يعد سؤال “أيهما جاء أولا: الدجاجة أم البيضة؟” من الألغاز التي حيرت البشرية على مر العصور.
وبحسب العلماء، فإن البيضة قد تطورت قبل ظهور الدجاجة بمدة تزيد عن نصف مليار سنة، ولكن من الضروري أن نلاحظ أن أول دجاجة مستأنسة قد فقست من بيضة سبقتها.
وفي سياق الاحتفال بـ”يوم البيض العالمي”، استطلعت صحيفة “ميل أونلاين” آراء بعض خبراء التطور حول هذا اللغز، وذكروا أن البيض قد ظهر قبل الدجاجة بملايين السنين، لكن هذا لا يعني أن “بيضة الدجاجة” كانت هي الأولى.
ما هي البيضة؟
تعتبر البيضة من أقدم أشكال التكاثر على وجه الأرض، حيث تضع جميع أنواع الحيوانات تقريبا، باستثناء الثدييات، البيض.
وأوضح جولز هوارد، مراسل علم الحيوان ومؤلف كتاب حول تطور البيض، أن “البيض يمثل وسيلة مثلى لنقل الجينات للأجيال القادمة”.
ويرتبط تطور البيض ارتباطا وثيقا بظهور الحياة كما نعرفها.
قبل ظهور البيض، كانت الكائنات الحية تتكاثر بطريقة تشبه الاستنساخ، مما أدى إلى إنتاج نسخ متطابقة وراثيا، ما كان يعرضها لخطر الفيروسات والطفيليات.
وأشار هوارد إلى أن “غياب التكاثر الجنسي، وبالتالي البيض، كان سيزيد من احتمالية تعرض الأفراد للهلاك بسبب الفيروسات”.
كان شكل البيض في العصور القديمة مختلفا تماما عما نراه اليوم، حيث يُعتقد أن الكائنات مثل قناديل البحر ومخلوقات شبيهة بالديدان هي التي وضعت البيض في فجر التاريخ.
ووفقا لهوارد، تشير الحفريات من الصين إلى أن البيض كان صغيرا جدا، بحجم شعرة الإنسان، وكان ينتشر عبر المحيطات قبل 600 مليون سنة.
البيضة قبل الدجاجة
من الواضح أن البيضة سبقت الدجاجة بمئات الملايين من السنين، لكن بالنسبة لمعظم الناس، قد لا تكون الإجابة مرضية إذا اعتقدوا أن البيض هو فقط ما له قشرة صلبة يمكن فتحها.
ومن ناحية أخرى، فإن أول بيضة ذات قشرة صلبة ظهرت قبل الدجاجة بفترة طويلة، حيث أكدت الدكتورة إلين ماثر، عالمة الحفريات من جامعة فليندرز، أن الإجابة على هذا السؤال تكمن في أن البيض ككل قد سبق الدجاج.
ما هو الدجاج؟
يعود أصل الدجاج المنزلي إلى نوع من دواجن الغابة الحمراء يُعرف باسم “غالوس غالوس”، الذي تطور قبل حوالي 50 مليون سنة.
وعندما بدأ البشر في إزالة الغابات لزراعة المحاصيل، تجمعت هذه الطيور على حواف الحقول.
ومع مرور الوقت، تزاوجت هذه الطيور مع بعضها، مما أدى إلى ظهور نوع جديد أصبح يُعرف باسم الدجاج المستأنس.
ويُعتقد أن أول دجاجة منزلية حقيقية ظهرت قبل حوالي 10,000 عام، ولكن التحليلات الأحدث تشير إلى أن البشر قاموا بتدجين الطيور في جنوب شرق آسيا بين عامي 1650 و 1250 قبل الميلاد، مما يعني أن عمر الدجاجة الحقيقي لا يتجاوز 3500 عام.
ما الذي جاء أولا، الديناصور أم البيضة؟
بينما يعود عمر الدجاج إلى بضعة آلاف من السنين، تعود البيضة إلى ملايين السنين، بدءا من عصر الديناصورات.
وتقول الدكتورة ماذرز إن “أول بيضة وُضعت على الأرض ربما كانت خلال العصر الكربوني، ووضعتها زواحف قديمة”.
وكان البيض في تلك الفترة ذا قشرة ناعمة، وظهرت البيضات ذات القشرة الصلبة خلال العصر الجوراسي المبكر.
وحتى لو نظرنا فقط إلى البيض الذي تضعه الطيور، فإن الدجاج يظل متخلفا بأكثر من 100 مليون عام.
ففي الوقت الذي ظهرت فيه الأركيوبتركس، أول طائر تطور من الديناصورات، كانت البيضات التي تعود إلى تلك الفترة موجودة منذ حوالي 127 مليون عام.
الحجة لصالح الدجاج
على الرغم من أن البيضة جاءت أولا من الناحية التطورية، إلا أن ذلك لا يعني أن الدجاجة لم تكن لها مكانة خاصة.
ووفقا للدكتور ماذرز، فإن الإجابة تعتمد على كيفية تفسير السؤال.
فعندما نتحدث عن “الدجاجة” و”بيضة الدجاج”، يمكن أن تكون كلتا الإجابتين صحيحتين.
ويعني فهمنا الحديث للتطور أن الأنواع مثل الدجاج ليست ثابتة، بل هي هياكل مؤقتة تتشكل عبر الزمن.
لذا، كانت هناك لحظة في التاريخ توقفت فيها مجموعة من الطيور البرية عن كونها مجرد طيور الغابة وبدأت تتحول إلى دجاج.
ويخلص الدكتور ماذرز إلى أنه “إذا تم تفسير السؤال كالإشارة إلى بيض الدجاج، فإن الإجابة ستكون دجاجة”.
مهاجر