رغم كون التكنولوجيا تخدم الإنسان وتساعد على تحسين حياته على كوكب الأرض إلا أن الذكاء الاصطناعي والرقمي زاد من قدرة المحتالين والمخادعين للحصول على المال خصوصاً مع توجه البشرية للتخفيف من المعاملات المادية المباشرة في أنشطتها.
عمليات الاحتيال في زمن التحكم بأدوات الذكاء الرقمي والاصطناعي، زادت قدرة المجرمين ووسعت خيالهم للاحتيال.
فيما يلي نماذج من بعض الطرق الجديدة في الاحتيال عبر الإنترنت التي اتسع مجالها في ظل تطور الذكاء الاصطناعي وانتشار التعامل الافتراضي.
جورج سانتوس نائب في الكونغرس الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بين صفوف الجمهوريين، تمكن من تزوير عدد من الأوراق الخاصة به، واعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي لتحسين صورته وتلميعها بصفته شاب متعلم ببراعة، ومن أصل يهودي مثلي الجنس وصاحب العديد من المنازل، في حين أنه برازيلي كاثوليكي ولديه مشاكل مع نظام العدالة في بلده، وهو منفصل عن زوجته.
لم يتم توجيه اتهامات إليه بسبب كذبه الذي جعل الكثيرين يقومون بانتخابه، وإنما بسبب الاحتيال المالي وغسل الأموال واختلاس الأموال العامة.
التقنيات الحديثة جعلت كل شيء ممكناً في ظل التكنولوجيا المتسارعة بشكل مخيف، وبات التزوير والاحتيال أموراً متاحة للجميع بتكلفة أقل ودون الحاجة إلى إتقان أجهزة الحاسوب أو الترميز، القليل من برامج الذكاء الاصطناعي ستجعلك خريج جامعة هارفرد أو مليونير في جولة حول العالم أو زير نساء وغيرها من الصفات.
روسيا أدركت قدرة حرب التكنولوجيا مُبكراً، فاستخدمت الذكاء الإصطناعي لصناعة الدعاية والتجسس وما شابه، ومن الممكن ذكر التلاعب بحملة “دوبلغانغر (Doppelgänger) الأخيرة التي أنتجت مواقع وروابط وهمية، اغتصبت الهوية المرئية للمواقع الحكومية والعديد من الصحف الأوروبية والفرنسية، بما فيها لوموند، مما أدى إلى مقالات روجت لروسيا وشوهت سمعة أوكرانيا والدول التي تدعمها.
الذكاء الاصطناعي التوليدي من نوع “شات جي بي تي” (ChatGPT) أيضاً أصبح قادراً على إنتاج محتوى مهذب وسليم اللغة، ويجعل اكتشاف المواقع المزيفة أكثر صعوبة، ويسمح بزعزعة الاستقرار الجيوسياسي، في حملات واسعة النطاق أو بجمع معلومات إستراتيجية، مثل حملة التجسس الإلكتروني التي نفذتها روسيا ضد قطاع الدفاع الأوروبي، كما صرح بذلك خبير الأمن السيبراني بينوا غونيموالد.
و استطاع موقع شبيه لموقع الوكالة الوطنية للمعالجة الآلية للمخالفات، من إنتاج رابط يطلب من الشخص إدخال التفاصيل الخاصة به، بما فيها التفاصيل المصرفية، لدفع غرامة مزعومة، وذلك بهدف جمع البيانات المصرفية الشخصية التي يتم بيعها على الويب المظلم.
مؤخراً قامت شركة رموت (Remote) التي توظف وتدير وتكافئ الموظفين في جميع أنحاء العالم نيابةً عن الشركات، باكتشاف أن أحد الموظفين الذين أراد أحد عملائهم تعيينه لم يكن موجوداً، إذ كان عبارة عن صورة جواز سفر تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأوضح المدير القانوني للشركة سام روس أن “المزيد من التحقيق كشف أن ملفه الشخصي على الشبكات المهنية قد تم تغييره باستخدام عدة وجوه مزيفة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي”.
أما هذه الأم فقد كادت أن تموت من الخوف، حيث تلقت جينيفر ديستيفانو مكالمة من ابنتها وهي تبكي قائلة: إنها اختطفت. وهدد الخاطف بإعدامها وطالب بفدية، إلا أن المحتال
في الواقع كان يستخدم صوت ابنتها المعاد إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي، إذ توجد مجموعات نسخ سهلة الاستخدام لعمليات الاحتيال مثل “مكالمة طوارئ عائلية” أو “احتيال على الرئيس”.
يتلاعب المحتال هنا بالضحية عبر الاستعجال والعاطفة واحترام التسلسل الهرمي، خاصةً فيما يتعلق بالشركات الكبرى التي تركز على المال والسمعة.
ومع أن هناك الآن أدوات لتمييز الصوت البشري عن صوت الآلة، فإن “هذه التكنولوجيا تتطور بشكل أسرع بكثير من التنظيم”، كما يقول محلل البيانات هاندي غوفن، مضيفاً أن الأمن لا يتعلق فقط بالتكنولوجيا، بل يتعلق أيضاً بالناس.
اليقظة يجب أن تكون سيدة أي موقف خاصةً عبر عمليات الشراء عبر الإنترنت والدفع الافتراضي، خصوصاً وأن الكثيرين يسمحون لهواتفهم بإدارة الرمز السري وأرقام بطاقات الائتمان الخاصة بهم.