بقلم: هادي المهدي
يقول كارل ماركس إن لكل حضارة انسانية بنية فوقية واخرى تحتية.
أما الثانية (التحتية) فهي المنتجات المادية لهذه الحضارة وما أنتجته علي الصعيد العيني وفي شقه الأكثر تحديدا الجانب الاقتصادي ، أضف الى ذلك الجانب الاجتماعي الذي يدخل أيضا بعلاقاته الاجتماعية الكامنة داخل المجتمع ضمن إطار البنية التحتية للمجتمع.
نأتي للأولى (البنية الفوقية) والتي تمثل الجهاز الفكري لهذا المجتمع أو لهذه الحضارة والذي يمثل نمط تفكير هذا المجتمع البشري.
تبقى البنية التحتية دائما رهن البنية الفوقية قال ذلك كارل ماركس وان كنت أختلف معه كثيرا ومع النظام السياسي للماركسية الا أنني أتفق معه في هذا الطرح.
تتحدد العلاقات الاجتماعية إذا داخل المجتمع من خلال معادلات البنية الفوقية والتي تمثل كما قلنا نمط تفكير هذا المجتمع.
هنا يبرز أمامنا سؤال يبدو لي شديد الأهمية وهو لماذا تتسم مجتمعاتنا العربية بالاهتمام بالمظاهر دون الاهتمام بالجوهر فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية والسياسية.
تجد مثلا حالة شديدة الاستعلاء تصبغ العلاقة بين المدير ومرؤوسيه من أعلى الدرجات الإدارية حتى أقل درجاتها وصولا الى إدارة فريق لا يتعدى عدد أفراده عدد أصابع اليد الواحدة ما يفقد مفهوم فريق العمل مضمونه بفعل هذا الاستعلاء.
في ظني أن هذه الأفعال لا تنتج الا داخل حضارة تهتم بالمظهر دون الجوهر فيهتم المدير بالعلاقة الرأسية بينه وبين مرؤوسيه دون النظر لهدف العمل الرئيسي وهدف وجوده شخصيا على رأس تلك الإدارة.
خلاصة القول إنّ تردي الحضارة يبدأ من تردي المنظومة الفوقية وآليات التفكير التي تسم هذه الحضارة عبورا الى التردي المادي والاجتماعي لتلك الحضارة.