قبل أيام من انتهاء ولاية حاكم “مصرف لبنان” رياض سلامة يوم الاثنين المقبل، واصل الدولار الأميركي رحلة تراجعه في السوق السوداء للعملة في لبنان، مسجلاً مستويات تقل عن 90 ألف ليرة لبنانية في غالبية التطبيقات الإلكترونية غير الشرعية.
ما جديد سوق الصرف؟
استمر الانخفاض اللافت الذي تشهده العملة الخضراء في لبنان منذ أيام، رغم تنامي المخاوف محلياً من غموض مصير منصة “صيرفة” التي أسهمت إلى حد ما في لجم التدهور الدراماتيكي لليرة والعودة بالمنفعة النسبية على موظفي القطاع العام والفائدة العالية على كبار التجار، إلى أن انحدر الدولار في التعاملات الصباحية اليوم، إلى ما دون 90 ألف ليرة، مسجلاً على تطبيق “ليرة أغريغايتور” الذي يحتسب تلقائياً متوسط سعر مختلف التطبيقات هامشاً بين 88771 ليرة للشراء و89089 ليرة للبيع.
وكان الدولار قد تجاوز مستوى 90 ألف ليرة لبنانية للمرة الأولى في 10 مارس/آذار المنصرم، وهذه هي المرة الأولى التي ينخفض فيها عن هذا السعر في السوق السوداء.
ويقول أحد الصرافين في بيروت لـ”العربي الجديد”، إن “الدولار مستقرّ على خطّ التسعين منذ أكثر من 3 أشهر، وذلك يعود إلى أسباب عدة، منها الحركة السياحية في البلاد، والتعميمات التي كان يصدرها حاكم “مصرف لبنان”، لا سيما تلك المرتبطة باستمرار منصة صيرفة، كما أن هناك محرّكين للسوق السوداء يتلاعبون بالسعر كما يحلو لهم، علماً أن هذا المسار قد يكون بمثابة هدوءٍ ما قبل العاصفة”.
ولم يلمس اللبنانيون جدياً انخفاض الدولار طوال هذه الفترة، في ظل عدم التزام غالبية القطاعات به، بحيث كان لافتاً أن أكثرية المؤسسات السياحية لا تزال تعتمد تسعيرات بالدولار، أو بالليرة اللبنانية، لكن بسعر أعلى بكثير من السوق السوداء، أي تزيد عن 96 ألف ليرة، ومنها وصل بها التسعير إلى 106 آلاف ليرة.
تعويم الليرة اللبنانية ممكن.. ولكن
والأمر نفسه ينسحب على محال السوبر ماركات التي عمدت خلال فترة تراجع الدولار إلى رفع أسعارها بالدولار، للحفاظ على مكاسبها الكبيرة، مستغلة الحركة السياحية في البلاد أيضاً، وغياب الأجهزة الرقابية.
ولا يزال المصرف المركزي يعلب دوراً في ضخ الدولارات لكبح تدهور سعر الليرة، وكان أعلن في بيان أمس، أن “حجم التداول على منصة صيرفة (Sayrafa) بلغ لهذا اليوم (الخميس) 50 مليون دولار أميركي، بمعدل 85500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وفقاً لأسعار صرف العمليات التي نفذت من قبل المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة”.
وذكّر البيان بأنه “على المصارف ومؤسسات الصرافة الاستمرار في تسجيل كل عمليات البيع والشراء على منصة صيرفة، وفقاً للتعاميم الصادرة في هذا الخصوص”.
أسعار المحروقات تواصل ارتفاعها في لبنان
ورغم تراجع سعر صرف الدولار، اليوم الجمعة، أعلنت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية زيادة سعر صفيحة (20 لتراً) البنزين 95 أوكتان 10 آلاف ليرة، و98 أوكتان 10 آلاف ليرة، والمازوت 9 آلاف ليرة، بينما سجل سعر قارورة الغاز زنة 10 كيلوغرامات انخفاضاً مقداره 14 ألف ليرة.
وبموجب القرار، أصبحت الأسعار على الشكل الآتي: بنزين 95 أوكتان مليون و711 ألف ليرة، وبنزين 98 أوكتان مليون و750 ألفاً، والمازوت أو الديزل أويل مليون و493 ألفاً، والغاز 816 ألف ليرة.
وتأتي هذه التطورات، وخاصة سعر صرف الدولار، في وقتٍ سادت في البلاد أمس واليوم أجواء تشي باحتمال تراجع نواب حاكم مصرف لبنان المركزي عن قرار استقالتهم، علماً أنهم لم يحسموا موقفهم رسمياً بعد، على الرغم من أن أياماً قليلة أصبحت فاصلة عن انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة في 31 يوليو/ تموز الجاري.
واجتمع أمس الخميس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان، وسيم منصوري، وبشير يقظان، وسليم شاهين، وألكسندر مراديان، وجرت متابعة للاجتماعين السابقين اللذين عُقدا للبحث في مرحلة ما بعد انتهاء ولاية سلامة.
وقال ميقاتي، بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، إن “المرحلة الراهنة تتطلب تعاون الجميع للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي النسبي، وعدم تعريضه للاهتزاز، وهناك مسؤولية وطنية ملقاة على عاتقنا جميعاً، في حال لم يصر إلى تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي”.
وشدد على أن “المحاذير التي عبّر عنها نواب الحاكم في البيان الذي أصدروه قبل أيام مشروعة، وأن الخطة الموضوعة من قبلهم تنسجم مع الخطة الحكومية، والحكومة ستتعاون مع المجلس النيابي لإقرار التشريعات الضرورية لحسن سير عمل المؤسسات في المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، وفق الأصول المنصوص عنها في قانون النقد والتسليف”.
بدورهم، شدد نواب الحاكم على أنهم يقومون بواجباتهم الوطنية والوظيفية ضمن الأصول القانونية. وقالوا إن “البيان أصدروه لحضّ الجميع على تأمين المتطلبات القانونية والتنفيذية للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار الذي لا يقتضي المسّ به اليوم”، مثمنين “تجاوب القوى السياسية لتأمين المتطلبات حكومياً ونيابياً وقانونياً”.
وألغيت أمس الخميس جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي كانت مُخصّصة لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، في ظلّ عدم توفر النصاب القانوني لانعقادها، بعد تغيّب وزراء يمثلون أحزاباً سياسية وازنة يتقدّمها “التيار الوطني الحر”، برئاسة النائب جبران باسيل، و”حزب الله”.
وتشهد الساحة اللبنانية صراعاً على صلاحيات الحكومة بهيئة تصريف الأعمال، وفي ظل الشغور الرئاسي، وتنقسم الآراء بين مؤيد لاتخاذها القرارات وإجرائها التعيينات الضرورية، لتأمين حسن سير المرفق العام، خصوصاً في ظلّ الظروف الدقيقة مالياً ونقدياً، وبين متمسك بأن الحكومة تصرّف الأعمال فقط بالمعنى الضيق، ولا يمكنها إجراء التعيينات، لا سيما في الوظائف الأولى، قبل انتخاب رئيس للبلاد، علماً أن الأزمة الرئاسية المستمرة منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تساهم في تعطيل عمل الحكومة، وكذلك مجلس النواب غير القادر بدوره على التشريع>
المصدر : العربي الجديد