أكّد الجيش الروسي أنّ الوضع الميداني في أوكرانيا “متوتر” بالنسبة لقواته بعد الهجوم المضاد لكييف خاصة في خيرسون التي يستعدّ لإجلاء سكّانها، إثر انتكاسات في الشرق والجنوب وهي واحدة من أربع مناطق أعلنت موسكو مؤخرًا ضمّها.
أقر القائد الجديد للقوات الروسية في أوكرانيا في اعتراف نادر بالضغوط التي تتعرض لها قواته جراء الهجمات الأوكرانية التي تهدف لاستعادة المناطق الجنوبية والشرقية التي أعلنت موسكو ضمها قبل أسابيع فقط. وفي مؤشر آخر على القلق الروسي، أعلن رئيس منطقة خيرسون الجنوبية الاستراتيجية المعين من الكرملين عن “نزوح منظم وتدريجي” للمدنيين من أربع بلدات على نهر دنيبرو. وقال سيرغي سوروفكين، وهو جنرال في سلاح الجو يقود الآن قوات الغزو الروسية، في تصريحات لقناة روسيا 24 التلفزيونية الإخبارية “يمكن وصف الموقف في منطقة “العملية العسكرية الخاصة” بأنه متوتر”. وبشأن خيرسون قال سوروفكين “الوضع في هذه المنطقة صعب. العدو يتعمد قصف البنية التحتية والمباني السكنية في خيرسون”.
وتراجعت القوات الروسية في تلك المنطقة مسافة تتراوح بين 20 و30 كيلومترا في الأسابيع القليلة الماضية وهي معرضة لخطر الوقوع في حصار عند الضفة الغربية لنهر دنيبرو الذي يبلغ طوله 2.200 كيلومتر والذي يشطر أوكرانيا. وقال فلاديمير روغوف، عضو المجلس الذي عينته موسكو ليحكم زابوريجيا، الواقعة في جنوب أوكرانيا أيضا، إن قوات كييف كثفت قصفها الليلي على إنيرهودار التي تسيطر عليها روسيا، وهي مدينة يعيش فيها العديد من موظفي محطة زابوريجيا النووية.
وأضاف عبر تطبيق تيليغرام إن نيران المدفعية أصابت ضواحي البلدة ووقعت عشر ضربات حول محطة للطاقة الحرارية. وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنه يتوقع العودة “قريبا” إلى أوكرانيا، وسط مفاوضات لإقامة منطقة حماية أمنية حول محطة زابوريجيا التي تحتلها روسيا، وهي المحطة النووية الأكبر في أوروبا. وتقع المحطة في واحدة من أربع مناطق أوكرانية أعلنت موسكو ضمها إليها لكنها تحتلها جزئيا فقط. والمناطق الثلاث الأخرى هي خيرسون ودونيتسك ولوغانسك، الواقعتين على الحدود الشرقية وتعرفان معا باسم دونباس.
حشد كبير للقوات الأوكرانية
وقال سوروفيكين إن مواقع القوات الروسية في كوبيانسك وليمان في شرق أوكرانيا وفي المنطقة بين ميكولايف وكريفي ريه في خيرسون تتعرض لهجوم مستمر. وبدا أنه يقر بوجود خطر من تقدم القوات الأوكرانية نحو مدينة خيرسون، التي تقع بالقرب من مصب نهر دنيبرو على الضفة الغربية. واستولت روسيا على المدينة في الأيام الأولى من الغزو ولا تزال هي المدينة الأوكرانية الرئيسية الوحيدة التي استولت عليها قوات موسكو دون إلحاق الضرر بها.
وحذر مسؤولون مدعومون من روسيا من أن الهجوم الأوكراني قد يكون وشيكا. وقال فلاديمير سالدو، رئيس منطقة خيرسون الذي عينته روسيا، إن خطر هجوم القوات الأوكرانية أدى إلى اتخاذ قرار بإجلاء بعض المدنيين من أربع بلدات. وأضاف في بيان مصور “الجانب الأوكراني يحشد قواته لشن هجوم واسع النطاق”. وأردف قائلا إن الجيش الروسي يستعد لصد الهجوم و”حيثما يعمل الجيش لا مكان للمدنيين”.
قصف بالصواريخ والمسيرات “الإيرانية”
يذكر أن روسيا شنت الأسبوع الماضي أكبر موجة من الضربات الصاروخية على أوكرانيا منذ بداية الغزو. ووصف بوتين الضربات الجوية التي استخدمت الصواريخ والطائرات المسيرة بأنها رد انتقامي على تفجير جسر روسي يؤدي إلى شبه جزيرة القرم. ولم تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عن تفجير الجسر لكنها احتفلت به. ودعت أوكرانيا خبراء الأمم المتحدة لفحص ما تقول إنها طائرات مسيرة إيرانية الأصل تستخدمها روسيا في انتهاك لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تعتزم طرح الاتهام المتعلق بنقل أسلحة إيرانية إلى روسيا في اجتماع مغلق لمجلس الأمن اليوم (الأربعاء 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2022). وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن اعتماد موسكو على طائرات مسيرة إيرانية الصنع يكشف أنها “أفلست من الناحيتين العسكرية والسياسية”.
وتتهم أوكرانيا روسيا باستخدام طائرات شاهد-136 كطائرات “كاميكازي”، وهو لفظ يشير إلى الطيارين الانتحاريين اليابانيين في الحرب العالمية الثانية. وتنفي إيران إمداد موسكو بها كما ينفي الكرملين استخدامها. ومع ذلك، قال مسؤولان إيرانيان كبيران ودبلوماسيان إيرانيان إن طهران وعدت بتزويد موسكو بمزيد من الطائرات المسيرة وصواريخ أرض-أرض.
وقال زيلينسكي إن روسيا دمرت ما يقرب من ثلث محطات الطاقة الأوكرانية في الأسبوع المنصرم. وأضاف أن روسيا استهدفت أكثر من عشر مناطق في الساعات الأربع والعشرين الماضية، وحث الأوكرانيين على تقليص استهلاك الكهرباء في المساء.
ح.ز/ ا.ف (رويترز/ أ.ف.ب)