هل يهدد الذكاء الاصطناعي الإبداع البشري في الفنون؟ للإجابة على هذا السؤال نظمت كلية العلوم بجامعة مونتريال ندوة حول هذا الموضوع.
وقد أدار الاجتماع الذي عُقد يوم الثلاثاء الماضي، وكان مفتوحاً لمجتمع الجامعة والجمهور، كريم الجربي، أستاذ علم الأعصاب الحوسبي ومدير المركز الكيبيكي للأبحاث في الذكاء الاصطناعي العصبي.
وبدأ هذا الأخير الأمسية بطرح بعض الأسئلة على الحاضرين والتي كان عليهم الإجابة عليها مباشرة من خلال استطلاع عبر الإنترنت.
ومن بين حوالي مائة شخص حاضر، أجاب 75% من المشاركين في الاستطلاع أنه سبق لهم وأن استخدموا أداة ذكاء اصطناعي توليدي مثل ’’تشات جي بي تي‘‘ (ChatGPT) الشهير أو غيره مثل Midjourney أو Dall-E.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ هذا الاستطلاع ليس علمياً، لكنه سمح لمنشط الندوة من جذب انتباه المشاركين.
ويعتقد 58% من المشاركين أن الذكاء الاصطناعي مجرد أداة إبداعية، وأنه ليس إبداعاً في حد ذاته.
وعندما سُئلوا عن رد فعلهم إذا اكتشفوا أن القصيدة التي أعجبتهم هي في الواقع من إنتاج (ChatGPT) ، قال 45% منهم إنّ ذلك لا يزعجهم ولن يصابوا بخيبة أمل.
وفي نفس السياق، يرى 41% من المشاركين أنه من الخطأ القول أنه بما أن العملية الإبداعية تنطوي بالضرورة على الاحساس والعواطف، فمن المستحيل أن يكون الذكاء الاصطناعي مبدعاً. ووافق على ذلك 34% منهم. ولم يكن عند 26% منهم فكرة واضحة عن الموضوع.
ومع ذلك، يعتقد 55% من المجيبين أن الذكاء الاصطناعي يعرّض الوظائف في البيئات والصناعات الإبداعية للخطر.
وفي حديثه عرّف كريم الجربي الذكاء الاصطناعي التوليدي.
يهدف الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى إنتاج عناصر لم تكن موجودة من قبل. إنه يستفيد من مجموعة البيانات الموجودة للتعلم وإنشاء إبداعات جديدة تحاكي تلك البيانات الأصلية أو تستمد الإلهام منها.
نقلا عن كريم الجربي، أستاذ علم الأعصاب الحوسبي بجامعة مونتريال
وتسأءل هذا الأخير عما إذا كان ذلك في النهاية مرادفاً للذكاء الاصطناعي الإبداعي، وبالتالي للإبداع الذي يأتي من الآلة أو الذكاء الاصطناعي.
وفي تدخّله، أعطى مثالا عن عمل فني أنجزه باستخدام أداة الذكاء الاصطناعي التوليدي (Dall-E). وتساءل عما إذا كان ’’لهذه القطعة الفنية قيمة فنية في أعيننا ونود النظر إليها في متحف أو الحصول عليها لوضعها في المنزل، على سبيل المثال‘‘.
وهنا تدخلت كريستين برنييه، الأستاذة في قسم تاريخ الفن والدراسات السينمائية، ومديرة برنامج الماجستير في علم المتاحف بجامعة مونتريال.
وباعتبارها مؤرخة فنية، أعطت لمحة تاريخية عن الذكاء الاصطناعي التوليدي والإبداع في الفنون البصرية بدءاً من الاعتراف إلى إضفاء الطابع المؤسسي مروراً بالشهرة.
وذكّرت أنه في عام 2016، كجزء من مشروع بحثي، تم إنشاء لوحة فنية بواسطة الذكاء الاصطناعي. وكانت تحمل عنوان ’’رامبرانت التالي‘‘ (The Next Rembrandt). ’’إنه إنجاز يمثل المعلم الأول لاستقبال علمي وجماهيري مذهل‘‘، وفقاً لكريستين برنييه.
وبعد مرور بعض الوقت، اقتحم الذكاء الاصطناعي سوق الفن. وهكذا، في عام 2018، تم بيع لوحة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي تسمى (The Portrait of Belamy) في دار كريستيز في نيويورك مقابل مبلغ 432.500 دولار.
’’هنا بدأ الناس في طرح الأسئلة: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصنع شيئاً يُباع بهذا السعر؟‘‘، كما أوضحت للجمهور الحاضر في أحد مدرجات جامعة مونتريال.
وفي عام 2021، باع الفنان الأمريكي ’’بيبل‘‘ (Beeple) المنتمي لمجتمع فناني العملات المشفرة عملاً فنيا بعنوان (Everydays – The first 5000 days) بسعر 69 مليون دولار بفضل الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT).
وفي العام الماضي، تمكّن فنان آخر من هذا المجتمع، وهو رفيق أناضول الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي ببيع لوحات بخاصية الـNFT بملايين الدولارات. وقد عُرضت أعماله في متحف الفن الحديث في نيويورك (MOMA).
هذا تتويج [للأعمال الفنية التي تم إنجازها بمساعدة الذكاء الاصطناعي وعرضُها في متحف (MOMA)].
نقلا عن كريستين برنييه، أستاذة في قسم تاريخ الفن بجامعة مونتريال