توافد الآلاف من الأشخاص على بلدة صغيرة في ريف ولاية ميسوري الأمريكية، خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ لرؤية جثمان راهبة أمريكية من أصل إفريقي، لم يتحلل تقريباً منذ وفاتها في عام 2019.
راهبة أمريكية لم يتحلل جسدها رغم دفنها لمدة 4 سنوات
ووفقاً لما ذكره موقع The Guardian البريطاني، فإنّ بلدة غاور التي يبلغ عدد سكانها نحو 150 ألف نسمة، استقبلت الآلاف لمشاهدة جثمان الراهبة ويليلمينا لانكستر التي توفيت قبل نحو 4 أعوام.
في حين أفادت وكالة الأنباء الكاثوليكية بأن جثة لانكستر استُخرجت في 18 مايو/أيار 2023؛ من أجل نقلها إلى مثواها الأخير في كنيسة بالدير، بعد أربع سنوات من وفاتها في عام 2019.
ولكن عندما فُتح التابوت، كان جسد لانكستر سليماً ولم تكن هناك علامات على أي تحلل.
في حين أفادت وسائل إعلام أمريكية بأن جثة الراهبة لم يتم تحنيطها قط ودُفنت في تابوت خشبي متصدع عرّض جثتها للرطوبة والحطام.
فيما عثر المنقبون على طبقة من العفن على جسد لانكستر، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تكاثف التابوت المتصدع.
فيما قالت إحدى الأخوات في الكنيسة التي خدمت بها لانكستر، والتي طلبت عدم الكشف عن هويتها، لمجلة Newsweek الأمريكية: “أخبرنا موظفو المقبرة بأن نتوقع عظاماً فقط في هذه الظروف، حيث دُفنت الأخت دون تحنيط وفي تابوت خشبي بسيط” .
ومن المحتمل أن تكون لانكستر أول شخص أسود بالولايات المتحدة الأمريكية يتم العثور عليه في حالة عدم تحلل بعد الموت.
ما بين الرواية الدينية والرواية العلمية.. ما سبب عدم تحلل بعض الجثث؟
في كل من التقاليد الكاثوليكية والأرثوذكسية، يُعتبر عدم تحلل الجسد علامة إلهية على قداسة الشخص، ويبدو أن هناك أكثر من 100 قديس لم تتعرض أجسادهم للتحلل، وفقاً لما ذكره موقع Global Sisters Report الكاثوليكي الأمريكي.
في حين عزا الكاثوليك الأوائل الذين اكتشفوا أجساد قديسين غير متحللة، إلى معجزة من الله، أشهر هؤلاء القديسين كانت القديسة زيتا (شفيعة خادمات المنازل) التي بقيت جثتها بحالة سليمة رغم مرور قرون على وفاتها.
لا يزال جسد القديس زيتا معروضاً في كنيسة سان فريديانو في لوكا الإيطالية، على الرغم من أن الكنيسة قامت بتحنيطه منذ ذلك الحين.
حتى اليوم، لا يزال العديد من الكاثوليك يؤمنون بمفهوم “قيامة الجسد”، وهو الاعتقاد بأن جثث الموتى يمكن أن تقوم مرة أخرى.
في حين ينظر الأرثوذكس الشرقيون إلى الجثث غير المتحللة بتقدير كبير، وغالباً ما يربطون بينها وبين معجزات الشفاء.
إضافة إلى ذلك، يعتقد المسيحيون الأرثوذكس الشرقيون بقوةٍ أن عدم تحلل الجثة عامل مهم عند تحديد ما إذا كان يجب تقديس شخص ما.
من جهة أخرى، فإنّ للعلم رأياً آخر حول سبب عدم تحلل بعض الجثث، إذ يقول موقع Gizmodo العلمي، إنّ سر الجثث التي تبقى سليمة بعد الموت هو “شمع الجثث”.
ويضيف الموقع أنه عكس الأجسام التي تستسلم لعملية التحلل الطبيعية وتصبح علفاً للبكتيريا التي لا تترك شيئاً في النهاية، فإنّ شمع الجثة وهو عبارة عن مادة سميكة بيضاء، ينمو إلى الخارج من بعض الأجسام ويحفظها عن طريق حمايتها من المحفزات الطبيعية للتحلل.
ووفقاً لموقع Atlas Obscura، تم اكتشاف المادة لأول مرة على بقايا جثث الأطفال من قبل العلماء الفرنسيين الذين كانوا ينقبون بمقبرة للأطفال في باريس، وقد جاء الاسم العلمي الرسمي من الكلمات اللاتينية للدهن (Adeps) والشمع (Cere).
وحسب موقع Course Hero التعليمي الأمريكي، من المرجح أن المادة الشمعية تتشكل في بيئات رطبة ودافئة وقلوية عندما يتلامس الماء مع الأنسجة الدهنية الرخوة للجثة، هذا التفاعل الكيميائي بينهما يجعل الخلايا الدهنية للجثة أكثر صلابة، مما يؤدي في النهاية إلى تكوين طبقة صلبة حول الجسم للحفاظ عليها.
قديسون شهيرون لم تتحلل جثثهم
تعترف الكنيسة بنحو 100 قديس على أنهم غير فاسدين، أبرزهم:
القديسة سيسيليا
يعتقد بعض المؤرخين أن القديسة سيسيليا هي أول قديس أظهر جسده علامات عدم التحلل، فيما تزعم القصص أن القديسة سيسيليا أظهرت قدرات بدنية معجزة حتى في الحياة.
كانت القديسة سيسيليا شابة بقيت عذراء رغم زواجها، وعلى مدار حياتها القصيرة، أقنعت زوجها وآخرين باعتناق المذهب الكاثوليكي، وعندما طالب الملك الروماني ماركوس أوريليوس المسيحيين بالتخلي عن الكاثوليكية، رفض هؤلاء الذين تحولوا من قبل القديسة سيسيليا.
وعندما تم اعتقالها ولأنها كانت شابة في العمر، قرر الملك الروماني إعدامها بطريقة أقل عنفاً عكس ما كان سائداً فحبسها في حمام بخار منزلها على افتراض أنها ستختنق، لكنها تحملت طوال النهار والليل دون أن تظهر عليها علامات الأذى.
قبل أن يستعين الملك بجلاد متمرس، ضرب رقبتها بالسيف 3 مرات لكنه فشل في قطع رأسها وفرّ من المكان.
عاشت القديسة سيسيليا ثلاثة أيام وليالٍ وهي مصابة بجروح في رقبتها، قبل أن تموت.
القديس إدوارد المعترف
القديس إدوارد المعترف، قديس وملك إنجلترا، شخص آخر لم تتحلل جثته، إذ أذهلت جثته التي نبشت بعد 36 عاماً من وفاته، المتفرجين الذين وجدوا جسده سليماً تماماً.
ومع ذلك، فإن القديس إدوارد له أهمية خاصة، لأن جسده هو الجسد الوحيد لقديس موجود حالياً في كنيسة وستمنستر.
القديس أنتوني بادوفا
يستحق القديس أنتوني بادوفا أن يُدرج في قائمة القديسين الذين لم تتحلل جثتهم، لأن قصته تكشف تفاصيل مثيرة للاهتمام حول كيفية تعامل الكنيسة مع هذا الموضوع.
عندما استخرجت الكنيسة جثته بعد 336 سنة من وفاته، ظهرت على معظمها علامات التحلل عدا لسانه، وبالتالي فإنّ الكنيسة اعتبرت ذلك علامة على أن تعاليمه كانت كاملة لدرجة أن اللسان الذي كان يعطي المواعظ لا يمكن أن يتحلل.