بقلم: الأستاذ الياس طبرة
ولد في لبنان عام 1872 ثم غادرها الى باريس لدراسة الأدب العربي ثمّ عاد إلى مصر حيث قضى معظم أيام حياته شاعراً وكاتباً مبدعاً وهو من دعاة التجديد في الأدب وإخراج الشعر الاتباعي من الأغراض الشعرية التقليدية, كان مع شوقي وحافظ من المؤسسين لحركة التجديد الأدبية ومدخلاً الشعر القصصي والتصويري ومعيداً للغة العربية رونقها وللشعر شبابه.
من هذه القصيدة قوله مهاجكاً الطاغية “نيرون” الذي أحرق روما وقتل آلاف المسيحيين:
ذَلكَ الشَّعْبُ الَّذِي آتاهُ نَصْرَا هُوَ بِالسُّبَّةِ مِنْ نيْرونَ أَحْرى
أَيُّ شيءٍ كانَ نَيرون الَّذِي عَبَدوهُ كان فَظَّ الطَّبْعِ جاهِلاً
كل شعب خالق نيرونه قيصر قيل له أم قيل كسرى
ظلّ مطران ملتزماً بعمود الشعر العربي وزناً وقافية وتأثّر بالرومانسية الغربية لأنه درس في باريس ويعتقد بعض دارسيه أنه تجاوز السائد الشعري في عصره لتركيزه على وحدة الموضوع والمعنى في القصيدة. أصدر المجلة المصرية المطبوعة نصف الشهرية عام 1900 واهتم بقضايا الثقافة والتعليم والسياسة.
ومن اجمل قصائده “ المساء” التي تصوّر برومانسية علاقته بحبيبته التي فارقته فحزن عليها حزناً شديداً وضعف جسمه كثيراً وشحب لونه وساءت صحته عموماً فترك القاهرة الى الاسكندرية بناء على نصيحة الأطباء ولكنه لم يفد كثيراً من إقامته هناك قال:
داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحَائِي
يَا لَلضَّعِيفَيْنِ اسْتَبَدَّا بِي وَمَا فِي الظُّلْمِ مِثْلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ
قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالْجَوَى وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنِ الأَدْوَاءِ
وَالرُّوْحُ بيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدٍ فِي حَالَيَ التَّصْوِيبِ والصُّعَدَاءِ
وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَهُ كَدَرِي وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائِي
إِنِّي أَقَمْتُ عَلى التَّعِلَّةِ بِالمُنَى فِي غُرْبَةٍ قَالوا تَكُونُ دَوَائِي
إِنْ يَشْفِ هَذَا الْجِسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا أَيُلَطَّف النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ
شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَوَاطِرِي فَيُجِيبُنِي بِرِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
ثاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمَّ وَلَيْتَ لِي قَلْباً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالنَّهَارُ مُوَدِّعٌ وَالْقَلْبُ بَيْنَ مَهَابَةٍ وَرَجَاءِ
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْنِي يَسِيلُ مُشَعْشَعاً بِسَنَى الشُّعَاعِ الْغَارِبِ المُتَرَائِي
وَكأَنَّنِي آنَسْتُ يَوْمِيَ زَائِلاً فَرَأَيْتُ فِي المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي