حريق غابات دوني كريك (Donnie Creek)، الأكبر في تاريخ بريتيش كولومبيا، مستعر في شمال شرق هذه المقاطعة الواقعة في أقصى غرب كندا منذ 12 أيار (مايو).
بشكل عام، ما أن تنطفئ الحرائق، تجذب المناطق المحروقة الكثيرين إليها، سواء من جهات فاعلة في الصناعة الحرجية أو من الحيوانات البرية التي تجذبها كمية كبيرة من الأخشاب الميتة.
وتوحي مساحة الحريق، التي تزيد عن 5000 كيلومتر مربع، بأنّ التجدّد سيكون غير متجانس نظراً للتنوع الكبير في استخدام الموقع وشدة الحريق.
’’القطاعات التي احترقت مختلفة بنسبة كبيرة، بعضُها مناطق تجارية لقطع الأشجار والبعض الآخر ليس كذلك‘‘، يشير مارك أندريه باريزيان، الباحث في مركز غابات الشمال التابع لجهاز الغابات الكندي.
بمجرد أن تحترق غابة، يبدأ موكب حقيقي من الحيوانات، لاسيما الأنواع التي تجذبها على وجه التحديد الموادُ المتفحمة حديثاً.
’’إنه بوفيه مفتوح حقيقي للحيوانات التي تحب هذا الخشب الميت، مثل حشرات السابروكسيل، ومن ضمنها الخنافس. تضع البيض في الخشب، فتتغذى منه اليرقات. ثم هناك نقار الخشب ذو الظهر الأسود الذي يأتي ليأكل هذه الحشرات‘‘، يشرح دانيال كنيشاو، حامل الكرسي الاستراتيجي في مرونة الغابات وهشاشتها بوجه التغيرات المناخية في جامعة كيبيك في مونتريال (UQAM).
ويذكر كنيشاو أيضاً حيوانات الكاريبو، وهي صنف من الغزلان، التي يجتذبها الحزاز في المناطق التي طالها الحريق أقل من غيرها، وظهور عشبة السنفية، وهي نبتة ذات أزهار وردية تنمو في الأماكن المحترقة.
من جهته يخشى كيفين سميث، مدير البرنامج الشمالي في منظمة ’’داكس أنليميتد‘‘ (Ducks Unlimited) البيئية، من أنْ تغيّر الحرائق المتكررة نوع الغابات في المنطقة بشكل دائم.
’’المشكلة هي أنّ الغابة الشمالية التي تضم عدة مناطق ذات مناخ أكثر جفافاً وحراً يمكن أن تبدأ في التحول إلى سافانا عشبية‘‘، يقول سميث، فـ’’ما يأتي بعد (الحرائق) يختلف تماماً عمّا كان عليه من قبل‘‘.
والكلام نفسه يصدر عن باريزيان الذي يوضح أنّ الغابة الشمالية مرنة بشكل عام، لكن إذا ما احترق قطاع ما بشكل متكرر، فقد يضر ذلك بتجدّد الغابة.
وفيما يتعلق بتنقّل الحيوانات بسبب النيران، يقول باريزيان إنّ غالبية الحيوانات في غابة دوني كريك الشمالية، مثل الدببة السوداء والغزلان والأيائل والأغنام الكبيرة، قادرة على الهروب لأنها ’’معتادة على العيش مع حرائق كبيرة دورية، فالأمر يكاد يكون في حمضها النووي‘‘.
ومن وجهة نظر كنيشاو، فإنّ حجم المنطقة المحترقة في دوني كريك سيضمن في الوقت نفسه تجدّد الطبيعة وحصاداً ممتعاً لصناعة الغابات. وعندما ينطفئ حريق غابات، تظل الأشجار في الغالب واقفة وتمثل مادة أولية مثيرة للاهتمام لصناعة الغابات.
التحدي هو أن نكون قادرين على حصاد هذا الخشب قبل أن تدخله حشرات مختلفة. ووفقاً لكنيشاو هناك فترة قصيرة إلى حد ما، ’’مدتها عام أو اثنان‘‘، لأنّ الحشرات التي تضع بيضها في الأشجار تنشئ أنفاقاً كبيرة في جذوع هذه الأشجار، ما يحدّ من قيمتها التجارية.
ويجب التعامل مع قطع الأشجار في المناطق المحترقة مع مراعاة تحركات حيوانات الغابة، على سبيل المثال من خلال ضمان ممرات مشجرة، لأنّ بعض الطيور لا تحب عبور المناطق المعرضة للغاية.
من جانبه، يعتقد جيسي زيمان، مدير ’’اتحاد بريتيش كولومبيا للحياة البرية‘‘ (BC Wildlife Federation)، أنّ ممارسة الحصاد بعد حريق غابة قد عفا عليها الزمن، وهذا عائد جزئياً إلى التسرع اللازم لجمع هذه الأخشاب، ما لا يترك مجالًا كبيراً لاستراتيجيات ناتجة عن تفكير أعمق.
’’(إنها ممارسة) توجِد طرقاً ومسارات (في الغابة). فلا ترى الغابة تتجدد بسرعة كما لو كنتَ تركتَ تلك الأشجار وشأنها‘‘، يقول زيمان.
موقع راديو كندا،