توصلت دراسة حديثة واسعة النطاق إلى دليل يربط بين الجاذبية الجسدية والعمل الجيد للجهاز المناعي.
ووجدت الدراسة، التي شملت اختبارت الدم، أن الأشخاص الذين يتمتعون بمظهر لائق محظوظون بجهاز مناعي أفضل، بمعنى أن السمات المرتبطة تقليديا بالجاذبية، مثل الوجه المتماثل والعيون اللامعة، قد تكون علامات على أن الجسم أفضل في مكافحة العدوى.
ووفقا للدراسة، فإن الرجال والنساء ينجذبون أكثر جسديا إلى وجوه الأشخاص الذين لديهم أجهزة مناعية عالية الأداء قد تحميهم من الأمراض طوال حياتهم.
ويعتقد الباحثون أننا قد ننجذب إلى مثل هذه المظاهر لأن أدمغتنا مصممة للبحث عن شركاء أصحاء.
وأوضحت سمر مينغلكوتش، التي قادت الدراسة في جامعة تكساس المسيحية: “الأشخاص الذين يذهبون إلى الحانة ويتطلعون إلى التحدث إلى شخص جذاب غالبا ما يتم نبذهم لكونهم في حالة مزرية، ويقال لهم: لا يتعلق الأمر بالمظهر. لكنهم في الحقيقة يتبعون غرائزهم للعثور على رفيق عالي الجودة”.
ونُشرت الدراسة التي شملت 152 رجلا وامرأة في مجلة Proceedings of the Royal Society B.
وصوّر الباحثون 152 شابا وفتاة من دون مكياج وبتعابير محايدة. ثم طُلب من 492 شخصا في استطلاع عبر الإنترنت تقييم مدى جاذبيتهم.
وبعد التقاط صور المشاركين، خضع كل فرد منهم أيضا لسلسلة من الاختبارات لتقييم حالة جهاز المناعة ومستوى
الالتهابات في أجسامهم وصحتهم المبلغ عنها ذاتيا.
ووجد تحليل النتائج أن الرجال الذين اعتبروا وسيمين والنساء اللائي اتصفن بالجمال، وكان يُنظر إلى وجوههم على أنها جذابة، يتمتعون بوظيفة مناعية صحية نسبيا، خاصة في ما يتعلق بالمناعة البكتيرية.
كما وجد الباحثون أن الرجال والنساء الجذابين وفقا لأولئك الذين قاموا بتقييم الصور على الإنترنت، كان لديهم معدلات أعلى من البلعمة، وهي العملية التي “تأكل” بها خلايا الدم البيضاء البكتيريا وتدمرها قبل أن تصيب الإنسان بالمرض.
والبلعمة هي واحدة من آليات الدفاع الرئيسية للمناعة الفطرية. تعد إحدى أول عمليات الاستجابة للعدوى، وواحدة من فروع استجابة الجهاز المناعي التكيفي البدئية.
وتقول النتائج إن الرجال الذين تعتبرهن النساء أكثر جاذبية لديهم خلايا “قاتلة طبيعية ” أكثر فاعلية يمكنها تدمير الخلايا المصابة بالفيروس في الجسم، وبالتالي يمكن أن تساعد في محاربة فيروسات مثل فيروس كورونا.
ومن غير المحتمل أن يكون أولئك الذين لديهم وجوه متناظرة (التناسق الوجهي) عانوا من مشاكل في النمو في الرحم أو أثناء الطفولة.
وتشير البشرة الصافية والعيون الواسعة والمشرقة إلى صحة جيدة، لأن عيون المرضى تميل إلى أن تصبح أضيق وأكثر قتامة، وفقا لبعض الخبراء.
وكشفت الدراسة أيضا عن بعض الاختلافات الجنسية المثيرة للاهتمام، حيث أن الرجال، على سبيل المثال، يُرجح أن يُنظر إليهم على أنهم جذابون إذا كانت خلاياهم القاتلة الطبيعية عالية الأداء. وهذه الخلايا ضرورية لتطهير الجسم من الالتهابات الفيروسية.
واعتبرت النساء أكثر جاذبية عندما أظهرن نموا أبطأ لبكتيريا في البلازما، والتي ترتبط بمستويات المعادن والجلوكوز والأجسام المضادة في دمائهن.
وتقول النتائج إن جاذبية الوجه قد تكون مرتبطة بعوامل مناعية يمكن أن تنتقل في الجينات، لكن هذا لا يعني أنه لا توجد عوامل مكتسبة تؤثر على التصورات الفردية للجمال أيضا.
وصرح الباحثون بأنه “على الرغم من أن الجاذبية ربما أثرت في كل من الصحة والوظيفة المناعية في أسلافنا، إلا أن الروابط مع الصحة قد لا تحدث بعد الآن لأن الطب الحديث يسمح لمن يعانون من ضعف المناعة بالبقاء في صحة جيدة نسبيا”.
ولا تكفي دراسة واحدة لتحديد سبب وجود جماليات الإنسان، والغرض التطوري، إن وجد، الذي قد يخدمه جمال الوجه.
ولذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لإثبات هذه النتائج، إن أمكن، واستكشاف ما الذي يدفع الارتباط بين الجاذبية الجسدية ووظيفة المناعة، وحتى ذلك الحين، سيبقى الجمال أحد الألغاز المحيرة للمجتمع العلمي