ينظر الإسرائيليون إلى حي الشجاعية في غزة كلعنة تلاحقهم في حروبهم المتتالية على القطاع وكابوس لا يستطيعون التخلص منه، بل يخوضون الحرب بذكرياته في أعقاب تكبّد جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر كبيرة في جولات عسكرية سابقة، منها خلال عدوانه على غزة عام 2014 واستهداف ناقلة جنود مدرعة من منطقة الشجاعية، ما أدى إلى مقتل عدد من جنود لواء غولاني.
ويعود حي الشجاعية في هذه الحرب، لتكبيد جيش الاحتلال خسائر أخرى بمقتل 10 من جنوده يوم أمس فقط، من لواء غولاني الذي يعتبر تاريخه أسود مع غزة، هذا عدا عن قتلى وجرحى الأيام الماضية في المعارك المختلفة بالقطاع.
وكان العديد من المسؤولين الإسرائيليين قد لمحوا إلى “الحساب المفتوح” مع الشجاعية أو أشاروا إليه مباشرة ومن بينهم وزير الأمن يوآف غالانت الذي قال، في الرابع من الشهر الجاري، خلال لقاء مع الجنود من وحدة غولاني على حدود غزة، إنّ “مقاتلي غولاني يعودون إلى الشجاعية من أجل إغلاق الدائرة (أي الحساب) ولن يتركوه حتى القضاء على جميع البنى التحتية (العسكرية)”.
الشجاعية: معقل خطير
مصطلحات كثيرة أطلقها الإسرائيليون على حي الشجاعية، الواقع شرق مدينة غزة، واصفين إياه بأوصاف تعبّر عن أفكارهم تجاه هذه المنطقة، منها “كابوس” ولعنة” و”معقل الإرهاب” وغيرها من الأوصاف.
واعتبر مراسل الشؤون العسكرية في موقع “والاه” أمير بوحبوط، في تقرير نشره اليوم الأربعاء، أنّ “حي الشجاعية معروف منذ سنوات كمعقل إرهابي وحشي وخطير”، مشيراً إلى سقوط عدد من الجنود فيه وإلى قصف جوي ومدفعي مكثّف استهدف الحي خلال الليلة الماضية، مضيفاً أن المعارك الضارية في هذا الحي ستشتد أكثر في الأيام القريبة.
وأضاف أنه “على مر الحروب الماضية التي أدارتها إسرائيل في قطاع غزة، سقط فيه (أي الشجاعية) عدد كبير من الجنود وفي الحرب الحالية فتح التاريخ الدامي للحي فصلاً جديداً”.
وفي حروب إسرائيل السابقة على قطاع غزة خاض جنود لواء غولاني عدداً كبيراً من المعارك داخل الشجاعية، منها خلال العدوان على غزة عام 2008 وتكبد عدداً كبيراً من القتلى.
وفي العدوان الإسرائيلي على غزة في صيف 2014 خاض جنود لواء غولاني خلال العملية البرية في قلب حي الشجاعية، معارك ضارية أيضاً، حيث خرج لهم المقاومون من كل مكان واستخدم الجيش الإسرائيلي نيراناً مكثفة بلا حدود.
وفقد اللواء 14 من جنوده داخل الشجاعية وحدها خلال العدوان المذكور، بعد عملية عسكرية استدرجت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس فيها عدداً من جنود الاحتلال، كما أعلنت عن أسر الجندي أورون شاؤول.
وتعتبر إسرائيل أنّ أقوى كتائب حركة حماس تتواجد في حي الشجاعية.
ونقل موقع “والاه” عن أحد الضباط المتواجدين في الشجاعية قوله إن من أهداف القتال هناك، تفكيك خط المنازل الذي تعتبر إسرائيل أنه يهدد كيبوتس “ناحل عوز” وبعض مناطق غلاف غزة.
الشجاعية: رمز الحرب
واعتبر المراسل العسكري في صحيفة “معاريف”، طال ليف رام، أن الحساب المفتوح لدى لواء غولاني مع حي الشجاعية “طويل ودامٍ”، وأن اللواء يتذكر استهداف ناقلة الجنود المدرعة عام 2014 “حيث تلقت الكتيبة 13 ضربة قوية بمقتل 7 جنود واختطاف جثة أورون شاؤول”.
واعتبر الكاتب أنّ حركة حماس، حوّلت تلك المعركة إلى رمز وأقامت وسط حي الشجاعية نصباً تذكارياً لها، مضيفاً “المعركة على الشجاعية هي إلى حد كبير معركة أيضاً على الرمز والوعي في هذه الحرب”.
تعتبر إسرائيل أنّ أقوى كتائب حركة حماس تتواجد في حي الشجاعية
وخلال لقاء لخريجي “غولاني” على مر الأجيال، الأسبوع الماضي، فإن اللقاء ذكّر الكثير من الجنود والضباط السابقين، بـ”الحساب المفتوح” مع الشجاعية.
ونقلت “معاريف” عن أحدهم قوله: “تقريباً جميع الضباط الكبار في اللواء لديهم حساب مع الحي”.
حي الشجاعية: بقعة سوداء
وفي مقال، في صحيفة “ماكور ريشون”، في العاشر من الشهر الجاري، اعتبر المراسل العسكري نوعام أمير، حي الشجاعية “البقعة السوداء لعملية الجرف الصامد (عدوان 2014)”، مضيفاً أنها ذات المكان الذي شنت منه المقاومة عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، “وفي خضم الحرب، يرى قادة القوات الميدانية أنه من المهم استكمال مهمة القضاء على حماس”.
وفي إطار التحريض على الشجاعية قال الكاتب إنها “تبدو من النظرة الأولى كأي مخيم لاجئين مزدحم، ولكن بعد عدة جولات قامت بها طائرات مُسيّرة ووسائل تكنولوجية أخرى ظهر واقع مختلف: جميع البيوت، والمساجد، والعيادات، والمدارس والروضات هي غطاء لمواقع إرهابية”، على حد زعمه.
وأضاف: “لا يوجد في الشجاعية أي منزل لم تجد فيه القوات مواد متفجرة وصواريخ جاهزة للإطلاق وفتحات أنفاق، أو مخربين يختبئون في الأماكن المفخخة”، مضيفاً أن “الجيش الإسرائيلي دخل هذا الأسبوع إلى حي المخربين، البقعة السوداء خلال عملية الجرف الصامد ولم ينس للحظة واحدة، أن هذا الحي ليس مجرد رمز لحركة حماس ولكنه قد يتحول أيضاً إلى رمز للحرب الحالية”.
ونقل المراسل العسكري عن ضباط يتواجدون في الشجاعية قولهم: “سنفكك الشجاعية. نحن نتذكر بالضبط ما حدث هنا”، متوعدين بالقضاء على المقاومة.
جيش الاحتلال يعلن مقتل 10 جنود بينهم ضبّاط شماليّ قطاع غزة
المعركة الصعبة في الشجاعية
أما المراسل العسكري للقناة “12” نير دفوري، فكتب، اليوم الأربعاء، أنّ “المعركة الصعبة في الشجاعية والتي قُتل فيها يوم أمس 10 جنود، أثارت من جديد انتقادات علنية معروفة، تم الادعاء في إطارها بأنّ الجيش الإسرائيلي يخاطر بالجنود الذين يدخلون راجلين إلى منطقة غير مطهرة بدون قصف جوي كافٍ قبل ذلك”.
وأشار دفوري إلى أن إحدى أكبر المشاكل التي تواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي في العملية البرية هي أنّ القصف الجوي وأيضاً المدفعي لتمهيد الأرضية لدخول القوات الراجلة، لا ينجز المهمة، ذلك أنّ تفكيك كتائب حماس أو المناطق التي تعمل منها، لا يكفيها القصف من الجو وإنما لا بد منها الوصول إلى الداخل وهدم المناطق ومواجهة المقاومين فوق وتحت الأرض وجمع معلومات استخباراتية هامة.
ولفت المراسل العسكري، إلى أهمية وصول القوات الإسرائيلية إلى تلك المنطقة، من وجهة نظر الاحتلال، من أجل تفكيك حماس وأيضاً إنشاء “منطقة عازلة” بين حي الشجاعية وكيبوتس ناحل عوز الموجود على مسافة 700 متر فقط، على الجانب الآخر من الحدود.
وخلص الكاتب إلى وجود ثمن لا بد من دفعه لدى الدخول البري ودخول القوات الراجلة إلى بعض المناطق في قطاع غزة، والتي تتسبب في مواجهة مباشرة مع المقاومين وبالتالي خسائر في الأرواح.
العربي الجديد