 11 و18 درجة مئوية.
وفي حوالي الساعة الثامنة صباحاً، بدأت رائحة هواء البحر تفوح معلنة عن اقتراب محطة العبارات. وكانت إشارات المرور تشير إلى أرض تابعة للأمم الأول (Tsawwassen First Nation) التي تقع عليها المحطة.
وصعدت الحافلتان على متن العبارة التي أقلعت من الميناء بحلول الساعة العاشرة صباحاً.
وعلى السطح العلوي، جلس أربعة أصدقاء من أصل لبناني يتحدّثون عن برنامج اليوم.
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي، أوضح حسين س. أنه تبرّع لِمشروع ساحة المغترب اللبناني حتى ’’يُوضع اسم أمي وأبي على اللوحة التذكارية.‘‘
وهاجر هذا الأخير إلى كندا مع والديه عام 1990. وهو أب لشابين، وقال إنّ هذه الساحة ’’تسمح لنا بالحفاظ على ثقافتنا حية.‘‘
ومن جانبه، أضاف طارق زيدان، الذي يقيم في فانكوفر منذ بضعة أشهر فقط، إنه من المهم أن ’’أكون حاضراً لدعم المجتمع والالتقاء بالناس.‘‘
وبالنسبة لعمر عطية، الذي يقيم في فانكوفر منذ عامين، يُعدّ هذا الحدث فرصة لإعادة التواصل مع المجتمع اللبناني.
المشاركة في هذا الحدث تجعلني أشعر أنني لازلت أنتمي إلى لبنان وتسمح لي بإعادة التواصل مع مجتمعي.
نقلا عن عمر عطية
ويوضح هذا الأخير أنه اختار المجيء والعيش في فانكوفر لأنه وجد المزيد من الفرص فيها.’’المناخ ليس باردًا جداً والطبيعة جميلة‘‘، كما يوضح هذا المتخصص في تكنولوجيا المعلومات.
ومن جهته، كان زياد بستاني حاضرا كراعي للحدث. وهو يعمل في سلسلة المطاعم اللبنانية ’’زعتر وزيت‘‘ التي افتتحت فرعاً لها في فانكوفر. ويعتزم التوسع في جميع أنحاء كندا.
135 عاماً من الوجود اللبناني في بريتيش كولومبيا
كانت مهمة منشطة الحفل، ميلاني قهوجي، المتدربة في المحاماة في تورونتو وعضو الهيئة التنفيذية لفرع بريتش كولومبيا في الجامعة اللبنانية الثقافية العالمية، جدّ حساسة.
وكان عليها ألاّ تنسى أياً من الوجهاء الحاضرين، سواء وجهاء الجالية اللبنانية في كندا أو السياسيين الحاضرين.
وغابت عمدة بلدية فيكتوريا ماريان ألتو، لكن مثلها نائبها جيريمي كارادونا.
ويعود سبب غيابها لمشاركتها في حفل تكريم ضابط شرطة كان قد قُتل قبل أيام أثناء ممارسة مهامه (نافذة جديدة).
ومن جانبه، مثّل عضو الجمعية التشريعية للمقاطعة رافي بارمار رئيس الحكومة وحكومة بريتيش كولومبيا.
واستهلّ السيد بارمار كلمته بالاعتراف بأنّ الأرض التي يقف عليها تابعة لأمة ’’سونغيز‘‘ الأولى (Songhees) التي تعيش منذ لآلاف السنين على أراضي ما يعرف اليوم بمدينة فيكتوريا.
وهذه ليست الإشارة الوحيدة لسكان غرب كندا الأصليين حيث بدأ الحفل بأداء أغاني ورقصات قدمتها فرقة ’’جوزيف‘‘ (Joseph’s Singers and Dancers) المكونة من مطربين وراقصين من السكان الأصليين.
وفي الكلمة التي ألقاها، شرح نيكولا قهوجي، القنصل الفخري للبنان في فانكوفر، معنى العناصر المختلفة التي تشكل ساحة المغترب اللبناني.
هذه الساحة عبارة عن متحف في الهواء الطلق تبرعت به الجالية اللبنانية لمدينة فيكتوريا.
نقلا عن نيكولا قهوج، قنصل لبنان الفخري في فانكوفر
والمنصة الدائرية مستوحاة من مضمار سباق الخيل الفينيقي والروماني، ’’الذي يعكس التراث التاريخي الغني للبنان. تتكون هذه المنصة من مستويين، وتعكس تقاليد المعابد الرومانية وآثار لبنان، والتي غالباً ما تكون مبنية فوق المعابد الفينيقية‘‘، كما قال.
أما المقعد (غير ظاهر في الصورة) فمستوحى من القطار. ’’انطلقت شبكة السكك الحديدية اللبنانية عام 1890، لنقل المسافرين من شمال شرق لبنان إلى وادي البقاع ومرفأ بيروت”.
وانطلاقاً من هذا المرفأ، انتشر المهاجرون اللبنانيون عبر العالم.
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي، قدّر السفير اللبناني في كندا عدد ’’الكنديين من أصل لبناني بـ 500 ألف شخص. وصل أول لبناني إلى مونتريال إلى مدينة سان لوران على جزيرة مونتريال (وهي اليوم أحد أحياء مونتريال) عام 1882. كان اسمه إبراهيم أبونادر ومن مدينة زحلة.‘‘
أما التمثال فيمثل ’’رواد الهجرة اللبنانية الذين وصلوا إلى فيكتوريا عام 1888، بدءاً من رشيد وفارس الراعي اللذين انضم إليهما شقيقهما إبراهيم عام 1889‘‘، كما أضاف الدكتور نيكولا قهوجي، طبيب الأسنان.
حضور لبناني في هذه المقاطعة الواقعة غربي كندا، مستمر منذ 135 عاماً.
وفي حديثه مع راديو كندا الدولي، أشار نيكولا قهوجي إلى أن التمثال هبة من عائلة المر ’’باسم المرحوم جورج المر‘‘. وكان هذا الأخير رجل أعمال ناجحاً من أصل لبناني وشغل منصب نائب رئيس الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم.
وتم تشييد تمثال المهاجر اللبناني وسط مساحة خضراء في ميناء فيكتوريا، على مسافة ليست ببعيدة عن الجمعية التشريعية لِبريتيش كولومبيا ، وهو نسخة من ذاك الموجود قرب مرفأ بيروت وفي هاليفاكس في نوفا سكوشا.
وتمّ تصميم النموذج الأصلي عام 1979 على يد النحات المكسيكي من أصل لبناني رامز باركيه. ويبلغ ارتفاعه 2,25 متراً وامتداده 1,5 متراً ويزن 600 كغ.