شهدت فترة حكم الحزب الليبرالي بقيادة رئيس الوزراء جاستن ترودو العديد من الإخفاقات التي أثارت جدلاً واسعًا ومستمراً بين الكنديين وفي أروقة البرلمان. هذه الإخفاقات، إلى جانب السياسات المثيرة للجدل، أدت إلى تراجع شعبيته واضطراره إلى الاستقالة قبل الانتخابات الفيدرالية المقررة في أكتوبر 2025.
فيما يلي استعراض لأبرز القضايا التي واجهها ترودو وحزبه منذ توليهم الحكم في 2015:
عطلة أغا خان (2017)
في عام 2017، تعرض ترودو لانتقادات حادة بعد الكشف عن قضية “عطلة أغا خان”، حيث قام بزيارة خاصة إلى جزيرة خاصة مملوكة لرجل الأعمال أغا خان، وهو شخص له علاقات تجارية مع الحكومة الكندية. اعتُبرت هذه الزيارة انتهاكًا لقواعد النزاهة والشفافية، حيث إنها قد تشكل تضاربًا في المصالح. ووجدت لجنة النزاهة أن ترودو انتهك قواعد الأخلاقيات البرلمانية، مما أثار استياءً واسعًا بين الكنديين.
تشريع الماريجوانا (الحشيش) (2018)
في عام 2018، قامت حكومة ترودو بتشريع استخدام الماريجوانا لأغراض ترفيهية، وهو وعد انتخابي كان يهدف إلى الحد من الجريمة المرتبطة بالمخدرات. ومع ذلك، واجه التشريع انتقادات بسبب عدم وجود ضوابط كافية لتنظيم بيعه واستخدامه، مما أدى إلى مخاوف صحية واجتماعية.
فضيحة SNC-Lavalin (2019)
في عام 2019، واجه ترودو أزمة سياسية كبيرة عندما اتُهم بالتدخل في القضاء لمنع شركة SNC-Lavalin، وهي شركة هندسية كندية كبرى، من المحاكمة بتهمة الفساد. اتُهم ترودو بالضغط على وزيرة العدل السابقة جودي ويلسون رايبولد لحل القضية خارج المحكمة. أدت هذه الفضيحة إلى استقالة وزيرتين من حكومته وألحقت ضررًا بسمعته كزعيم يدعم النزاهة.
فضيحة الوجه الأسود (2019)
في نفس العام، ظهرت صور قديمة لترودو وهو يرتدي زيًا أسود الوجه في حفلة تنكرية عندما كان شابًا. أثارت هذه الصور غضبًا واسعًا واتهامات بالعنصرية، خاصة في مجتمع يعتز بالتنوع الثقافي. اعتذر ترودو عن الحادثة، لكنها أثرت على صورته كزعيم تقدمي.
وعد الإصلاح الانتخابي
كان ترودو قد وعد خلال حملته الانتخابية عام 2015 بإصلاح النظام الانتخابي الكندي، لكنه تراجع عن هذا الوعد بعد وصوله إلى السلطة. أثار هذا التراجع خيبة أمل لدى الناخبين الذين كانوا يتطلعون إلى تغيير جذري في النظام الانتخابي.
فضيحة مؤسسة WE Charity (2020)
في عام 2020، واجه ترودو انتقادات بسبب منح حكومته عقدًا بقيمة 900 مليون دولار لمؤسسة WE Charity لإدارة برنامج دعم الطلاب خلال جائحة كوفيد-19. اتُهم ترودو بتضارب المصالح بسبب علاقات عائلته الوثيقة بالمؤسسة، مما أدى إلى تحقيق برلماني وأضر بسمعته.
التعامل مع جائحة كوفيد-19
خلال جائحة كوفيد-19، قدمت حكومة ترودو مساعدات مالية كبيرة للأفراد والشركات، مثل برنامج دعم الأجور (CERB). ومع ذلك، تعرضت الحكومة لانتقادات بسبب التأخير في توفير اللقاحات وشراء كميات كبيرة منها دون استغلالها بشكل كامل، مما أدى إلى خسائر مالية. كما أثار فرض اللقاحات الإلزامية جدلاً واسعًا بين الكنديين.
تطبيق ArriveCan
واجه تطبيق ArriveCan، الذي أطلقته حكومة ترودو لتسهيل عملية تتبع المسافرين القادمين إلى كندا خلال جائحة كوفيد-19، انتقادات واسعة بسبب تكاليفه الباهظة وتعقيداته التقنية. كشف تقرير من مكتب المراجع العام الكندي أن التطبيق كلف الحكومة ما يقارب 54 مليون دولار، وهو مبلغ اعتبره الكثيرون مبالغًا فيه مقارنة بالوظائف البسيطة التي كان يؤديها. بالإضافة إلى ذلك، واجه المسافرون صعوبات تقنية في استخدام التطبيق، مما أدى إلى تأخيرات وإحباطات كبيرة. انتقد الكنديون والحزب المعارض حكومة ترودو بسبب سوء إدارة المشروع وعدم الشفافية في الإنفاق، مما أثار تساؤلات حول كفاءة الإدارة الفيدرالية في التعامل مع المشاريع التكنولوجية.
التعامل مع قافلة الحرية (2022)
في عام 2022، واجه ترودو أزمة سياسية أخرى مع احتجاجات “قافلة الحرية“، حيث احتج سائقو الشاحنات والمتظاهرون على فرض اللقاحات الإلزامية. استخدم ترودو قانون الطوارئ لإنهاء الاحتجاجات، مما أثار جدلاً حول مدى ملاءمة استخدام هذا الإجراء القوي.
أزمة المساكن وارتفاع أسعارها
تعاني كندا من أزمة سكن حادة، حيث ارتفعت أسعار المنازل بشكل كبير، مما جعل امتلاك المنازل بعيدًا عن متناول العديد من الكنديين. واجه ترودو انتقادات بسبب فشل حكومته في معالجة هذه الأزمة بشكل فعال.
دعم أوكرانيا واستياء الكنديين
أثار دعم حكومة ترودو لأوكرانيا بمليارات الدولارات استياءً واسعًا بين الكنديين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها كندا داخليًا. بينما أيد الكثيرون تقديم المساعدات الإنسانية والعسكرية لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، انتقد آخرون حجم الإنفاق الكبير على المساعدات الخارجية في وقت يعاني فيه العديد من الكنديين من ارتفاع تكاليف المعيشة، وأزمة السكن، ونقص الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية. شعر الكثيرون أن الأولوية يجب أن تكون لمعالجة المشكلات الداخلية قبل تخصيص مليارات الدولارات لدعم دول أخرى، مما أثار جدلاً حول أولويات الحكومة الفيدرالية ومدى استجابتها لاحتياجات المواطنين الكنديين.
الهجرة واللجوء
فتحت حكومة ترودو باب الهجرة واللجوء على مصراعيه، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد المهاجرين واللاجئين. ومع ذلك، تعرض النظام لانتقادات بسبب سوء إدارته وعدم التدقيق على طالبي اللجوء خاصة حيث تم ضبط اكثر من شخص في كندا متهم بقضايا إرهابية وكان بعضهم يخطط لها.
زيادة نسب الجريمة والسرقات وسرقة السيارات
شهدت كندا ارتفاعًا ملحوظًا في نسب الجريمة، بما في ذلك السرقات وسرقة السيارات، خاصة في المدن الكبرى مثل تورونتو وفانكوفر. واجهت الحكومة الكندية الليبرالية انتقادات بسبب عدم تحركها بشكل فعال لتعزيز التشريعات التي تحد من هذه الجرائم. كما أن قوانين الكفالة الحالية سمحت لأصحاب السوابق بالإفلات من العقوبات وتكرار جرائمهم، مما أثار غضبًا شعبيًا ومطالبات بتعديل هذه القوانين لضمان عدم استغلالها من قبل المجرمين.
تهالك النظام الصحي
يعاني النظام الصحي الكندي من أزمة حادة بسبب نقص الكوادر الطبية وطول فترات الانتظار للحصول على الخدمات الصحية. واجهت حكومة ترودو انتقادات بسبب عدم تقديم دعم كافٍ لهذا القطاع الحيوي، وعدم وجود تشريعات تسهل استقطاب الأطباء وأصحاب الكفاءات الطبية من الخارج. أدى ذلك إلى تفاقم الأزمة الصحية، خاصة في المناطق النائية التي تعاني من نقص حاد في الخدمات الطبية.
الطلاب الدوليون واستغلال تأشيرة الزيارة
أصبحت قضية الطلاب الدوليين مصدرًا للجدل، حيث يستغل بعضهم تأشيرة الدراسة للعمل بدلاً من الالتحاق بالجامعات أو الكليات. تشير التقديرات إلى وجود ما يقارب مليون ونصف طالب دولي في كندا، بينما هناك نحو نصف مليون مخالف لم يلتحقوا بدراستهم. أدى ذلك إلى ضغوط على سوق العمل والسكن، وانتقادات لحكومة ترودو بسبب عدم وجود رقابة كافية على هذه التأشيرات وعدم معالجة حالات المخالفين بشكل فعال.
السياسة الخارجية والدبلوماسية
زيارة الهند (2018): تعرض ترودو لانتقادات بسبب زيارته إلى الهند، حيث اتُهم بالتركيز على الصور الإعلامية بدلاً من تحقيق نتائج دبلوماسية ملموسة.
العلاقات مع السعودية: شهدت العلاقات توترًا بعد انتقاد كندا لسجل حقوق الإنسان في السعودية مما أدى الى قطع العلاقات مع السعودية وانسحاب العديد من الاستثمارات السعودية من كندا الى جانب سحب الألاف من الطلاب السعوديين من الدراسة في كندا!
الصين: واجه ترودو انتقادات بسبب تعامله مع أزمة احتجاز الكنديين في الصين، مثل مايكل كوفريغ ومايكل سبافور واحتجاز المديرة التنفيذية لشركة هواوي.
العلاقات مع أمريكا: لم يستطع ترودو الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة، حيث واجه تحديات في إدارة العديد من الملفات مثل التجارة والبيئة وها نحن نواجه ازمة جديدة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب!
الإنفاق وزيادة الدين الوطني
زادت حكومة ترودو الليبرالية الإنفاق بشكل كبير، مما أدى إلى ارتفاع الدين الوطني والعجز في الميزانية. وتعرضت الى انتقادات بسبب فشله في إدارة الاقتصاد بشكل فعال، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها كندا. ومن الجدير بذكره ان كندا تعتبر من بلد غني ومن اكبر الدول الصناعية والموارد الطبيعية في العالم وعضو في مجموعة السبع.
السكان الأصليون
وعد ترودو بتحسين العلاقات مع السكان الأصليين، لكنه واجه انتقادات بسبب عدم تحقيق تقدم كافٍ في معالجة قضايا مثل الفقر والتمييز وإمدادات المياه النظيفة.
ضريبة الكربون وغلاء الأسعار
فرضت حكومة ترودو ضريبة الكربون لمكافحة تغير المناخ، لكنها تسببت في زيادة أسعار الوقود والسلع الأساسية، مما أثار غضب العديد من الكنديين الذين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة أصلا وادى ذلك الى زيادة الأعباء المالية عليهم وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
الإنفاق العسكري والدفاع
واجه ترودو انتقادات بسبب عدم زيادة الإنفاق العسكري بشكل كافٍ، مما أثار مخاوف حول قدرة كندا على الوفاء بالتزاماتها الدفاعية.
المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة
تعرض ترودو لانتقادات بسبب موقفه من الصراع في غزة، حيث اتُهم بعدم القيام بدور فعال في دعم وقف إطلاق النار او المساعدة في اخراج الكنديين وعائلاتهم من غزة.
التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة
شهدت كندا ارتفاعًا كبيرًا في التضخم وتكاليف المعيشة، مما أدى إلى زيادة الضغوط المالية على الأسر الكندية. وواجه الحزب الليبرالي انتقادات كبيرة بسبب فشل سياساته الاقتصادية في معالجة هذه الأزمة التي يعاني منها معظم الكنديين.
الهجرة العكسية ومغادرة الكفاءات
شهدت كندا هجرة عكسية لأصحاب الكفاءات الذين غادروا إلى دول أخرى بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم وجود فرص كافية.
زيادة ضريبة رأس المال
واجه الحزب الليبرالي انتقادات بسبب زيادة ضريبة رأس المال، مما أثر على الاستثمارات والأعمال الصغيرة والتي تعاني أصلا، حيث أغلقت العديد من الشركات و المحلات أبوابها وأعلنت افلاسها!
اصطفاف الكنديين على بنوك الطعام
أدى ارتفاع تكاليف المعيشة إلى زيادة عدد الكنديين الذين يعتمدون على بنوك الطعام، مما أظهر فشل سياسات الحكومة الليبرالية في دعم الفقراء.
خسارة الكنديين لمنازلهم
أدى ارتفاع أسعار المساكن إلى خسارة العديد من الكنديين لمنازلهم، حيث اضطر البعض للعيش في خيم وسط المدن الكندية.
الحزب الليبرالي وعلى رأسه جاستن ترودو ونائبته وزيرة المالية المستقيلة كريستيا فريلاند الى جانب وزراء حكومته يتحملون مسؤولية كل تلك الإخفاقات خلال فترة حكمهم، بدءًا من الفضائح الأخلاقية والسياسية وصولاً إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية. أن الإخفاقات أثارت جدلاً واسعًا ومستمراً وأثرت على شعبية الحزب الليبرالي ككل والتي أدت الى انسحاب العديد من الوزراء والنواب منه واضطرار ترودو إلى الاستقالة قبل الانتخابات الفيدرالية المقررة في أكتوبر 2025.
فهل سيستطيع الحزب الليبرالي معالجة كل هذه القضايا بشكل فعال واستعادة ثقة الكنديين؟ هلا كندا