دير عامر يقع شمال الموصل ، على بعد 33 ميلا عنها وموقعه في جبل القوش والمعروف جبل بيت عذرى وهو من اديرة الكلدان انشأه الربان هرمز متزامنا مع دير مار اوراها الذي يقع قرب قرية باطنايا منتصف طريق الموصل-القوش في الربع الثاني من القرن السابع الميلادي . وكان الدير مقرا للرهبان الكلدان وقد انشأ الى جنوبه دير السيدة العذراء ، والدير في بعض عصوره نالت منه النكبات فنهب واقفر من رهبانه عدة مرات وفيه كنيسة اثرية رممت على مر العصور .فيها كتابات كلدانية وكان للدير مكتبة غنية نهبت عام 1844م واتلفت جملة كبيرة من مخطوطاتها. وحاليا تهتم ادارة الرهبنة الانطونية الكلدانية بشؤونه . وحسب الطقس الكلداني عيده في ال 11 نيسان.
يعلو بوابة الدير صورة محفورة لحمامة من الجهة اليمنى وثعبان يتدلى من الجهة اليسرى دلالة الحكمة والنقاوه . يعود تاريخ بناء الدير على يد الربان هرمزد الفارسي الاصل من مدينة لاياط في بلاد الاحواز وترجع قصة بناء الدير الى عهد البطريرك ايشوعياب الذي عاصر الخليفة ابو بكر وعمر بن خطاب (رض الله عنهما) . ان حاكم الموصل عقبة بن فرقد سنة 642 ميلادية مرض ابنه شيبيني بمرض عضال فلما اوصوه الناس بايصاله الى الربان هرمزد الذي كان ناسكا في احدى الصوامع التي تقع بالقرب من موقع الدير الان في جبل القوش او جبال باعدري وعندما وصل البلدة كان ابنه قد فارق الحياة ولكن الناس اصروا على ايصاله الى الربان وعندما دخل الوادي طمأنهم الربان وبعد صلاة طويلة ارجع الى شيبيني الحياة فأقام الحاكم فرح عظيم شارك فيه المسيحين والمسلمين معا وهكذا اصبح للربان مكانة عظمية لدى الحاكم وبعدما عاد الى الموصل امر بمساعدة الربان في بناء دير له فخصص له (7) اوزان من الفضة ارسلها مع ابنه شيبينى واوقف لها رحى كثيرة واملاك واراضي( ). مع المباني المتفرقة في الموقع ماا يزال هناك اثار عين الماء التي اشتهرت به والتي كانت تسمى عين القديس وكذلك البرج الذي يعلوه الناقوس الذي كانت دقاته تسمع في جميع ارجاء المنطقة ، يقدس الدير جميع ابناء المنطقة فألى جانب المسيحيين يزورها الايزدية للتبرك وطلب العلاج وكذلك المسلمين ويحتفل كل عام في شهر نيسان بذكراه سنويا حيث تشهد اقبلا كبيرا لدى للناس للزيارة تشعل فيها الشموع طلبا للشفاعة والبركة ، وهي الان تشهد حملة كبيرة لأعمارها وترميمها .
يشتهر الدير بأنه شهد العديد من النكبات التي كانت سببا في تدميره احراق مخطوطاته النادرة ومن اشد الحملات التي طالت الدير واحرقت خزائنها حملة الشاه طهماسب ونادر شاه وتيمور لنك واحراقها مع جميع مخطوطاتها من قبل امير رواندوز الامير ( محمد كوره ) في حملته على بادينان في القرن التاسع عشر ومن ثم اخر الحملات التي تعرضت لها على يد اسماعيل باشا حاكم عمادية . يتناقل الناس في المنطقة القريبة من هذا الدير العديد من الاحاديث والحكايات النادرة لكن ما يميزها دوما هو انه في هذا الدير تتجسد حياة الخلوة والتقشف والمشقة والخشونة وكذلك من انه كان ملجأ لعلاج المرض حيث كان يتم فيه شفاء المجانين بعد ان يحرضهم الربان على التوبة وعبادة الله ، اكتسب الربان هرمزد شهرة كبيرة في هذا الدير فكان محل ازدراء الرهبان في الاديرة القريبة وخاصة دير (بسقين ) حيث حاولوا الايقاع به لدى حاكم الموصل الا ان محاولاتهم باءت بالفشل . مات هرمز في هذا الدير عن عمر يناهز 94 عاما .واكتسبت القوش شهرة من هذا الدير فرغم المعروف عنها بأنها موطن النبي ناحوم الا ان وجود الدير في الجبل الذي يطل على البلدة اضفى عليها شهرة اخرى . فالحياة في هذا الدير استمرت (11) قرنا بلا انقطاع.