جرت مساء أمس المناظرة التلفزيونية الثانية والأخيرة بين زعماء الأحزاب الرئيسية الخمسة المتنافسة في الحملة الانتخابية الحالية في مقاطعة كيبيك ونظمها تلفزيون راديو كندا (القسم الفرنسي في هيئة الإذاعة الكندية).
منذ بداية المناظرة التي دامت ساعتيْن، والتي أدارها الصحفي باتريس روا، استهدف زعيمُ حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك (’’كاك‘‘ CAQ)، رئيسُ الحكومة الخارجة، فرانسوا لوغو، بشكل رئيسي الناطقَ المشارك (بمثابة الزعيم المشارك) باسم حزب التضامن الكيبيكي (QS) اليساري، غابريال نادو دوبوا.
فانتقده لأنه يريد فرض ضرائب على سيارات الميني فان العائلية، واتهمه بأنه يرغب في تراجع بعض الصناعات وفي حرمان الكيبيكيين من مساهمات العيادات الجراحية الخاصة لأسباب محض أيديولوجية.
كانت استراتيجية لوغو هي نفسها في كل مرة، كما يقول هوغو لافاليه في تحليل على موقع راديو كندا: إثارة الشكوك حول العواقب التي قد تترتب على تنفيذ المقترحات الواردة في البرنامج الانتخابي لحزب التضامن بالنسبة للمواطنين العاديين.
ورداً على هذه الانتقادات اتهم نادو دوبوا رئيسَ الحكومة الخارجة بنشر معلومات مضلِّلة وقيادة حملة تخويف.
وواجه الزعيم المشارك لحزب التضامن الكيبيكي صعوبة أحياناً في الإجابة، على أسس موضوعية، على أسئلة زعيم الـ’’كاك‘‘، وإن لم يشعر بالارتباك.
وبشكل عام كان نادو دوبوا أمس أقلّ تألقاً ممّا كان عليه في المناظرة التلفزيونية الأولى قبل أسبوع، وبدا أقل قتالية.
أمّأ لوغو فكان أداؤه أمس أفضل من أدائه في المناظرة الأولى، وبدا أكثر ابتساماً وهدوءاً وكان قادراً على شرح خطته لمساعدة الكيبيكيين على مواجهة أزمة تضخم الأسعار بشكل أفضل.
أداء زعيمة الحزب الليبرالي الكيبيكي (PLQ) دومينيك أنغلاد، هي الأُخرى، كان أمس أفضل بكثير من أدائها في المناظرة الأولى.
لم تتمسك أنغلاد كثيراً بنصها وكانت أكثر طبيعية. كما أنّ شكل المناظرة أمس، المختلف عن شكل المناظرة الأولى التي تحولت في أجزاء كثيرة منها إلى نشاز، سمح لها بتقديم أفكارها بشكل أفضل.
وتساءل المراقبون، ومن بينهم لافاليه، ما إذا كانت أنغلاد قد استغرقت وقتاً طويلاً قبل أن تجعل الناخبين يكتشفون هذا الجانب الأكثر جاذبية لديها وما إذا كان أداؤها أمس سيسعف حملتها ويعزز شعبيتها وشعبية حزبها الذي شكّل المعارضة الرسمية في الجمعية الوطنية (الجمعية التشريعية) المنحلّة.
وهاجمت أنغلاد، المرأة الوحيدة بين الزعماء الخمسة، سجلّ رئيس الحكومة الخارجة في مجال خدمة رعاية الأطفال، فقالت إنّ النقص في الأماكن في دور الحضانة كان له عواقب على الأسر، وبالأخص على الأمهات الشابات.
بدا هجومها موفقاً وهي بلا شك ستحاول استثمار هذه النقطة في الوقت المتبقي من الحملة الانتخابية، يقول لافاليه في تحليله.
زعيم الحزب الكيبيكي (PQ) الاستقلالي، بول سان بيار بلاموندون، ميّز نفسه عن خصومه، أمس أيضاً، بنبرته الهادئة.
متصلباً، كعادته، في موضوع حماية اللغة الفرنسية، سلّط سان بيار بلاموندون الضوء على عجز فرانسوا لوغو عن تحقيق مكاسب لدى الحكومة الفدرالية، حتى أنه ذهب إلى حدّ مقارنته برئيسيْ حكومة كيبيك السابقيْن، الليبرالييْن جان شاريه وفيليب كويار.
لكن ادّعاءه بأنّ استقلال كيبيك عن الاتحادية الكندية سيحلّ مشاكل النظام الصحي في المقاطعة كان مبالَغاً فيه، يقول لافاليه في تحليله.
وفي ما يتعلق بموضوع جائحة كوفيد-19، هاجم لوغو، كما في المناظرة الأولى، زعيمَ حزب المحافظين الكيبيكي (PCQ) إريك دوهيم على خلفية معارضة هذا الأخير الإجراءات التقييدية الصارمة التي فرضتها الحكومة للحدّ من انتشار الجائحة، فوصفه بالـ’’محرِّض‘‘ ووضعه في موقف دفاعي عندما سأله عن عدد كبار السنّ الذين كان مستعداً لـ’’التضحية‘‘ بهم من أجل تخفيف القيود الصحية.
وردّ دوهيم على رئيس الحكومة الخارجة متهماً إياه بأنه، من خلال القيود الصحية الصارمة، تصرّف بشكل ’’غير مسؤول مع أطفال كيبيك‘‘.
وفي مجال آخر كان زعيم المحافظين قاطعاً في موضوع الرابط الثالث بين كيبيك العاصمة على الضفة الشمالية لنهر سان لوران ومدينة ليفي المواجهة لها على الضفة الجنوبية، فانتقد لوغو لعدم كشفه عن الدراسات المتعلقة به، كما انتقده لتغيير موقفه أكثر من مرة فيما يتعلق بتقليص حجم الدولة وبمشروع الغاز الطبيعي المسال.
ومثل مناظرة الأسبوع الماضي، قد لا تكون مناظرة مساء أمس أظهرت فائزاً كبيراً أو خاسراً كبيراً، لكنها، بشكل عام، سمحت، بفضل شكلها، للزعماء الخمسة بطرح أفكارهم وشرح مقترحاتهم بشكل أفضل.
ويتوجه ناخبو مقاطعة كيبيك إلى صناديق الاقتراع في 3 تشرين الأول (أكتوبر) لاختيار نوابهم الـ125، ويمكن الاقتراع مسبقاً يوميْ الأحد والاثنيْن المقبليْن.
(نقلاً عن تحليل لهوغو لافاليه وعن تقارير أُخرى على موقع راديو كندا، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)