في وقت تشهد فيه أسعار الغاز زيادة كبيرة بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، تزداد محاولات إيجاد طرق فعالة ومنخفضة التكلفة لمواجهة برد الشتاء القادم. فكيف يمكن تعزيز قدرة الجسم على تحمل البرد؟
منذ أن خفضت روسيا صادرات الغاز الطبيعي لأوروبا بصورة كبيرة في أعقاب غزوها لأوكرانيا، ارتفعت أسعار الغاز، ويسعى الأفراد والشركات لتوفير الطاقة، ويشمل ذلك الحد من التدفئة في ظل تراجع درجات الحرارة. البعض يمكن أن يشعر ببرودة الطقس بسهولة. فهل يمكن تعزيز قدرتنا على مواجهة الشعور بالبرد؟
ويشير الخبراء إلى أن إحساس أي شخص بالبرودة يعتمد على الكثير من العوامل، من بينها النوع، والعمر والبنية الجسدية والتمثيل الغذائي. وعلى الرغم من أنه من الواضح أنه لا يمكن تغيير بعض هذه العوامل، فإن هناك عوامل يمكن تعديلها لتعزيز قدرة الجسم على تحمل البرودة، ولكن كيف؟ من خلال التأقلم.
ومثال على ذلك، تغيير الفصول في المناخ المعتدل.عندما تبلغ درجة الحرارة 13 أو 14 درجة مئوية في نيسان/أبريل، يبدو الطقس دافئا بالنسبة لنا، ونستطيع أن نخرج بدون ارتداء سترة، وفقا لما يقوله رالف برانديز، أستاذ علم وظائف الأعضاء في جامعة “غوته” في فرانكفورت في ألمانيا.
ويقول”مع ذلك، عندما تنخفض درجة الحرارة إلى 13 أو 14 في الخريف، نشعر بالبرد”، مضيفا أن أجسامنا تتأقلم مع درجة الحرارة سريعا.
ومن أجل استغلال تأقلم أجسامنا، يمكن تدفئة المنزل بصورة أقل، ومع ذلك سنظل نشعر بالراحة، بحسب ما يقوله توماس كروف، الأستاذ بمعهد “هايدلبرغ” لعلم وظائف الأعضاء والفيزيولوجيا المرضية، فإن تعزيز تحمل الشعور بالبرودة أمر ممكن من خلال التعرض الدوري، أو الأفضل اليومي، لدرجات حرارة أكثر برودة.
ويقول “نرى ذلك على سبيل المثال، بالنسبة للأشخاص الذين يعملون في أماكن مفتوحة… فهم يميلون إلى الحصول على مزيد من التمارين، و بذلك من المفترض لأنهم يتمتعون بالمزيد من الكتلة العضلية ومعدل أيض أساسي أعلى”، حيث إن معدل الأيض هو الطاقة اللازمة لكي يعمل الجسد بصورة سلسة.
ويضيف: “الشخص الذي يعمل كثيرا في أماكن مفتوحة ربما يحتاج لتغيير نظامه الغذائي أيضا، لأن زيادة معدل الأيض يتطلب الحصول على سعرات حرارية أعلى”.
ومع ذلك، يحذر من اكتساب طبقة حمائية من الدهون. فالدهون البيضاء الكثيرة، التي تعد النوع الأكثر شيوعا، وتخزن فائض السعرات الذي نأكله في عدة أماكن حول أجسامنا، تؤدي إلى البدانة. ويقول كروف: “الدهون البيضاء لها تأثير عازل، بالطبع، ولكن فقط في الأماكن التي تتمركز فيها “. ويضيف: ” تخزينها تحت الجلد يكون له هذا التأثير، ولكن تخزينها في الاحشاء ليس له هذا التأثير”.
كما أن هناك الدهون البنية، التي يعتقد أنها توجد فقط لدى الرضع. ويمتلك البالغون أيضا هذا النوع من النسيج الدهني، ولكن بكميات صغيرة، تنتج الحرارة لتنظيم درجة حرارة الجسم خلال ظروف الطقس الباردة. ولكن الرضع، الذين ليس لديهم عضل كافي لتوليد الحرارة الكافية، والذين أيضا أكثر حساسية للبرد مقارنة بالبالغين، يحتاجون الدهون البنية للحفاظ على درجة حرارتهم الأساسية.
وأظهرت الدراسات أن محفزات البرودة يمكن أن تزيد من نسبة الدهون البنية والمولدة للحرارة لدى البالغين. مع ذلك، مازال البحث في مراحله الأولى، وفقا لما قاله كروف. وأشار إلى أن ما هو واضح أن كل تغيير ضئيل في السلوك يمكن أن يجعلنا أقل حساسية للبرودة.
ويقول كروف إنه إذا رغب المرء في تعزيز مقاومته للبرودة بصورة أكبر، يمكن أن يتعود تدريجيا على تبادل الاستحمام بالمياه الساخنة والباردة. وكانت دراسة هولندية قد خلصت إلى أن ذلك لا يعزز قوة الشخص فقط، ولكن يبدو أن له تأثير إيجابي على النظام المناعي.
ويقول برانديز “الحساسية للبرودة تختلف بصورة كبيرة من شخص لآخر”، كما أنها تتفاوت بين أجزاء الجسم “عندما تلمس المياه الباردة سوف تلاحظ أن ساقك أقل حساسية للبرودة مقارنة بالبطن”. كما أن النساء يملن للشعور بالبرودة أكثر من الرجال، الذين يقول كورف “عادة ما يكون لديهم نسبة أعلى من الكتلة العضلية، وجلد أكثر سماكة”.
كما أن العمر له دور في الاحساس بالبرودة، ويقول كروف “الشباب عادة ما يتأقلمون بصورة أفضل مع درجات الحرارة المنخفضة حيث إن لديهم معدل أيض أساسي أعلى”.
ويشار إلى أن معدل الأيض الاساسي يمثل عدد السعرات التي يمكن للجسم حرقها للقيام بوظائفه الحيوية، والتي عادة ما تكون أقل لدى البالغين الأكبر سنا لأن لديهم كتلة عضلية أقل . ويوضح كروف ” أن التمتع بكتلة عضلية أكبر يعني أنه يمكن للجسم توليد مزيد من الحرارة”.
ر.م/ أ.ح (د ب أ)