بقلم : هادي المهدي
أغفل العقل الجمعي الاسلامي المعاصر في قراءته لتراثه المرور بما كان يقتضيه الأمر على التراث الصوفي الاسلامي وجاءت هذه الانتقائية لصالح تراث الغزو والخلافة والنظام السياسي الذي تواجد في البقعة الاسلامية خلال الألف سنة الاولى من تاريخ الاسلام.
يدعم المتصوفة المسلمون الحب كفكرة مركزية في قراءتهم للقرآن الكريم غير أن الحب في فكر المتصوفة ليس هو الحب بمفهومه التقليدي الشائع لدينا بل الحب بمفهوم العشق الإلهي أي الحب كصلة أساسية بين الإنسان والله.
نقف اليوم مع آية من آيات النص القرآني شديدة الصلة بما قدمنا في السطور السابقة وهي الآية رقم 31 من سورة آل عمران والتي نصها “ قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم “
تتناول القراءة الأشعرية الآية من منظور الطاعة العمياء من الإنسان لله كمرادف لفكرة الحب كما ورد في أشعار أحدهم “ان المحب لمن أحب مطيع”.
غير أننا سنعرض هنا لرؤية أحد كبار المتصوفة حول هذه الآية وهو شمس الدين التبريزي.
يرى التبريزي أنّ اتباع النبي يكون باتباع طريقه الذي هو طريق اليقين من خلال الآية التي تنقل خطابا من الله للرسول “ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين”.
فالسير خلف النبي هو سير على طريق اليقين وهو الطريق المغاير تماما للطريق التقليدي المليء بالشعائر اليومية.
طريق اليقين عند التبريزي طريق رأسي وليس طريق أفقي أي طريق عين سالكه تكون نحو الإله مباشرة وليس نحو غيره من العباد (من أجل تقويمهم مثلا).
عين السائر في هذا الطريق توقة الى عالم الإلهي فليست مشغولة إطلاقا بعالمها المادي ولعله من الطريف أن نذكر أن هذه الرؤية ليست بعيدة عن ما قال نيتشه في كتابه “هكذا تكلم زرادشت” : “ها أنا ذا أطير ولست بحاجة الى من يدفعني لأتحرك فأنا أطير شاعرا بأني أحلق فوق ذاتي وأن إلها يرقص بداخلي” .