بقلم: هادي المهدي
لم تكن الفلسفة لحظة تجليها الأولى في أثينا القديمة علماً أكاديمياً يحتكر دراسته مرتادو المدارس الفلسفية أو حتى يحتكر تدريسه الفلاسفة بالمعنى الأكاديمي الذي اكتسبته المهنة في وقتنا الحالي.
بل يمكنني القول بأن الفلسفة كانت مشاعاً بين الناس لكل من يحبون الفلسفة (صوفي).
الكثير من الفلاسفة على مر التاريخ تحدثوا عن فن العيش بل وأسسوا فلسفتهم كفلسفة للعيش وليست فقط نظريات مؤطّرة بين دفتي الكتب.
يقول الفيلسوف أبيكتيوس تعضيداً لما قلته بالأعلى حول أن الفلسفة ليست حقلاً أكاديمياً صرفاً يقول: “ مدرسة الفيلسوف هي عيادة الطبيب “ في تصوير واضح لرؤية هؤلاء القوم للفلسفة في ذلك الحين.
إذا كانت الفلسفة مرشدة لنا في شيء فإن أعظم ما ترشدنا إليه هو السعادة وإذا كنا نحن الآن نعيش الحياة فغاية بحثنا هو السعادة في هذه الحياة، تلك السعادة التي لن تتحقق في ظني إلا إذا أتقنا العيش ببساطة.
العيش ببساطة لا يعني عدم الاكتراث للواقع أو النظرة الميتافيزيقية للعالم فمثل هذه الرؤى بالأساس سعت الفلسفة دوماً إلى تقويضها.
لكني أعني بالعيش ببساطة العيش بالعقل وعلى العقل ومن أجل العقل أو كما قال أبيقور بأن أعظم المتع عنده هي المتعة العقلية متفوقة عنده على المتعة الغريزية.
إن قدرة الانسان على التأمل قد تكون هي المخرج له من كل ما يعده شقاء او تعاسة فكما يقول برتراند راسل بأن القليل من إعمال العقل في همومك يجعلك تراها كلا شيء.
إنني أرى الحياة ليست سوى الا تأويلات وليس ثمة واقعة مطلقة في هذه الحياة فإذا كانت الحياة عدة وقائع لكل واقعة تأويلاتها المتعددة فالإنسان هو الكائن المؤوِّل للوقائع ويقع على عاتقه عبء التأويل الذي يصنع به صورة أفضل عن واقعه المعيش.