يحذّر بعض كبار خبراء الاقتصاد في المصارف الكندية الكبرى الحكومة الفدرالية من أنه، من الناحية الاقتصادية، النمو السكاني القياسي في كندا بواسطة الهجرة هو أمر لا يمكن تحمّله، بل وغير مبرر، ولا يمكن أن يستمر بهذه الوتيرة في عام 2024.
كبير خبراء الاقتصاد في ’’بنك ناسيونال الكندي‘‘ (BNC)، ستيفان ماريون، يتحدث بشكل حاسم في الموضوع.
’’للاقتصاد الكندي قدرة على استيعاب ما بين 300.000 و500.000 فرد سنوياً‘‘، يقول ماريون، ’’وتَجاوُزُ هذا المستوى يخلق كافة أنواع الضغوط: مشاكل في البنى التحتية، وفي الأماكن المتوفرة في دور الرعاية النهارية للأطفال وفي المدارس، وفي التطوير العقاري‘‘.
نائب الرئيس الأول وكبير خبراء الاقتصاد لدى ’’سكوشا بنك‘‘ (Scotiabank)، جان فرانسوا بيرّو، يشاطر وجهةَ النظر هذه.
’’لم نقم بالاستثمارات اللازمة لكي نتمكن من استيعاب كلّ هؤلاء الأشخاص دون التسبب في خسارة القدرة (لدى المستهلكين) على تحمل التكاليف‘‘، يقول بيرو.
وأشار الخبيران الاقتصاديان، اللذان شاركا في المأدبة السنوية لـ’’نادي كندا الاقتصادي‘‘ (Economic Club of Canada) مع نظرائهما من المصارف الكندية الكبرى الأُخرى يوم أمس، إلى الضغط الذي يفرضه النمو السكاني الشديد الارتفاع على سوق العقارات السكنية في وقت يسجّل فيه المعروض نقصاً كبيراً لتلبية الاحتياجات.
’’هذا لا يعني أنّ الهجرة سيئة لكندا‘‘، يشدّد ماريون، ’’على العكس، هي جيدة جداً، لكن هناك مستويات تمّ تجاوزها بشكل لم نعهده من قبل. لذا، أجل، هناك مشكلة في فقدان السيطرة على صعيد سياسة الهجرة ويجب تصحيحها‘‘.
التأثير على البطالة
ويضيف ماريون أنّ النمو السريع للسكان في كندا مسؤول جزئياً عن الزيادة في معدل البطالة، ’’ما يعني أنّ الناس يدخلون سوق العمل، لكنهم سيواجهون صعوبة أكبر في العثور على وظيفة‘‘.
وعلى الرغم من توفير الاقتصاد الكندي ما يقرب من 500.000 وظيفة العام الماضي، وفقاً لبيانات وكالة الإحصاء الكندية، ارتفع معدل البطالة من 5% في كانون الثاني (يناير) 2023 إلى 5.8% في كانون الأول (ديسمبر).
وهذا وضع غير عادي في نظر بيرّو. ’’لقد حدث ذلك لأنّ عدد العمال في كندا الآن هو أكبر بكثير مما كان عليه قبل عام، ولم يجد جميع هؤلاء الأشخاص وظائف بعد‘‘.
وفي توقعاته، يرى ’’بنك ناسيونال الكندي‘‘ أنّ معدل البطالة قد يرتفع إلى 7% في عام 2024.
لكنّ توقعات بيرّو من ’’سكوشا بنك‘‘ هي أكثر تفاؤلاً بقليل، إذ يتوقع معدل بطالة بمستوى 6,7% هذه السنة.
’’من الواضح أنّ الاقتصاد يتباطأ: من المتوقَّع أن يسرّح أصحاب الأعمال عدداً قليلاً من الموظفين، وهذا أمر طبيعي (في مثل هذه الحالات) لكنه يتأثر بشكل أكبر بواقع هو أنّ عدد السكان النشطين آخذ في الارتفاع‘‘، يقول بيرّو.
شيخوخة المجتمع
في تقرير تحليلي نشره قبل أسبوع، يشير مصرف ’’ديجاردان‘‘ التعاوني (Mouvement des Caisses Desjardins) إلى أنّ تداعيات النمو الديمغرافي القوي متفاونة.
واضع التقرير، كبير خبراء الاقتصاد في المصرف مارك ديزورموه، يقول إنّ هذا النمو السكاني قد يؤدّي إلى ’’تحفيز الاستهلاك واحتمال إعادة تأجيج التضخم‘‘.
ومن ناحية أُخرى، من خلال سدّه جزئياً النقص في العمالة الناجم عن شيخوخة السكان، فإنّ ’’الانفجار الديموغرافي يمكن له أن يساعد أيضاً في زيادة المعروض من العمال المتاحين وخفضِ تضخمٍ محتمل قد ينجم عن زيادة في الأجور‘‘، يضيف ديزورموه في تحليله.
لكنّ ستيفان ماريون يجادل بأنّ استبدال العمال الذي يتقاعدون بعمّال آخرين أصغر سنّاً لا يمكن أن يبرّر مستويات الهجرة المسجَّلة في عام 2023.
يُذكر أنّ بيانات صادرة قبل أقلّ من شهر عن وكالة الإحصاء الكندية أفادت أنّ عدد سكان كندا بات يُقدَّر بنحو 40.528.396 نسمة، بزيادة قدرها 430.635 نسمة خلال الربع الثالث من عام 2023، أي بنسبة 1,1% مقارنةً بعدد السكان في نهاية الربع الثاني من العام الحالي. وهذه الزيادة عائدة بنسبة 96% إلى الهجرة.
نقلاً عن موقع راديو كندا،