يصل العديد من المهاجرين إلى مونتريال ويقيمون فيها غير مدركين لإمكانية الاستقرار في مناطق المقاطعة. تحاول منظمات مجتمعية إقناعهم بالقيام بذلك.
’’تخفيف الضغط على مونتؤيال.‘‘ هذه هي العبارة التي يكررها حُسام داشين، مستشار في الهجرة الإقليمية في منظمة’’لوريونتيك‘‘ (L’Orienthèque) (نافذة جديدة)، وهي منظمة غير ربحية مقرها مدينة سوريل تراسي التي تبعد حوالي 86 كم عن مونتريال.
وتقدم المنظمة خدمات التوجيه والادماج للعمال، بمن فيهم المهاجرين.
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي خلال المعرض الوطني للعمل الذي أُقيم الأسبوع الماضي في الملعب الأولمبي في مونتريال، أوضح هذا المستشار المغربي الأصل أن منظمته تسعى ’’لإزالة الضغط على مونتريال باستقطاب جميع السكان الذين لا يستطيعون العثور على وظيفة والذين ليس لديهم عمل في مجال تخصصهم.‘‘
ولا تفتقد مناطق كيبيك لعروض العمل بل في العمالة.
هناك نقص كبير في العمالة في المناطق. لذلك لا تستطيع الشركات الوصول إلى انتاجية كاملة.
نقلا عن حسام داشين، مستشار الهجرة الجهوية
وفي تقرير عن الهجرة نُشر في يونيو حزيران الماضي، أشار’’معهد كيبيك’’ (Institut du Québec) إلى أنه في حين أن ’’منطقة مونتريال الكبرى وحدها تمثل 50,5٪ من سكان مقاطعة كيبيك، فإن ما يقرب من 85٪ من المهاجرين الذين يصلون إلى كيبيك يستقرون هناك أولاً. وهذه النسبة لم تتغير إلا قليلاً في السنوات الأخيرة.‘‘
وبالنسبة لمؤلفي هذا التقرير، ’’استقبلت 11 من أصل 17 منطقة إدارية في كيبيك من 2015 إلى 2019 في المتوسط أقل من 1.000 مهاجر دائم سنويّاً، بينما استقبلت منطقة مونتريال حوالي 37.000.‘‘
ومعهد كيبيك هو منظمة غير ربحية تنشر البحوث والدراسات حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة في كيبيك.
جاذبية المدن الكبيرة
بالنسبة لحسام داشين، فإن الوافدين الجدد لديهم صورة إيجابية عن المدن الكبيرة. ’’إنها مسألة إدراك. هناك اعتقاد سائد بأنّ مونتريال هي أجمل مدينة في كندا. وفي بعض الأحيان يتم الخلط بينها وبين عاصمة كندا.‘‘
ويضيف أن البشر يبحثون أيضًا عن أماكن يجدون فيها أشخاصًا يتحدثون لغتهم أو يعرفونهم، ومتاجر تبيع منتجات من بلدانهم الأصلية.
’’لكن منطقيا، كل هذا يمكن العثور عليه في أماكن أخرى غير مونتريال‘‘، وفقاً له.
نأتي من بلدان تعتبر المدينة الكبيرة مرادفًا للتطور والتنمية وتوفر الخدمات، بينما في كيبيك وكندا، في أي مدينة يبلغ عدد سكانها 20.000 نسمة، يمكنك العثور على نفس الخدمات الحكومية الموجودة في المدن الكبيرة.
نقلا عن حسام داشين
وعندما يسأل هذا الأخير الوافدين الجدد عن تعريفهم لمفهوم المنطقة، ’’يكون الجواب دائماً: الريف، البُعد ، سيارات الإسعاف التي تستغرق وقتاً طويلاً للوصول.‘‘
وتفضل المنظمات المجتمعية التوطين السريع للوافدين الجدد في المناطق.
’’نحاول توطينهم بسرعة في المناطق حتى لا يعيشون هجرة ثانية. الأولى كانت بمغادرة وطنهم الأصلي إلى مونتريال. إخراجهم منها لتولي وظائف جديدة وشراء بيت يشبه هجرةً ثانية.‘‘
وتعمل منظمة ’’لوريونتيك‘‘مع شبكة من المنظمات المجتمعية الشريكة في مونتريال. تقوم هذه الأخيرة بتوجيه المهاجرين نحوها.
’’نحاول ربطهم بالوظائف المتاحة في المنطقة‘‘، كما يوضح حسام داشين.
ووفقًا له، فإنّ ذلك لا يضر بنموّ مونتريال. ’’ما يحزنني هو أن هناك الكثير من الأشخاص من أصول مهاجرة في مونتريال حاصلين على درجة الدكتوراه في الرياضيات أو أطباء يشغلون كسائقي سيارات الأجرة أو عمّال التوصيل). يمكنهم الرفع من مستوى معيشتهم في المناطق.‘‘، كما قال هذا المستشار الذي نشّط محاضرة حول ميزات منطقة سوريل تراسي.
وتسمح هذه المنظمات لحسام داشين وزملائه بالاتصال المباشر بالمرشحين المحتملين للهجرة الجهوية. ’’يُسمح لي، على سبيل المثال، بالترويج للمنطقة في فصول تعليم الفرنسية.‘‘
ويوضح أن دوره ’’الأول‘‘ هو جعلهم يغيرون نظرتهم للمنطقة.
قد يخشى البعض فقدان الخدمات بالانتقال إلى منطقة ما. وبالنسبة لحسام داشين، ’’بالعكس، أنت تفوز، لأنك مثلاً عندما تذهب إلى الإدارة، لا تجد 100 شخص ينتظرون قبلك. وعندما تذهب إلى مصلحة الإستعجالات بالمستشفى، لا تنتظر 14 أو 18 ساعة.‘‘
وبالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن شبكتهم الاجتماعية ستتقلّص في المنطقة، يقول إن ’’انفتاح سكان كيبيك يعوّض إلى حد كبير الشبكة الاجتماعية التي يتركها المهاجر في مونتريال.‘‘
طالما لدينا لغة مشتركة [الفرنسية]، فإننا نزيل نقطع نصف مسار الاستقبال والإدماج.
نقلا عن حسام داشين
الاندماج هو عملية ثنائية الاتجاه
نظرًا لأن التكامل يفترض مسبقًا مشاركة شريكين، فقد خططت المنظمة أيضًا لبرنامج لزيادة الوعي بين السكان المحليين ورجال الأعمال في المنطقة حول ’’أهمية الهجرة والانفتاح على الثقافات الأخرى.‘‘
ونظمت ’’لوريونتيك‘‘ مؤخرًا حفلًا لجميع الشركات التي توظف أشخاصاً من أصول مهاجرة.
يوضح حسام داشين قائلاً: ’’لقد قمنا هذا العام أيضاً بدعوة الشركات التي ليس لديها موظفين من أصول مهاجرة.‘‘
وبعد الحفل، اتصل به عدد من الشركات التي كانت حاضرة ’’سألتني عن كيفية توظيف المهاجرين، لأنها تفتقر إلى موظفين‘‘، كما قال.
واتصل به مدير شركة كبيرة في مدينة سوريل تراسي بعد الحفل وأخبره ’’أنه رفض عقداً بقيمة 4 ملايين دولار بسبب نقص الموظفين.‘‘
و تفتقر هذه الشركة إلى موظفين لدرجة أنها قرّرت توظيف الطلاب المتخرجين في المنطقة.
وفي 17 نوفمبر تشرين الثاني ستُنظم ’’لوريونتيك‘‘ زيارة إلى منطقة سوريل تراسي للقادمين الجدد.
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي أوضحت روبي بول، عاملة مجتمعية مكلّفة بالتفاعل بين الثقافات، أن المنظمة ’’تنظم من ثلاث إلى أربع زيارات إلى المنطقة سنويًا.‘‘
’’نتجول في المنطقة ونزور الأماكن الرئيسية [بالحافلة]. نتحدث عن عروض العمل وكذلك إمكانية الاستقرار في المنطقة. نقدّم وجبة الغداء وتذكرة للعودة.‘‘
وتذكر روبي بول أنه ’’في المرة الأخيرة، نظمنا صالوناً صغيراً للعمل بمشاركة عشر شركات. أحبّ أصحاب العمل ذلك.‘‘