يصوت اللبنانيون يوم الأحد في أول انتخابات برلمانية منذ الانهيار الاقتصادي للبلاد، في اختبار لما إذا كان حزب الله المدعوم من إيران وحلفاؤه يستطيعون الحفاظ على الأغلبية البرلمانية وسط الفقر المدقع والغضب من الأحزاب الحاكمة.
ومع ذلك، تنخفض التوقعات بحدوث تغيير كبير في السياسة والحكومة الطائفية في لبنان، رغم حدة الأزمة، التي يقول البنك الدولي إن الطبقة الحاكمة هي التي تسببت فيها، ورغم الغضب من الانفجار المدمر في مرفأ بيروت عام 2020.
يمثل الانهيار الاقتصادي أكبر أزمة زعزعت استقرار لبنان منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. وفقدت العملة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها، ودفعت الأزمة حوالي ثلاثة أرباع السكان إلى براثن الفقر، وأدت إلى تجميد أرصدة المودعين في البنوك التي أصابها الشلل.
يعتقد محللون أن المرشحين ذوي الأفكار الإصلاحية يمكن أن يفوزوا ببعض المقاعد هذه المرة، لكن الإصلاحيين يخوضون كفاحا طويلا لاختراق النظام الطائفي الذي يقسم مقاعد البرلمان بين 11 جماعة دينية ويميل لصالح الأحزاب القائمة.
وشهدت انتخابات 2018 فوز جماعة حزب الله الشيعية المسلحة وحلفائها، بما في ذلك التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس ميشال عون، بواحد وسبعين مقعدا من أصل 128 مقعدا في البرلمان.
وجرت هذه النتائج لبنان بشكل أعمق إلى فلك إيران الشيعية، مما مثل ضربة لنفوذ السعودية السنية.
وقال حزب الله إنه يتوقع تغييرات قليلة في تشكيل البرلمان الحالي، على الرغم من أن معارضيه، بما في ذلك حزب القوات اللبنانية وهي جماعة مسيحية أخرى متحالفة مع السعودية، يقولون إنهم يأملون في الفوز بنصيب من مقاعد التيار الوطني الحر.
ويزيد من ضبابية المشهد، مقاطعة الزعيم السني سعد الحريري للانتخابات مما ترك فراغا سنيا يسعى حلفاء حزب الله ومعارضوه على حد سواء إلى شغله. ولم تعلن الرياض، الداعم الإقليمي للحريري لسنوات قبل توتر العلاقات بينهما، دعمها لزعيم سني جديد قبل الانتخابات.
كما أنه من المقرر أن ينتخب البرلمان رئيسا جديدا خلفا لعون الذي تنتهي فترته في 31 أكتوبر تشرين الأول، مما يزيد من المخاطر.
وأيا كانت النتيجة، يقول محللون إن لبنان قد يواجه فترة من الشلل قد تؤدي إلى تأخير الإصلاحات اللازمة لمعالجة الأزمة، إذ تتفاوض الفصائل على تولي الحقائب الوزارية في حكومة جديدة لتقاسم السلطة، وهي عملية قد تستغرق شهورا.
وتوصلت الحكومة المنتهية ولايتها إلى مسودة اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أبريل نيسان مرهونة بالإصلاحات التي طال تأجيلها.
وقالت مصادر من أربعة فصائل لرويترز إن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، رجل الأعمال الثري الذي يتولى فترة ثالثة في المنصب، قد يتم اختياره لتشكيل الحكومة الجديدة. وصرح ميقاتي لقناة الحرة يوم الأربعاء أنه على استعداد للعودة كرئيس للوزراء إذا كان متأكدا من سرعة تشكيل الحكومة.
وقال نبيل بو منصف، نائب رئيس تحرير جريدة النهار، إنه يتوقع شللا سياسيا بعد الانتخابات مضيفا أن مرشحي المعارضة فشلوا في تشكيل جبهة موحدة للتنافس ضد الأحزاب القائمة.
وأضاف أن هذه الطبقة السياسية ككل انتعشت بقوة بسبب انهيار قوى المعارضة.
– المزيد من الاستقطاب
بعد شهور من حالة عدم اليقين بشأن إجراء الانتخابات، ستفتح مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت جرينتش) في 15 دائرة انتخابية. المواطنون الذين تزيد أعمارهم عن 21 عاما سيصوتون في مسقط رأسهم في قرى وبلدات قد تقع بعيدا عن منازلهم.
وبلغت نسبة المشاركة 60 بالمئة بين الناخبين في الخارج الذين صوتوا مبكرا. وقال كثيرون منهم إنهم يريدون التغيير.
وركز المرشحون أصحاب الأفكار الإصلاحية على محاسبة المسؤولين عن الأزمة الاقتصادية، التي صنفها البنك الدولي كواحدة من أكبر ثلاثة انهيارات منذ الثورة الصناعية، وكذلك عن انفجار مواد كيماوية في مرفأ بيروت عام 2020، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 215 شخصا وتدمير مساحات واسعة من المدينة.
وينظر إلى الكارثة على أنها رمز للحكم الفاسد ولم يُحاسب عليها أي مسؤول كبير.
لكن مع قرب موعد الانتخابات، احتلت قضية خلافية مركز الصدارة ألا وهي سلاح حزب الله.
قال حسن نصر الله زعيم جماعة حزب الله، التي تصنفها الحكومات الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة على أنها جماعة إرهابية، إن التصويت لحزبه سيساعد في “الدفاع عن لبنان”.
أما رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، وهو من أشد المنتقدين لحزب الله ويدعم السنة الذين يتشابهون فكريا معه في الانتخابات، فيسعى إلى مقاومة مقاطعة السنة، داعيا الناخبين إلى “الحفاظ على عروبة لبنان”، للتصدي للنفوذ الإيراني” وفقا لرويترز.