تشهد فرنسا يوم غد الأثنين الأول من مايو/أيار والذي يصادف عيد العمال العالمي، يوما مرتقبا حيث يتوقع أن تعم البلاد إضرابات واحتجاجات واسعة ضد تعديل قانون التقاعد برفع سن المعاش من 62 إلى 64 عاما.
قناة “BFMTV” الإخبارية الفرنسية، قالت إن فرنسا تستعد ليوم تاريخي، قبيل عيد العمال، موضحة أن الاحتجاجات لم تهدأ بعد إقرار القانون المتنازع عليه في نظام المعاشات التقاعدية.
وتتوقع السلطات خروج ما بين 500 ألف و650 ألف شخص في شوارع البلاد، ومابين 100 ألف إلى 200 ألف في باريس لوحدها، كما تحذر السلطات من السفر غدا، استعدادا لاحتمالية تعطيل الرحلات بسبب الإضرابات، وفقا للقناة الفرنسية.
لكن النقابات تقول إن الملايين سيخرجون يوم غدٍ الأثنين، متوعدة الحكومة بـ”طوفان شعبي”، وأنها ستستمر في الإضرابات والاحتجاجات حتى تتراجع الحكومة عن قرارها.
في الوقت نفسه، تدعو النقابات إلى مسيرة شعبية كبيرة، كما حدث خلال الـ 12 يوما الأولى من التعبئة ضد تعديل القانون، حاملين أعلام اتحاد نقابات العمال، وستكون جميع النقابات وراء نفس اللافتة.
وتحسبا لحصول أعمال تخريب كما حصل في المرات السابقة، أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية عزمها نشر 12 ألف شرطي لمواجهة الاحتجاجات.
ونقل عن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان قوله اليوم الأحد: “سندفع بـ 12 ألفا من رجال الشرطة والدرك لمواجهة الاحتجاجات التي يتخرج في بلاده يوم الاثنين في ذكرى عيد العمال اعتراضا على قانون معاشات التقاعد الذي أقرته الحكومة في الـ 16 من مارس/آذار الماضي.
وكشف الوزير عن نشر 5 آلاف شرطي في العاصمة باريس وحدها لمواجهة أعمال الاحتجاج وما ينجم عنها من شغب وأعمال خرق للقانون وحرق للممتلكات، كما قال .
وتحتشد المعارضة والجمعيات ونقابات العمال في يوم عيد العمال، احتجاجا على إقرار قانون التقاعد دون تصويت البرلمان وذلك من خلال استخدام الحكومة لبند دستوري يمنحها الحق في ذلك.
وبعد تصديق المجلس الدستوري عليه ورئيس الجمهورية تمهيدا لدخوله حيز التنفيذ بداية من سبتمبر/أيلول المقبل، يجعل سن التقاعد الى المعاش عند 64 عاما بحلول العام 2030 وذلك بمعدل 3 أشهر كل عام.
ومنذ إقرار القانون، تشهد فرنسا موجة من الاضطرابات وأعمال العنف والشغب، اعتراضا على القانون الذي يقابل بأغلبية رافضة من الشعب الفرنسي، بينما يؤكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أنه لـ”صالح مستقبل فرنسا وسيقلل عجز الموازنة والضغط عليها”.
وشهدت الأيام الماضية اندلاع موجات من التظاهر باستخدام الأواني المنزلية، حيث يعبر الفرنسيون عن رفضهم للقانون بطرق “الكازرولات” على أبواب المؤسسات الحكومية مثل الأخبار وأقسام الشرطة، تنديدا بالقانون الذي اضطرت الحكومة لتمريرة دون تصويت البرلمان لعدم قدرتها على تأمين نصاب كافي لإقراره.
إلغاء ألف رحلة جوية
وانضم الى الإضراب الذي تدعوا إليه النقابات والاتحادات العمالية وجمعيات الشباب، قطاع النقل والمواصلات العامة في فرنسا، والطيران المدني، فضلا عن قطاع التعليم.
وكانت المديرية العامة للطيران المدني قد أعلنت عن إلغاء شركات الطيران لرحلات جوية تصل إلى الألف في مطارات باريسشارل ديجول وأورلي باريس في إضراب الأول من مايو/أيار . ويشكل هذا الرقم قرابة 33% ( ثلث الرحلات) التي تشهدها فرنسا يوم الإضراب.
وتشهد العاصمة الفرنسية باريس اضرابا مماثلا في مترو الانفاق والقطارات، حيث توقفت حركة بعض خطوط مترو باريس الجمعة، معلنة استكمال اعتراضها على القانون في الأول من مايو /أيار بالتزامن مع عيد العمال.
ماكرون يدافع عن مشروعه
ورغم الرفض الشعبي للقانون الذي وصل لأكثر من 80% من الفرنسيين وفقا لآخر استطلاعات الرأي، إلا أن ماكرون يستمر في الدفاع عن مشروعه في إصلاح قانون التقاعد.
وقال ماكرون الأسبوع الماضي إن “قضية المعاشات جزء من جدول أعمال لجعل فرنسا أقوى”، معتبرا أن “رفع سن التقاعد يعني العمل أكثر وإنتاج المزيد من الثروة للبلاد، إنه كفاح لكل فرد، هذا صحيح وأنا أدرك ذلك، لكنه مفيد بشكل جماعي”، حسب قوله.
وأضاف أنه “يدرك أن التعديل، الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، لم يلق قبولا جيدا، لكن كان عليه أن يعمل من أجل مصلحة البلاد”، على حد قوله.
وأردف بالقول:“ما يغذي اليأس هو أننا واحدة من الدول القليلة في أوروبا، التي لم تتغلب حتى الآن على البطالة الجماعية، واعتادت على تراجع التصنيع، لقد وضعنا حدا لذلك ونخلق فرص عمل ومصانع مرة أخرى”، لافتا إلى أنه إذا تُركت الصناعة تنهار، ستعاني الخدمات العامة كذلك.
يشار إلى أن الاحتجاجات ضد القانون بدأت في الـ19 من يناير/كانون الثاني الماضي، حيث نضمت النقابات 11 يوم تعبئة لغاية الآن، ويتوقع أن يكون غدا وهو اليوم الـ 12 من بين أكثر الأيام مشاركة، لاسيما أنه يتزامن مع عيد العمال.