بعد حزمة العقوبات الأوروبية الخامسة على روسيا، والتي شملت حظر استيراد الفحم، تزداد المخاوف لدى بعض الدول التي لا تستطيع الاستغناء سريعًا عن الفحم الروسي كأحد مصادر الطاقة، خاصّةً أنّ البديل حتى لو توافر سيكون أغلى بكثيرٍ جرّاء أسعار النقل.
وقبل أيام، وافق الممثلون الدائمون لدول الاتحاد الأوروبي الـ27، على الحزمة الخامسة للعقوبات ضد روسيا التي تتضمّن حظر استيراد الفحم والخشب بالإضافة إلى العديد مِن الإجراءات العقابية الأخرى.
وأمهلت دول الاتحاد، الشركات العاملة في هذا القطاع، مدّة أربعة أشهر بالضبط للبحث عن مصادر جديدة للتزود بالفحم اللازم لتوليد الطاقة مع منع على أي شركة توقيع عقود جديدة مع الجانب الروسي لشراء الفحم، اعتبارًا من صدور القرار.
8 دول
ووفق التقرير الإحصائي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن روسيا صدّرت أكثر من نصف الفحم الذي أنتجته الدولة في عام 2021، وزادت صادرات الفحم الروسية في عام 2021 بنسبة 7٪ لتصل إلى 262 مليون طن قصير.
واستوردت الصين ما يقرب من 25٪ أو 63 مليون طن متري، بينما استوردت كوريا الجنوبية واليابان وتايوان معًا نحو 22٪ من صادرات الفحم الروسية.
وتم إرسال ثُلث صادرات الفحم الروسية إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا، بينما تلقّت ألمانيا وهولندا وتركيا وبولندا مجتمعة 24٪ من إجمالي صادرات الفحم الروسية في عام 2021 .
وشكّل الفحم الحراري، الذي يستخدم غالبًا لتوليد الطاقة، 90٪ من صادرات الفحم الروسية.
وتستورد ألمانيا ما يقرب من نصف إجمالي الفحم الذي تستهلكه، من روسيا، وبلغ إجمالي قيمته 2.2 مليار يورو العام الماضي، وفقًا للأرقام الحكومية، إذ يستخدم معظم هذا الفحم لتوليد الكهرباء وتزويد صناعة الصلب الألمانية بالطاقة.
ووفقًا لمكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي “يوروستات”، فإنّ واردات التكتل من الفحم الروسي في 2020 بلغت 47%، مما يجعلها أهم مورد للوقود بقيمة سنوية 8 مليارات يورو، بينما قدَّمت أستراليا ما يقرب من ثلث واردات الاتحاد الأوروبي من الفحم في عام 2020.
وتعدّ روسيا المصدر الأكثر قربًا للأسواق الأوروبية، وهو ما يُوفّر عليها تكاليف النقل التي سترتفع اعتبارًا من أغسطس/آب المقبل، مع وقف وارداتها من موسكو، وما للقرار من تبعات على المستهلك النهائي في دول التكتل.
أزمة في أوروبا
آميد شكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز “تحليلات دول الخليج” (مقره واشنطن)، قال إن هناك 4 دولة أوروبية ستتأثر بشكل كبير بالحزمة الخامسة من العقوبات ضد روسيا، وهي ألمانيا وهولندا وتركيا وبولندا.
وأضاف شكري أنه “يمكن للدول الأوروبية استيراد الفحم من مصادر أخرى، لكن يتعيّن عليها دفع المزيد، وكذلك تقليل حصّة النفط والفحم تدريجيًّا في توليد الكهرباء وفي محفظتها للطاقة بالكامل عن طريق زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة”.
ولفت إلى أن أستراليا والولايات المتحدة وجنوب إفريقيا وكولومبيا يمكن أن تكون بدائل لسدّ الفجوة المتبقية الناجمة عن قطع الواردات من روسيا، إلا أنّها سيكون بديلًا غالي الثمن.
وبالفعل، أبلغت الأسواق الأسترالية عن ارتفاع أسعار الفحم الشهر الماضي، حيث لجأت الشركات في أوروبا إليها للاستعلام عن الوقود.
وأكد على أن أوروبا تحتاج إلى النفط والغاز الروسي على المدى القصير، قائلًا: “بدون النفط والغاز الروسي، سيتعرّض أمن الطاقة في أوروبا لتهديدٍ شديد، لكن يمكن لأوروبا أن تقلل اعتمادها تدريجيًّا على موارد الطاقة الروسية”.
وأوضح أنه “يمكن الاستغناء عن بعض الطاقة الغازية واستخدام أنواعٍ أُخرى مِن الوقود، مثل الفحم أو النفط. في أوروبا، سيرتفع الطلب على إنتاج الغاز في القارة نفسها بالتأكيد، كما سيرتفع إغلاق محطات الطاقة النووية”.
وأشار إلى أنه “في نوفمبر الماضي توقّع القائمون على تقييم الوضع في الاتحاد الأوروبي 19 سيناريو لتقليل موارد الغاز، ولم يكُن أي منها هو الوقف الكامل لصادرات الغاز الروسي.. الحل قصير الأمد للأزمة هو إيجاد مصادر غاز بديلة”.