يوصَف حزب التضامن الكيبيكي (QS) اليساري التوجه بأنه حزب الشباب. ويظهر مسار حملته الانتخابية أنه يواصل الاعتماد على التعبئة في مدن تضم جامعات ويشكل الطلاب قسماً كبيراً من سكانها، وبالتالي من ناخبيها، مثل شيربروك وريموسكي، بهدف الوصول إلى هؤلاء الناخبين. لكن يبدو أنّ هناك حزباً آخر يجذب انتباه الشباب أيضاً: حزب المحافظين الكيبيكي (PCQ) بقيادة إريك دوهيم.
فوفقاً لاستطلاع أجرته في منطقة كيبيك العاصمة مؤسسةُ ’’سيغما‘‘ (Segma) لصالح صحيفة ’’لو سولاي‘‘ (Le Soleil) الصادرة في كيبيك العاصمة ومحطة ’’إف إم 93‘‘ الإذاعية (FM93) التي تبثّ منها، ينوي 33% من الشباب المتراوحة أعمارهم بين 18 و34 سنة الاقتراع لصالح حزب المحافظين الكيبيكي في الانتخابات العامة في 3 تشرين الأول (أكتوبر)، فيما ينوي 35% منهم التصويت لصالح حزب التضامن الكيبيكي.
وهذا التوجه قد يتجاوز منطقة العاصمة الكيبيكية، وفقاً للبروفيسور فيليب دوبوا، أستاذ الاتصالات العامة والسياسة في المعهد الوطني للإدارة العامة (ENAP) في كيبيك العاصمة.
هناك ميل لربط الشباب بالخيارات الأكثر تقدمية، لكن هناك العديد من البيانات التي تظهر لنا أنّ الشباب لا يشكلون كتلة متجانسة.
نقلا عن البروفيسور فيليب دوبوا من المعهد الوطني للإدارة العامة (ENAP) في كيبيك العاصمة
تصويت احتجاجي
أن يحظى حزب التضامن الكيبيكي بشعبية بين الشباب هو أمرٌ لا يفاجئ أحداً، لكنّ البروفيسورة فاليري آن ماهيو، وهي أستاذة في قسم العلوم السياسية في جامعة لافال في كيبيك العاصمة، لم تتفاجأ أيضاً برؤية حزب المحافظين الكيبيكي يجذب الشباب.
فالبروفيسورة ماهيو، التي وضعت كتاباً بعنوان ’’الناخب الكيبيكي الجديد‘‘ (Le Nouvel électeur québécois)، ترى أنّه يمكن تفسير انجذاب شريحة واسعة من جيل الشباب إلى حزب المحافظين الكيبيكي على أنه تصويت احتجاجي ضدّ حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك (’’كاك‘‘ CAQ) بقيادة رئيس الحكومة الخارجة، فرانسوا لوغو، لاسيما ضدّ الإجراءات الصحية المتصلة بجائحة كوفيد-19 التي اتخذتها حكومة لوغو.
’’أيّ فئة سكانية عانت أكثر من غيرها من الإجراءات الصحية التقييدية بنسبة هامة في أوقات معينة؟ إنهم الشباب‘‘، تشرح البروفيسورة ماهيو.
وبالتالي ضربَ حزب المحافظين الكيبيكي على وتر حسّاس. لكن هل هذه شهادة دعم لبرنامج المحافظين الانتخابي أم بالأحرى علامة عدم رضا عن سجل حزب الـ’’كاك‘‘ في السلطة؟ هذا سؤال جدير بأن يُطرح، تقول ماهيو.
’’أنا لا أتابع هذه الأمور كثيراً، لكني رأيتُ أنّ حزب المحافظين الكيبيكي سيقدم إعفاءات ضريبية للرياضة. هذا أمر يهمّني!‘‘، قال شابان في سنّ التاسعة عشرة لميكروفون راديو كندا قرب ’’سِيجيب‘‘ (معهد للدراسات ما بعد الثانوية) منطقة الأوتاويه في غرب مقاطعة كيبيك.
وقبلهما بدقائق قليلة قال دافيد بيرتران كاسويل، 21 عاماً، إنه سيقترع لصالح التضامن الكيبيكي لأنه ’’أقرب إلى قِيَمي‘‘.
أرض التضامن الكيبيكي الخصبة
في الحشود أو الأحداث الحزبية يطرح العديد من الناخبين الشباب على غابريال نادو دوبوا، الناطق المشارك (بمثابة الزعيم المشارك) باسم التضامن الكيبيكي، أسئلة حول أزمة المناخ وحماية البيئات الطبيعية وحيوانات الرنّة (الكاريبو)، وعن تراجع النمو الاقتصادي.
لكن ’’شباب يقولون لي إنهم يريدون منا أن نستأنف استثمارات الهيدروكربونات، فلا يحدث مطلقاً أن ألتقي بأيّ منهم‘‘، يؤكد نادو دوبوا.
ويعتقد المتحدث المشارك باسم التضامن الكيبيكي أنّ نتائج الانتخابات العامة الأخيرة في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 تظهر بوضوح أنّ حزبه هو أكثر من يلبّي تطلعات الشباب في كيبيك.
ويضيف نادو دوبوا أنه يعوّل كثيراً على جيل الشباب في هذه الانتخابات أيضاً. ’’يمكن أن يكون للشباب في الانتخابات المقبلة تأثير، فهم يمثلون تقريباً صوتاً من كلّ ثلاثة أصوات‘‘، يؤكّد الناشط الطلابي السابق.
’’الأحزاب القديمة‘‘ أقل جاذبية للشباب
ويبدو جيل الشباب أقلّ انجذاباً إلى الحزب الليبرالي الكيبيكي (PLQ) والحزب الكيبيكي (PQ). وتوضح فاليري آن ماهيو في هذا الصدد أنّهما حزبان كانا يستجيبان لمسألة لم تعد بارزة اليوم، خاصة بالنسبة للشباب.
’’هما حزبان أجابا على سؤال يتعلق بمكانة كيبيك في الفدرالية (الكندية)، عندما كان الانقسام حول القول ’نعم‘ (لاستقلال كيبيك) أم ’لا‘. لم يعد هذا موضوع اللحظة‘‘، تقول البروفيسورة ماهيو، مضيفةً أنه من المؤكد بالتالي أنّ هذه المسألة ليست أكثر ما يشغل بال جيل الشباب حالياً.
ويكشف استطلاع ’’سيغما‘‘ أنّ الحزب الليبرالي الكيبيكي بقيادة دومينيك أنغلاد والحزب الكيبيكي بقيادة بول سان بيار بلاموندون يحصلان فقط على 8,5% و3% على التوالي من نوايا التصويت لدى الفئة العمرية 18 – 34 عاماً في منطقة كيبيك العاصمة.
ولكن منذ عقود من الزمن والشباب يصوتون بنسبة أقل من سواهم، يذكّر الباحثون. وبالتالي هل ستُترجَم نوايا التصويت إلى أصوات فعلية؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه على نفسه حزب التضامن الكيبيكي في كلّ انتخابات، والآن جاء دور حزب المحافظين الكيبيكي ليطرحه على نفسه أيضاً.
وشمل الاستطلاع عيّنة عشوائية من 799 مستجيباً في منطقة كيبيك العاصمة، وأجرته ’’سيغما‘‘ على الهاتف بين 29 آب (أغسطس) و3 أيلول (سبتمبر). ويبلغ هامش الخطأ فيه 3,5%، 19 مرة من أصل 20.
(نقلاً عن تقرير لجاكودري شاربونو على موقع راديو كندا، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)