تعتزم الولايات المتحدة إرسال ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا لمساعدتها في محاربة الغزو الروسي، في خطوة عارضتها منظمات معنية بحقوق الإنسان، لكنّها ستقدّم للهجوم الأوكراني المضاد عامل قوة جديداً.
وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين، اشترطوا عدم نشر هوياتهم، لـ”رويترز”، الخميس، إنه من المتوقع الإعلان عن حزمة مساعدات الأسلحة، التي تشمل ذخائر عنقودية تطلقها مدافع “هاوتزر” عيار 155 مليمتراً، اليوم الجمعة على أقرب تقدير. وقال أحد المسؤولين إن هذا الإجراء قيد الدراسة الجادة منذ أسبوع على الأقل.
وقال البيت الأبيض إنّ إرسال ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا قيد الدراسة، لكنه لم يصدر أي إعلان.
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الجنرال بات رايدر، أنّ إدارة جو بايدن تبحث إرسال الذخائر المحسّنة إلى أوكرانيا، ولكن فقط التي تقل معدلات الفشل فيها عن 2.35%.
وأشار إلى أنّ البنتاغون لديه “أنواع متعددة” من الذخائر، و”تلك التي نفكر في توفيرها لن تشمل الأنواع القديمة ذات المعدلات (غير المنفجرة) التي تزيد عن 2.35%”.
وقال المسؤولون إنه بموجب حزمة المساعدات التي سيتم الإعلان عنها، والتي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 800 مليون دولار، ستتلقى أوكرانيا أيضاً ذخيرة لأنظمة “هيمارس” الصاروخية، ومركبات مثل مدرعات “برادلي” القتالية، وناقلات جنود مدرعة من طراز “سترايكر”.
وستكون هذه الحزمة الثانية والأربعين التي توافق عليها الولايات المتحدة لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في فبراير/ شباط 2022.
ومن المرجح أن تثير هذه الخطوة غضب بعض حلفاء واشنطن والجماعات الإنسانية، الذين لطالما عارضوا استخدام القنابل العنقودية. وفي المقابل، يقول مؤيدو الخطوة إنّ روسيا تستخدم بالفعل هذا السلاح المثير للجدل في أوكرانيا، مشيرين إلى أن الذخائر التي ستوفرها واشنطن لها معدّل تفجير منخفض، ما يعني أنه سيكون هناك عدد أقلّ بكثير من الطلقات غير المنفجرة التي يمكن أن تؤدي إلى وفيات غير مقصودة في صفوف المدنيين.
- ما هي هذه الذخائر؟
الذخيرة العنقودية هي قنبلة تتكون من حاويةٍ تفتح في الهواء، وتنثر أعداداً من “القنابل الصغيرة” أو الذخائر الصغيرة المتفجرة، وذلك على مساحة واسعة. وتمّ تصميم هذه القنابل الصغيرة للقضاء على الدبابات والمعدات، وكذلك القوات، وضرب أهداف متعددة في الوقت نفسه.
ويتمّ إطلاق هذه الذخائر بالأسلحة المدفعية عينها التي قدّمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها بالفعل لأوكرانيا، مثل مدافع “هاوتزر”. وذكرت وكالة أسوشييتد برس أنّ نوع الذخيرة العنقودية التي تخطط الولايات المتحدة لإرسالها يعتمد على قذيفة من عيار 155 مليمتراً، وهي بالفعل قيد الاستخدام على نطاق واسع عبر ساحة المعركة.
ووفق “أسوشييتد برس”، فإنه كان للذخائر العنقودية التي استُخدمت في نزاعات سابقة معدل طلقات غير منفجرة مرتفع، وهو ما قتل وشوّه أشخاصاً بعد عقود، مشيرة إلى أن واشنطن استخدمت ذخائرها العنقودية آخر مرة في حرب العراق عام 2003، وقرّرت عدم الاستمرار في استخدامها مع انتقال الصراع إلى أماكن أكثر اكتظاظاً بالمدنيين.
- لماذا الآن؟
يقول محلل الأبحاث في منظمة الدفاع عن الديمقراطيات راين بروبست، لـ”أسوشييتد برس”، إنّ القنبلة العنقودية خيار جذاب، لأنها ستساعد أوكرانيا على تدمير المزيد من الأهداف بعدد أقل من الطلقات، مشيراً إلى أنّ الولايات المتحدة لم تستخدمها في أي صراع منذ حرب العراق، لذلك تتوفر لديها كميات كبيرة منها في المخازن، يمكن الوصول إليها بسرعة.
ويوضح بروبست أنّ الذخائر العنقودية أكثر فعالية من قذائف المدفعية العادية لأنها تلحق الضرر بمنطقة أوسع، مشيراً إلى أنّ “هذا أمر مهم بالنسبة لأوكرانيا، مع محاولتها تطهير المواقع الروسية شديدة التحصين”.
ويرى أن الاستفادة من المخزون الأميركي للذخائر العنقودية يمكن أن يعالج النقص في القذائف الأوكرانية، ويخفف الضغط على مخزونات قذائف 155 مليمتراً في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.
تقارير دولية
- هل يشكّل استخدامها جريمة حرب؟
لا يشكّل استخدام هذا النوع من الذخائر بحدّ ذاته خرقاً للقانون الدولي، إلا أنّ استخدامه ضدّ المدنيين قد يكون كذلك، إذ إنّه يتمّ، في كلّ تحقيق بجريمة حرب، النظر في ما إذا كان الهدف مشروعاً وما إذا كان قد تم أخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
وفي هذا السياق، يقول المدير المساعد في قسم الأسلحة في “هيومن رايتس ووتش” مارك هيزني، لوكالة أسوشييتد برس، إنّ الجزء من القانون الدولي الذي يبدأ فيه بلعب دور هو الهجمات العشوائية التي تستهدف المدنيين، مضيفاً: “لذلك لا يتعلق هذا بالضرورة بالأسلحة، ولكن بالطريقة التي يتم فيها استخدامها”.
وانضمت أكثر من 120 دولة إلى اتفاقية تحظر استخدام القنابل العنقودية، والتي وافقت على عدم استخدام هذه الأسلحة، أو إنتاجها، أو نقلها، أو تخزينها، وإزالتها بعد استخدامها، فيما لم توقّع كلّ من الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا عليها.
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش، في وقت سابق، كلاً من روسيا وأوكرانيا إلى الكف عن استخدام الذخائر العنقودية، وحثت الولايات المتحدة على عدم توفيرها. وقالت المنظمة إن القوات الروسية والأوكرانية استخدمت تلك الذخائر التي قتلت مدنيين أوكرانيين.
ويحظر قانون صدر عام 2009 تصدير الولايات المتحدة الذخائر العنقودية التي تتجاوز معدلات فشل القنابل الصغيرة فيها 1%، وهو ما ينطبق تقريباً على كل مخزون الجيش الأميركي. ولكن بوسع بايدن تجاوز الحظر، كما فعل سلفه دونالد ترامب، في يناير/ كانون الثاني 2021، للسماح بتصدير تكنولوجيا الذخائر العنقودية إلى كوريا الجنوبية.
ألمانيا تعارض
واليوم الجمعة، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، اليوم الجمعة، إنّ بلادها تعارض إرسال ذخائر عنقودية لأوكرانيا، موضحة أنّ ألمانيا تعارض ذلك أيضاً بصفتها من بين الدول الأعضاء في اتفاقية الذخائر العنقودية.
ولدى سؤالها عما قاله مسؤولون أميركيون، قالت بيربوك للصحافيين في مؤتمر للمناخ في فيينا، بحسب ما نقلته “رويترز” “تابعت التقارير الإعلامية. بالنسبة لنا كدولة طرف في اتفاقية أوسلو فالاتفاقية تنطبق في هذه الحالة”، في إشارة إلى اتفاقية الذخائر العنقودية التي أتيحت للتوقيع عليها في العاصمة النرويجية في عام 2008. وتحظر الاتفاقية استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الذخائر العنقودية.