تعكف الأطراف المعنية بالاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، خصوصا بروكسل وواشنطن، على دراسة الردّ الذي تقدمته به إيران على مقترح للاتحاد الأوروبي، يهدف لانجاز تفاهم في مباحثات إحياء اتفاق العام 2015.
وكان الاتحاد الأوروبي، منسّق مفاوضات إحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه قبل أربعة أعوام، قدّم الأسبوع الماضي اقتراح تسوية “نهائيا”، داعيا طهران وواشنطن اللتين تتفاوضان بشكل غير مباشر، للرد عليه أملا بتتويج مباحثات بدأت قبل عام ونصف عام.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية “إرنا” فجر الثلاثاء أن طهران قدمت “ردها خطيا على النص المقترح من قبل الاتحاد الاوروبي”، معتبرة أنه “سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأمريكي يتسم بالواقعية والمرونة”.
وأكد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن الردّ يخضع للتقويم.
وقالت متحدثة باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل “تلقينا ردّ إيران ليل أمس … نقوم بدراسته والتشاور مع أطراف آخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة والولايات المتحدة حول سبل المضي قدما”.
من جهته، قال متحدث باسم الخارجية الأمريكية “تلقينا تعليقات إيران عبر الاتحاد الأوروبي ونقوم بدراستها. نتشارك آراءنا مع الاتحاد الأوروبي”.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أكد الإثنين أن بلاده ستقدّم “مقترحاتها النهائية” بشأن إحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا عام 2018.
وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي “خطة العمل الشاملة المشتركة”، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجا عن معظم التزاماتها.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في نيسان/أبريل 2021، تم تعليقها مرة أولى في حزيران/يونيو من العام ذاته. وبعد استئنافها في تشرين الثاني/نوفمبر، علّقت مجددا منذ منتصف آذار/مارس مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل انجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر حزيران/يونيو، لم تفضِ الى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من آب/أغسطس، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية “نهائية”.
وقال متحدث باسم التكتل القاري في حينه “إنها لحظة اتخاذ القرار: نعم أم لا. وننتظر من جميع المشاركين أن يتخذوا هذا القرار بسرعة كبيرة”.
وبعد الإعلان عن الرد الإيراني، قالت وكالة “إيسنا” إن طهران تترقب جواب “الطرف الآخر” في غضون “يومين”.
الا أن المتحدثة باسم بوريل نفت وجود جدول زمني محدد للردّ.
وقالت “في هذه المرحلة، يدرس الجميع الردّ (الإيراني) وهذا ليس وقت التكهن بخصوص التوقيت أو ما إلى ذلك”، مشددة على أن على “على كل المشاركين الاطلاع عليه (الرد الإيراني) وهذا ما يمكنني قوله في هذه المرحلة”.
وشددت على أن بوريل يتواصل بشكل دوري مع الأطراف المعنيين، رافضة الافصاح عن أي مضمون للمداولات.
– اتفاق “أقرب” من ذي قبل؟ –
بدورها، لم تقدّم وسائل الاعلام المحلية تفاصيل بشأن الرد الإيراني.
الا أن “إرنا” أفادت بأن نقاط التباين المتبقية “تدور حول ثلاث قضايا، أعربت فيها أمريكا عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن يجب إدراجها في النص”، وتتعلق الثالثة “بضمان استمرار تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة والتي تعتمد على واقعية أمريكا” لتلبية مطالب إيران.
وعلى هامش المباحثات الأخيرة في فيينا، أكد مسؤول أوروبي أن طلب طهران إزالة اسم الحرس الثوري من قائمة واشنطن للمنظمات “الإرهابية” الأجنبية لم يعد مطروحا حاليا.
وبحسب مسؤولين إيرانيين، كانت إحدى النقاط الأساسية التي طالبت بها طهران إنهاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية قضية العثور على آثار لمواد نووية في مواقع لم تصرّح إيران أنها شهدت أنشطة نووية، وهي مسألة أثارت توترا مؤخرا بين الطرفين.
كما شددت طهران مرارا على ضرورة الحصول على ضمانات بتحقيق فوائد اقتصادية كاملة من الاتفاق النووي خصوصا في مجال رفع العقوبات، وعدم تكرار الانسحاب الأمريكي منه.
وكتب مستشار الفريق التفاوضي الإيراني محمد مرندي عبر تويتر إن “حل القضايا المتبقية ليس صعبا”.
وأشار الى أن الملاحظات الإيرانية على النصّ المقترح سببها “خروق سابقة (للاتفاق) من الولايات المتحدة” والدول الأوروبية الأطراف فيه، مضيفا “لا يمكنني القول إن الاتفاق سيحصل، لكننا أقرب مما كنا عليه”.
وكان أمير عبداللهيان أكد الإثنين أن “الأيام القادمة أيام مهمة (…) في حال تمت الموافقة على مقترحاتنا، نحن مستعدون للانجاز وإعلان الاتفاق خلال اجتماع لوزراء الخارجية”.
من جهته، امتنع المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس ليل الإثنين، عن الكشف ما اذا كانت بلاده وافقت على النص الأوروبي المقترح.
وأكد خلال مؤتمر صحافي أن واشنطن “ستتّصل ببوريل كما طلب منها الأخير”.
وأضاف “ما يمكن التفاوض عليه قد تمّ التفاوض عليه”، مؤكّداً موقف واشنطن القائل إنّ الكرة في ملعب طهران.
وشدّد على أنّ “الطريقة الوحيدة” للعودة المتبادلة الى الاتفاق “تكمن في تخلّي إيران عن مطالبها غير المقبولة والتي تتجاوز بكثير اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة”.
المصادر الإضافية • أ ف ب