السجال الناشئ بين نيافة الكاردينال لويس ساكو والشيخ ريان الكلداني ليس الا اختلاف بين نهجين مختلفين منذ القدم، فمنهج رجل الدين يؤمن بأن أساس العلاقة بين الراعي والرعية وحتى شركائه في الوطن قائم على مفاهيم التسامح والمحبة والسلام، بينما النهج المقابل المتمثل بالشيخ ريان الكلداني فهو سياسي صرف ينهض على مبدأ ان السياسة هي فن الممكن، خاصة في وضع مضطرب وعلى ارض تحاول رسم خارطة تنصف المكون الذي يشترك قادته الدينيون والدنيويون بأحقية أنصافهن كل حسب تصوره وحسب خبرته وثقافته وفهمه لما يعرف بالتدافع الطبيعي بين الفرقاء على أساس الدين او القومية والعرق لاستحصال ما يمكن استحصاله من حقوق وامتيازات جرى عليها التجاوز وعدم الأنصاف. ومن هذا المنطلق لا بد وأن تتقاطع الرؤى والتصورات والتي قد تقود الى مثل هذا السجال خاصة وان الأجواء في فضاء كلا الرجلين ليست بالمثالية ولا تتسم بالشفافية لوجود تقاطع في المصالح قد يثورها من يجد أن القاء الزيت على ما يمكن أن يمثل شرارة خلاف قد يتيح فرصة للعثور على مواطئ اقدام وفق التركيبة المضطربة في فضاء الواقع السياسي العراقي الباحث عن الانسجام. وحقيقة الامر ومهما كان الخلاف فهو لا يرتقي الى ما يمثل القطيعة بين الرجلين لأنهما بالنتيجة يسعيان الى ما يمكن أن يصب في خدمة المكون وتحقيق مكاسب لا يستهان بها ، وهذا ما تم تحقيقه على مدى الحراك السياسي في العراق في السنوات الماضية والا لما استطاع نيافة الكاردينال لويس ساكو أن يحظى بهذا القدر من التأييد والاحترام الذي يتمتع به ليس من الطائفة المسيحية حسب بل من قبل اغلب كيانات المجتمع العراقي الذي ينصت بانتباه شديد لتصريحاته التي تتوافق ومشاعر باقي المكونات ، والامر ذاته بالنسبة للشيخ ريان الكلداني الذي استطاع ان يشكل كتلة في البرلمان العراقي لها أربعة نواب ضمن الكوتة المسيحية تراعي شؤون المكون المسيحي، وساهم بشكل كبير دحر فلول فصائل داعش الإرهابية وتحرير المناطق المحتلة. ووفق هذا التصور فمن غير المجدي استمرار مثل هكذا خلاف ونشر غسيل كل من الطرفين إعلاميا، وإتاحة الفرصة لنشطاء الفيس بوك ليدلو كل منهم بدلوه دون الإحساس بحجم المسؤولية المترتبة من جراء اثارة مثل هكذا خلافات وهما بالتأكيد وفق هذا التوصيف مصدر قوة للعراق بمنجريهما وفي ظل العراق الديمقراطي الموحد الذي يؤمنان به قطعا. وعكس ذلك ليس الا تقاطعات لا تغني ولا تسمن ولا تخدم حقيقة الرغبة الصادقة لكليهما في رفعة وارتقاء العراق الذي يمثل بالنتيجة دعماً للجهود الخيرة التي تحاول أن تبنيه وتجعله قوي موحد بكل كياناته ومكوناته الدينية والعرقية والقومية.