اتهمت وزارة الدفاع الروسية، الولايات المتحدة بإقامة 30 مختبرا بيولوجيا في أوكرانيا، تنتج فيروسات تسبب أمراضا خطيرة، مشيرة إلى تدمير بعضها.
إعلان موسكو جاء بعد أكثر من أسبوعين على بدء العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير الماضي، فيما وصفه خبراء ومحللون بالسبب الحقيقي وراء تحرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتن صوب أوكرانيا.
وقال قائد قوات الدفاع الشعاعي والكيميائي والبيولوجي في القوات الروسية، إيغور كيريلوف إن البنتاغون “أدار برامج بيولوجية عسكرية في أراضي الاتحاد السوفييتي السابق”، في إشارة إلى أوكرانيا، ولم يصدر عن كييف أو واشنطن أي تعليق على التصريح.
وأكد القائد الروسي أن الولايات المتحدة قامت بإنشاء شبكة تتكون من 30 مختبرا بيولوجيا بأوكرانيا، في مدن لفيف وخاركيف وبولتافا، مشيرا إلى أنه تم تدميرها، والعثور هناك على آثار لمسببات أمراض الطاعون والجمرة الخبيثة وداء البروسيلات والدفتيريا والسالمونيلا والدوسنتاريا.
خط بوتن الأحمر
شهد عام 2019 نشاطا مكثفا بحسب الاتهامات الروسية من جانب الولايات المتحدة في مجال المعامل البيولوجية، حيث أقامت واشنطن مختبرين في مدينتي كييف وأوديسا، وهما المدينتان اللتان بادرت روسيا بقصفهما مع بداية عملياتها العسكرية في أوكرانيا، بالإضافة إلى مختبرات أميركية أخرى في مدن وضواحي فينيتسا، ولفيف، وخيرسون، وتيرنوبيل، ومناطق أخرى محاذية لحدود شبه جزيرة القرم.
وفي هذا السياق، يقول الأستاذ المساعد بالعلاقات الدولية في جامعة لوباتشيفسكي الروسية، عمرو الديب: إن “المعامل البيولوجية ومحاولة عسكرة الدول على حدود روسيا من جانب الناتو وواشنطن هما العامل الرئيسي وراء تحرك موسكو”.
وكشف الديب في خلال تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن خط بوتن الأحمر تعدّاه الغرب وواشنطن من خلال معملين كان يفترض افتتاحهما نهاية فبراير الماضي في كييف وأوديسا، ولكن العملية العسكرية منعت ذلك.
من جانبه، قال القائد الروسي إيغور كيريلوف، خلال بيان وزارة الدفاع، إنه تم تدمير 232 حاوية تحتوي على العامل المسبب لمرض داء البريميات، ثلاثين من التولاريميا، وعشرة من داء البروسيلات، وخمسة مع الطاعون، في مدينة لفيف فقط.
كما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن واشنطن أنفقت أكثر من 200 مليون دولار على أعمال المعامل البيولوجية في أوكرانيا، وشاركت مختبرات المديرية المركزية للصحة والأوبئة، التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية، في البرنامج البيولوجي العسكري الأميركي.
وحول هذه النقطة أوضح الديب، أنه بجانب المعامل البيولوجية، كانت هناك قاعدة عسكرية بريطانية يتم بناؤها في أوكرانيا، هذه القاعدة تمت تسويتها بالأرض في بداية الأيام الأولى من العملية العسكرية، مضيفا: “كانت روسيا تعلم أنه سيتم استخدام هذه القاعدة للضغط على موسكو في العديد من الملفات، لذلك جاء قرار الحرب في توقيته لإيقاف تلك الخطوات التي تشكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي الروسي”.
وأشار الأستاذ المساعد بالعلاقات الدولية في جامعة لوباتشيفسكي، إلى أن العملية العسكرية وما تم كشفه على الأرض يثبت نوايا الناتو وواشنطن تجاه روسيا من خلال الحرب البيولوجية وتطوير الأمراض والفيروسات على حدودها.
جرس إنذار قبل الحرب
لم تأت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بين ليلة وضحاها، بل سبقها تحذيرات وتحركات بين الغرب وواشنطن من جانب وموسكو من جانب آخر، ففي منتصف العام الماضي، طالبت روسيا والصين في بيان مشترك الأمم المتحدة بفرض رقابة على عمليات تطوير لأسلحة بيولوجية أميركية على حدود روسيا، وفقا لتقارير ومعلومات استخباراتية.
المختبرات البيولوجية الأميركية التي تعد سر تحرك بوتن، كشفت مدى خطورة التهديدات الأميركية بالقرب من قلب موسكو، بحسب الباحث في الشؤون الدولية سعد البحيري.
وأوضح البحيري في تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن وجود المختبرات البيولوجية على حدود روسيا، يساعد واشنطن في تنفيذ عدة مهام عسكرية في توقيت واحد، حيث نجحت بفتح ما لا يقل عن عشرين مختبرا بيولوجيا في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وظهر أول مختبر في عام 2007.
وبيّن البحيري: “في مايو 2020، اعترفت أوكرانيا رسميا بإقامة 8 مختبرات لحفظ جراثيم بالغة الخطورة، وذلك بذريعة ضرورة منع تطوير أسلحة بيولوجية، من جانبها لم تنفِ واشنطن بل قالت آنذاك إن هذه المعامل جزء من البرنامج التعاوني للحد من خطر برامج أسلحة الدمار الشامل.
الناتو لا يعلم شيئا
مع تطور الأحداث والكشف عن وجود أسلحة بيولوجية وتهديد بوتن بتفعيل الردع النووي، قال الاتحاد الأوروبي إنه ليست لديه معلومات مؤكدة بشأن قصة تطوير أسلحة بيولوجية في المعامل الأوكرانية.
أما ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية فقالت: إن هناك “أدلة قاطعة وقعت بين يدي الروس بشأن الطبيعة العسكرية لتلك المعامل”، وطالبت واشنطن “بالشفافية بشأن هذا الأمر”.
كذلك أصدر رئيس لجنة التحقيق الروسية، ألكسندر باستريكين، تعليمات بفتح قضية تتعلق بالبيانات المتعلقة بتطوير أسلحة بيولوجية في أوكرانيا، وانتهاك واشنطن لحظر تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية.
وبناءً على هذه المعلومات، أوعز باستريكين إلى المحققين بفتح قضية جنائية، يتم خلالها تحديد جميع الظروف المتعلقة بتطوير أسلحة بيولوجية بالقرب من أراضي روسيا الاتحادية، وكذلك الأشخاص المسؤولين عن ذلك.
وبحسب وزارة الدفاع الروسية، فقد أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 200 مليون دولار على أعمال المختبرات البيولوجية في أوكرانيا، وشاركت مختبرات المديرية المركزية للصحة والأوبئة التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية في البرنامج البيولوجي العسكري الأميركي.