يشبه وضع الكنديين المحتجزين في شمال شرق سوريا، وهم في معظمهم من الأطفال، الوضع الذي كان سائداً في قاعدة غوانتانامو الأميركية في جزيرة كوبا التي سُجن فيها مئات الرجال المشتبه في تورطهم في أنشطة ’’إرهاب‘‘ طيلة أكثر من عشر سنوات دون توجيه تهم إليهم.
هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه وفد المجتمع المدني الذي عاد للتوّ من مهمة استغرقت خمسة أيام في تلك المنطقة من سوريا التي مزقتها أكثر من عشر سنوات حرب.
وتخضع منطقة شمال شرق سوريا بشكل خاص لسيطرة قوات كردية مدعومة من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم ’’الدولة الإسلامية‘‘ (’’داعش‘‘) المسلّح.
وضمّ الوفد الكندي الذي ذهب إلى هناك في الفترة من 24 إلى 28 آب (أغسطس) عضوة مجلس الشيوخ كيم بايت والأمين العام السابق لمنظمة العفو الدولية في كندا أليكس نيف، وهو باحث رئيسي في جامعة أوتاوا، والدبلوماسي الكندي المتقاعد سكوت هيذيرينغتون والمحامي المتخصص في شؤون الهجرة وحقوق الإنسان هدايت نظمي.
ومنذ هزيمة تنظيم ’’الدولة الإسلامية‘‘ في سوريا عام 2019 تحتجز الإدارة الكردية آلاف الأشخاص، من بينهم مقاتلون جهاديون مزعومون، في سجونها، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من أفراد أسرهم، من جنسيات مختلفة، في مخيميْ الروج والهول.
ومن بين هؤلاء ما لا يقل عن 23 كندياً، تسعة رجال وامرأة وأطفالها الستة بالإضافة إلى سبعة أطفال آخرين مولودين لثلاث أمهات غير كنديات. لكن من المرجح أن يكون عدد الكنديين المحتجزين في هذه المنطقة أعلى من ذلك، بحسب الوفد.
وتمكن الوفد الكندي خلال جولته من مقابلة الأطفال الكنديين الثلاثة عشر وأمهاتهم، بالإضافة إلى اثنين من الرجال الكنديين التسعة المحتجزين في سجنيْن مختلفيْن، هما محمد علي وجاك ليتس.
يُذكر أنّ والديْ هذا الأخير، جون ليتس وسالي لاين، مارسا ضغوطاً على أوتاوا طيلة سنوات طالبين مساعدتها لإعادة ابنهما إلى كندا.
’’كانت زيارتنا غير متوقعة على الإطلاق بالنسبة للرجليْن المعتقليْن منذ أكثر من خمس سنوات دون تهمة أو محاكمة‘‘، قال أليكس نيف في مؤتمر صحفي عقده أعضاء الوفد اليوم في أوتاوا.
’’لم يتلقّ أيّ من الرجليْن زيارة من موظفين قنصليين (كنديين) أو ممثلين عن كندا خلال كلّ هذا الوقت. ومع ذلك، فقد تم استجوابهما مراراً وتكراراً من قبل ممثلي دول أُخرى، لا سيما من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) الأميركي‘‘ أضاف نيف.
فعلى سبيل المثال تمّ استجواب محمد علي أكثر من 25 مرة من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي.
هذا صدى للانتهاكات الواسعة النطاق التي شهدناها بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر (2001 في الولايات المتحدة). خلال زيارتنا، فكّرنا بسجن غوانتانامو، ومواقع الاعتقال التعسفي، وبحالات كنديين مثل ماهر عرار وعمر خضر وعبد الله المالكي وأحمد المعاطي ومؤيد نور الدين.
نقلا عن أليكس نيف، زميل أول في كلية الدراسات العليا في الشؤون العامة والدولية التابعة لجامعة أوتاوا
وكان جميع هؤلاء الكنديين قد اعتقُلوا بشكل تعسفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في خضم ’’الحرب على الإرهاب‘‘، دون أن يتلقوا خدمات قنصلية كندية ولا خدمات محاماة، ودون أن توجَّه إليهم أيّ تهمة.
ومحمد علي وجاك ليتس، اللذان يعانيان من مشاكل صحية عديدة، ’’مستعدّان تماماً لمواجهة العدالة في إطار محاكمة عادلة يجريها الجهاز القضائي الكندي‘‘، بحسب الوفد.
’’من المخيّب للآمال أن نرى أنّ هذا العدد الكبير من الكنديين، وبينهم عدد كبير من الأطفال، لم يتلقوا الدعم القنصلي الذي يحتاجون إليه، وهذا لسنوات عديدة، على الرغم من أنه يحق لهم الحصول على مثل هذا الدعم‘‘، قال الدبلوماسي الكندي المتقاعد سكوت هيذيرينغتون.
وحثّ أعضاء الوفد الحكومةَ الكندية على ’’اتخاذ إجراءات فورية، ليس في غضون أسابيع أو أشهر قليلة ولكن في الأيام القليلة المقبلة‘‘ لضمان عودة الأطفال الكنديين الثلاثة عشر مع أمهاتهم، بمن فيهنّ اللواتي لا يحملن الجنسية الكندية، قالت السيناتورة كيم بايت.
وكانت الحكومة الكندية قد أبلغت هؤلاء النساء، بمن فيهنّ المواطِنة الكندية، بأنه غير مسموح لهنّ المجيء إلى كندا، لكن يحق لأطفالهنّ القدوم بدونهنّ.
وفي آخر أيار (مايو) ألغت محكمة الاستئناف الفدرالية قرار أحد القضاة الذي أمر بموجبه الحكومة الفدرالية بأن تعيد إلى كندا أربعة رجال محتجزين في سجون شمال شرق سوريا، من بينهم جاك ليتس.
ويريد محامو الأربعة الطعن في هذا القرار أمام محكمة كندا العليا، أعلى سلطة قضائية في كندا، وقد قدّموا إليها اليوم طلباً بهذا المعنى. وستقرّر هذه المحكمة في الأسابيع المقبلة ما إذا كانت ستنظر في طلب الاستئناف أم لا.
ومنذ عام 2020 أعادت الحكومة الفدرالية إلى كندا 26 شخصاً من مواطنيها، 9 نساء و17 طفلاً، كانوا محتجزين في المخيمات السورية.
نقلاً عن تقرير لراديو كندا،