المخلمة والتكة والباقلاء بالدهن والكباب والباجة والمعلاك والقيمر والكاهي
يستيقظ العراقيون كل صباح على مائدة منوعة من وجبات الفطور الطازجة، إذ يعرف أبناء الرافدين عدداً من الأكلات الشعبية التي ترافق الجبن والبيض و”القيمر” مع الحضور المميز للشاي العراقي الذي يكون بطعم الهيل.
يبدأ صباح أحمد عيد فجراً فيذهب إلى عمله بأحد الأفران في بغداد وتجاوره بائعة “القيمر” و”الكاهي” المسنة أم عباس ونتيجة الجهد الكبير الذي يبذله خلال عمله الشاق يتناول وجبة فطور تحضرها له كل يوم.
تنوع الفطور العراقي
ويقول عيد إن وجبة الفطور أساسية بالنسبة إلى العراقيين، خصوصاً أصحاب العمل الشاق الذين يبذلون جهوداً كبيرة في أعمالهم الحرة، ويشير إلى أن الفطور العراقي يتميز عن نظيره في الدول العربية والإقليمية والعالمية بكثرة الأكلات الشعبية المشبعة بالدهون مثل “المخلمة” و”التكة” و”الباقلاء بالدهن” و”الكباب” و”الباجة” و”المعلاك” و”القيمر” و”الكاهي”، جميعها تعد فطوراً مميزاً أسوة بالموجود في المحال من الأجبان والبيض.
وتنتشر في الأفران والأسواق والمطاعم العراقية وجبات فطور متنوعة بحسب أذواق كل شخص ورغبته في أن يبدأ يومه بوجبة مميزة لتعينه على تحمل الجوع لساعات طويلة.
مصدر رزق
وتعتبر أم عباس أن بيع “القيمر” و”الكاهي” مصدر رزق لها ولعائلتها المكونة من خمسة أفراد نتيجة عدم وجود راتب من قبل الدولة لإعانتها على الظروف المعيشية
وتقول إن يوم الجمعة وصباح أيام الأعياد هي أيام مميزة بالنسبة إليها لأنها سقف البيع وكثرة الطلب على عكس الأيام العادية.
وحول ساعات العمل تشير إلى أنها تبدأ يومها من بعد صلاة الفجر وتنتهي إلى الساعة الـ10 أو الـ11 صباحاً “ويمكن أن ينتهي يومي قبل ذلك بحكم حركة البيع”.
وتؤكد أنها تحتفظ بعدد من الزبائن الدائمين على شراء سلعتها مع الحرص على أخذ الصمون من الفرن المجاور لها.
ويتميز الفطور العراقي أو كما يطلق عليه باللهجة المحلية “الريوك” بتنوعه بحيث تحرص بعض العوائل العراقية على جعل فطور يوم الجمعة فطوراً يختلف عن الأيام العادية متمثلاً في الأكلات الشهيرة مثل “الكاهي” و”القيمر” وغيرهما، بينما يحرص كثيرون في أيام العمل على شراء وجبة فطور من المطاعم التي تكون غالبيتها شعبية.
وأقر حسن لفتة صاحب أحد المطاعم الشعبية التي تقدم وجبة فطور كل صباح بأن هناك إقبالاً كبيراً على المطعم نتيجة الأكلات التي نقدمها للزبائن الذين هم من الطبقة الكادحة والكسبة بمعظمهم، مبيناً أن سعر وجبة الفطور لا يتجاوز دولارين وبعضها يصل إلى دولار واحد.
ثراء المطبخ العراقي
في بلاد الغربة قالت الأستاذة التربوية المغتربة ميسون الربيعي إن العراقيين جميعاً ذواقون للأكل نتيجة لثراء مطبخهم وتنوع أكلاتهم، وجاء ذلك مع تنوع ملامح حضارة شعب العراق، ومع تعدد أنواع الأكلات الشعبية في مختلف أنحاء البلاد يبقى هناك تشابه إلى حد كبير في ما يتناوله العراقيون في الصباح مع اختلاف بسيط لطريقة التقديم الناجمة عن اختلاف الواقع الجغرافي والبيئي والتعدد الثقافي والدور الذي تلعبه المناسبات والأعراف في تحديد مكونات الفطور.
وتقول الربيعي “لو تجاهلنا للحظة الأكلات الدسمة كالباقلاء بالدهن والكاهي والقيمر والكباب والتكة والمخلمة واقتصرنا على مكونات الفطور الأساسية والمبدئية كالجبن الأبيض والخضراوات والزيتون والبيض المقلي وخبز التنور أو الصمون الحجري أو حتى خبز العروق مع الشاي بالهيل لوجدنا أنها مكونات صحية ومفيدة للجسم كوجبة صباحية”.
وأوضحت “أنا كمغتربة ما زلت وبعد 25 سنة من الاغتراب أتناول الفطور العراقي المكون من المواد المشار إليها أعلاه” وتعتقد أن طبيعة الحياة والارتباطات الأخرى أثرت في طريقة الفطور ليس على مستوى العراق فحسب، وإنما على مستوى العالم، فكثر ليس لديهم الوقت لتناول هذه الوجبة الضرورية أو ربما اختزلت إلى قطعة صغيرة محشوة بما يسمى مصادر الطاقة.
أضرار صحية
يتفق الطبيب علي الشريفي مع ما ذهبت إليه ميسون الربيعي إذ يكشف عن الأخطار الصحية في وجبات الفطور المشبعة بالدهون ويلفت إلى أن أكل اللحوم على الفطور يحمل أخطار سرطان الأمعاء، علاوة على أن “الكاهي” و”القيمر” عاليان في السكريات والدهنيات وممكن أن يكونا أكثر خطراً من اللحم ونصح بالاقتصار على مواد الفطور الأساسية لأنها صحية أكثر للجسم.