اعتبر محللون عراقيون، حل البرلمان “ضرورة ملحة” لتجنب التصعيد في البلاد، في وقت خلص تحليل نشره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى عدم جدوى إقامة انتخابات مبكرة جديدة في العراق لمجرد أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يريد ذلك.
وأشار التحليل إلى أن المضي بهذه الخطوة سيؤدي إلى تآكل ما تبقى من ديمقراطية في البلاد وإلى ترسيخ الأحزاب الفاسدة.
في الوقت ذاته رجح محلل سياسي عراقي أن الانتخابات المبكرة ربما تكون هي الحل الوحيد بعد أن وصلت الأزمة الحالية في البلاد لمسار يهدد بمزيد من التصعيد بين الأطراف المتخاصمة.
وقال التحليل، الذي كتبه حمزة حداد، إن على “المجتمع الدولي تجنب دعم انتخابات مبكرة لمجرد أن الزعيم السياسي الشيعي غير راضٍ عن نتيجة عملية تشكيل الحكومة ويهدد بالعنف ردا على ذلك”.
ومع ذلك يرى حداد أنه “ونظرا لخطورة المأزق الحالي، يبدو أن الانتخابات المبكرة هي النتيجة الأكثر ترجيحا لإنهاء النزاع، لكنه أشار إلى أن “هناك احتمالا ضئيلا بأن مثل هكذا خطوة “ستوفر آلية حقيقية للحل”.
ويتابع حداد أنه “بالنظر إلى أن الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر الماضي شهدت نسبة إقبال منخفضة، فإن انتخابات أخرى قد تؤدي إلى تآكل ما تبقى من ديمقراطية البلاد، خاصة إذا تم إجراؤها لمجرد استرضاء الصدر”.
ويبين المحلل أنه “لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن انتخابات مبكرة أخرى ستعكس هذا الاتجاه، وربما بدلا من ذلك قد تزيد من ترسيخ الأحزاب الفاسدة وسيطرتها على مرافق الدولة، على اعتبار أن مؤيديها فقط هم من سيذهبون للتصويت”.
ويشير إلى أنه “على الرغم من أن الانتخابات المبكرة هي آلية مناسبة لحل المأزق في العديد من الديمقراطيات حول العالم، إلا أنها لا تستطيع معالجة نقاط الضعف الهيكلية للنظام السياسي في العراق”.
وجدد التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الجمعة، دعوته لأعلى سلطة قضائية في العراق للمرة الثانية في أقل من شهر، إلى حل البرلمان.
وشارك الآلاف من أنصار التيار الصدري في صلاة، الجمعة، التي أقيمت في ساحة محاذية للبرلمان العراقي. وطالب التيار في الخطبة التي ألقاها مهند الموسوي المقرب من الصدر، المحكمة الاتحادية بحل البرلمان.
ومن المقرر أن تعقد المحكمة، الثلاثاء، المقبل جلسة للنظر في الدعوى المقدمة من أمين عام الكتلة الصدرية نصار الربيعي، حسبما أكد مصدر في المحكمة لفرانس برس.
وقال الموسوي مخاطبا القضاء “إذا كان الحكم بيدكم والقانون تحت سلطتكم والدستور تحت أنظاركم تقررون ما تشاؤون” وتابع “خذوها نصحية مني: لن نترك حقنا ولو بعد حين”.
ولا يزال العراق منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة في أكتوبر 2021، في شلل سياسي تام مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وارتفع مستوى التصعيد بين التيار الصدري وخصومه في الإطار التنسيقي، في 30 يوليو عندما باشر مناصرو الصدر اعتصاما عند مبنى البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء، مطالبين بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وذلك بعد أيام من استقالة نواب الكتلة الصدرية البالغ عددهم 73 نائبا.
من جانبهم، يريد خصوم الصدر في الإطار التنسيقي الذي يضم كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة للحشد الشعبي، تشكيل حكومة قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة.
وينفذ مناصرو الإطار التنسيقي أيضا اعتصاما أمام المنطقة الخضراء التي تضم مؤسسات حكومية ومقرات دبلوماسية غربية منذ 12 أغسطس.
وينص الدستور العراقي في المادة 64 منه على أن حل مجلس النواب يتم “بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناء على طلب من ثلث اعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية”.
ويرى المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي أن جميع الأطراف السياسية تعتقد أن حل الأزمة المستعصية في العراق يكمن في حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لكنها تختلف على الآلية التي يجب أن يتم بها ذلك.
ويضيف الفيلي في حديث لموقع “الحرة” أن حل البرلمان سيؤدي بالضرورة إلى إنهاء حالة الاحتقان السياسي الذي تشهده البلاد منذ عدة أشهر، مع إصرار كلا الطرفين المتخاصمين على مطالبه.
ويشدد الفيلي على أن حل البرلمان بات “ضرورة ملحة” لحلحلة الوضع وتجنب المزيد من التصعيد.
يعتقد الفيلي أن بقاء الوضع الحالي ربما يقود بأحد المتخاصمين لتنفيذ عصيان مدني وهو ما سيؤثر على اقتصاد البلاد وربما إيقاف حركة الحياة بشكل تام في البلاد.
ويبين الفيلي أن “الانتخابات المبكرة ستثبت حجوم كل جهة وربما تؤدي إلى اختراق أو انشقاق في أحد المعسكرين مما يمهد الطريق لتسهيل مهمة الطرف الآخر في الحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة”.
وتجري العادة في العراق أن تتوصل أطراف “البيت الشيعي” المهيمنة على المشهد السياسي منذ العام 2003، إلى توافق فيما بينها على اسم رئيس للحكومة.
لكن الأطراف السياسية أخفقت هذه المرة في تحقيق ذلك بعد أشهر طويلة من المفاوضات. ويكمن الخلاف الأساسي بين الطرفين في أن التيار الصدري أراد حكومة “أغلبية وطنية” بتحالف مع السنة والأكراد، في حين أراد خصومه في الإطار التنسيقي الإبقاء على الصيغة التوافقية.